الفصل العشائري إلى أين؟
علي الزبيدي
لم يَكن بودي أن أتناول هذا الموضوع في عمود صحفي لكني وجدت في تناوله خدمة للناس والمجتمع مما لحق به وما قد يلحق من أذى نتيجة تمادي الكثير ممن يعتبرون أنفسهم شيوخا وهم في الأساس بعيدون عن تقاليد وأعراف العشيرة وضوابطها الاجتماعية الصارمة والتي تحددهما كلمتان هما (الحظ والبخت) وهما ما اصطلح عليه عند العشائر والقبائل العريقة ميزان العدالة في فض أي نزاع عشائري مهما كان صغيرا أو كبيرا، إلا إننا نرى اليوم وللأسف الشديد أن الكثير ممن ارتدوا الزي العشائري وادعوا المشيخة هم في الأساس ليسوا شيوخا بالتوارث أو بالانتخاب الذي يأتي نتيجة المكانة الاجتماعية المرتبطة بالتقوى والصلاح ومخافة الله، ولو أمعنا النظر اليوم في الخارطة العشائرية لوجدنا أن هناك خللا كبيرا بين ما نعرفه عن العشائر سابقا فقد تشعبت العشائر حتى ليبدو أن كل بيت أو بيتين لا يتجاوز عدد أفرادهم العشرة رجال خرج منهم مدعٍ للمشيخة وأنا اعرف من خلال علاقتي بالكثير من رجال العشائر وشيوخها إن هناك معاناة حقيقية للشيوخ العموم للعشائر والقبائل العريقة في ظهور هذا العدد الكبير من الشيوخ وغياب الحظ والبخت في أكثر الجلسات العشائرية والتي قد تعقد لأتفه الأسباب والتي لا تستوجب التوقف والحديث فيها لكننا نرى من لا يعرف قيم العشيرة بات متسلقا لمشيختها أمام تراجع دور الشيوخ الحقيقيين عن أداء دورهم في المجتمع وحل النزاعات التي قد تحدث وصولا إلى حالة السلم الاجتماعي لكننا نرى العكس من ذلك اليوم فقد حدثني احد الزملاء قبل أيام إن جلسة فصل عشائري عقدت في إحدى المحافظات بسبب أن ابن الجيران طالب المتوسطة (كنك) على خط الانترنت لجيرانهم فبعث الجيران (كوامة) عشائرية باعتبار إن ما قام به الطفل هي (دوسة بيت الكترونيا) ومن هذه المشاكل ما هو أكثر إضحاكا حتى أصبح نصب الجوادر في الشوارع حالة عامة ومتعارف عليها، فرفقا بعشائرنا العريقة أيها السادة وان الله سبحانه وتعالى قال في محكم كتابه (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم) لقد قال سبحانه لتعارفوا ولم يقل لتعاركوا، ولكن مع الأسف الشديد أرى إن الكثير من مشايخ اليوم غابت عنهم حقيقة أنهم رجال إصلاح للمجتمع وتناسوا سنن العشائر وفروضها التي هي عبارة عن ضوابط للردع والإصلاح في آن واحد والدفع بالتي هي أحسن بين الناس ليعيشوا إخوانا متحابين وبارك الله بكل الشيوخ الذين يخافون الله ولديهم الحظ والبخت ولا ينظرون إلى جاه أو مال للإصلاح بين الناس