“بشتري راجل” فيلم مصري عن التبرع بالمني يصنف تحت فئة “16+”
يتناول الفيلم المصري “بشتري راجل” قصة امرأة شابة وناجحة في عملها تريد قلب العادات بسعيها إلى تحقيق حلمها بالأمومة عبر عملية تبرع بالمني، وكان لهذا العمل الكوميدي وقع العاصفة في المشهد السينمائي بالبلاد.
يروي فيلم “بشتري راجل” قصة شمس نور الدين وهي موظفة ناجحة في أحد البنوك وترفض الزواج رفضا قاطعا شرط أن تجد الحب الحقيقي. لكن شمس بلغت في نفس الوقت مرحلة من حياتها احتدمت فيها الرغبة في الإنجاب التي يضاعفها الخوف من فوات الأوان. هكذا قررت الشابة أن تبحث على فيس بوك عن متبرع بالسائل المنوي.
يتناول الفيلم الكثير من القضايا الشائكة في المجتمع المصري: أولها الجنس، ثم التلقيح الصناعي وأخيرا مكانة النساء. كما كان متوقعا، أثار الفيلم الذي صدر في 14 فبراير/شباط 2017 بالتزامن مع “عيد الحب”، جدلا واسعا لا سيما في وسائل الإعلام. وعادت هذه الضجة بالنفع على العمل الكوميدي الذي تصدر المراتب الأولى لشباك التذاكر عند صدوره، علما أن جهاز الرقابة على المصنفات الفنية أدرجه تحت فئة “16+” للجمهور السينمائي دون حذف أي مشهد.
لا شك أن خطة الدعاية التي انتهجها المنتجون ساهمت بشكل كبير في دفع الفيلم وتحقيق الإقبال الغفير على القاعات. فأنشأ المنتجون حسابا على فيس بوك بدى وكأنه تابع لفتاة تبحث جاهدة عمن يحقق لها حلم الأمومة دون الدخول في المسارات التقليدية والمعتادة التي تمر عبر الزواج أولا. جمعت تلك الصفحة آلاف المعجبين وأججت الجدل بين المعلقين، وهكذا أيضا ضمنت تغطية إعلامية “مسبقة” مميزة للفيلم.
فكتب موقع scoop empire المختص في الشرق الأوسط غداة إنشاء هذه الصفحة “الجريئة” على فيس بوك “لسنا بحاجة للقول إنه -التبرع بالمني- من أهم التابوهات الدينية والاجتماعية في كل البلدان العربية”. وتابع الموقع “الحساب أغلق الليلة الماضية، لكن الفتاة المصرة على رغبتها في الإنجاب أطلقت صفحة أخرى جديدة، داعية الرجال إلى النظر بجدية في مطلبها عوض شتمها، وواعدة بمكافأة مالية هامة مقابل التبرع” بالسائل المنوي.
وصفحة الفيس بوك المذكورة فجرت الأرقام من حيث المعجبين والمعلقين حتى قبل أن تعلن النجمة المصرية نيللي كريم مباشرة في التلفزيون أن الحساب كان “حيلة” للترويج لفيلمها الأخير.
“بشتري راجل” من إخراج محمد علي، وبطولة نيللي كريم ومحمد ممدوح الذي يتقمص دور طبيب بيطري يدعى بهجت أبو السعد وتجد فيه شمس ضالتها المنشودة. يشكل الفيلم ذو الصبغة الكوميدية الرومانسية منعرجا في مسيرة الممثلة نيللي كريم بعد أن ارتبطت لفترة طويلة بأدوار تراجيدية حزينة.
“تزوجا وأنجبا العديد من الأطفال”
من جهتها أكدت المؤلفة إيناس لطفي أنها استقت فكرة سيناريو “بشتري راجل” من قصة إحدى صديقاتها التي عاشت عدة علاقات عاطفية فاشلة قبل أن تخبرها أن العثور على زوج لم يعد يهمها بل تريد فقط إنجاب طفل حتى لا تبقى وحيدة. وكانت لطفي واعية بأن موضوع الفيلم جريء وقد يصدم الجمهور المصري فقررت أن تختار أسلوب الكوميديا الرومانسية لتسهيل طرحه. فصرحت للـ “بي بي سي” “لو كانت القصة مصنوعة في شكل دراما لكان من الصعب للجمهور تقبلها”.
التلقيح الصناعي مسألة شائكة في مصر، فرغم وجود عشرات المراكز الطبية للتخصيب ومعالجة العقم في البلاد، توجد أيضا العديد من الأحكام المسبقة حوله حيث يعتبره العديد أن العملية تشكل عارا وحراما. لتجاوز هذه العقبة الدينية والاجتماعية، تقترح شمس عقد زواج ليتوافق التلقيح الصناعي مع المعايير السائدة ويقضي بالطلاق بعد الولادة.
كانت بعض المواقف الإعلامية تجاه الفيلم إيجابية فأشادت مثلا المصرية لميس الحديدي في برنامجها الأسبوعي “هنا العاصمة” على قناة “سي بي سي” بالفكرة قائلة “يجب أن لا نخاف ونواجه الحياة بجرأة، وأظن أن الفيلم سيفتح عقولنا لمناقشة قضايا كثيرة نخشى مواجهتها”.
لكن الشريط لم يسلم في تركيبته وطريقة تناوله لهذا الموضوع الشجاع، من السقوط في شراك بعض الصور النمطية التي يسعى إلى تغييرها وتخطيها. فشمس هي سيدة ناجحة في عملها ومتميزة لكنها تصور على أنها عدوانية وقاسية وكأنها تأكد الموقف المنتشر في المجتمع بأن الاكتفاء الذاتي للمرأة ونجاحها يفقدها أنوثتها. فتشير مجلة cairo scene الإلكترونية المختصة في المشهد الثقافي وفن العيش في القاهرة، إلى أن والدة البطلة تعمدت إخفاء كل ثياب ابنتها عندما أدركت أن الزواج شكلي فحسب. فيقول الموقع إن الأم تحاول بهذا التصرف دفع شمس إلى “ارتداء ثوب خفيف أمام زوجها المزعوم وكأن الرجال بهائم لا تقدر على تمالك أنفسها عند رؤية قطعة بشرة”.
وربما أن النجاح الذي لاقاه الفيلم وإقبال الجمهور المصري عليه قائم فقط على نهايته حيث أحب البطلان بعضهما وأنجبا الأطفال، على الطريقة التقليدية.