“راجعين يا هوى”.. سوريون يعزفون فوق أنقاض المسرح في تدمر
بين الآثار المدمرة في مدينة تدمر السورية التي ألحق بها داعش أضرارا كبيرة قبل أن يسترجعها الجيش السوري مجددا الخميس، حط موسيقيون سوريون الرحال ليعزفوا ويغنوا من أجل العودة.
فوق أنقاض واجهة المسرح الروماني في مدينة تدمر الأثرية، تجلس الشابة أنجل ديوب لتغني “راجعين يا هوى، راجعين” بعد يومين على استعادة الجيش السوري السيطرة على المدينة من داعش
وإلى جانب أنجل، يعزف موسيقيون آخرون على آلات القانون والعود والكمان والدف فيما يمر قربهم جنود سوريون وعسكريون من روسيا. ومن بعيد تسمع أصوات انفجارات بعضها صادر عن تفجير ألغام وأخرى لغارات ما زالت تستهدف نقاط المقاتلين المتطرفين خارج المدينة.
وتقول أنجل، التي لم تتجاوز الخامسة عشرة من العمر “قليل من الدمار لا يعيقنا عن المجيء والعزف والغناء على هذا المسرح رغم ما لحق به”.
وتضيف الفتاة وهي عضو في فرقة “شام” الموسيقية، “أتمنى أن أغني وأعزف في كل مكان يخرج منه داعش الذي يكره الغناء ويحرّم العزف”.
واستعاد الجيش السوري الخميس بغطاء جوي روسي ومشاركة مستشارين روس مدينة تدمر في محافظة حمص بعد طرد داعش . وكان هؤلاء تمكنوا من الاستيلاء على المدينة مجددا في 11 كانون الأول/ديسمبر بعد ستة أشهر على طردهم منها المرة الأولى من قبل الجيش السوري.
وأقدم داعش المتطرف خلال الفترة الأولى على تدمير معبدي بعل شمين وبل وقوس النصر وقطعاً أثرية في متحف المدينة. وحطم مطلع 2016 التترابيلون الأثري وألحق أضرارا بواجهة المسرح الروماني، ما اعتبرته الأمم المتحدة “جريمة حرب”.
وفوق حجارة سقطت من واجهة المسرح الروماني، تغني أنجل الأغنية تلو الأخرى ويعلو صوتها مع أغنية “راجعين يا هوى”.
وتقول “غنينا +راجعين+ لأننا سنعود أقوى مما كنّا لنعمّر سوريا”، مضيفة “كلّ منا يعيد إعمارها بطريقته، ونحن نريد إعمارها بالموسيقى والغناء”.
“داعش الظلام والموسيقى نور”
ويعود تاريخ مدينة تدمر الملقبة أيضا “عروس البادية” إلى أكثر من ألفي عام وهي مدرجة على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) للتراث العالمي الإنساني نظرا لآثارها القيمة.
ومباشرة بعد استعادة الجيش السوري السيطرة عليها، سارعت الفرق الموسيقية إلى زيارة المدينة كجزء من جولة إعلامية نظمتها محافظة حمص نهاية الأسبوع الحالي.
وعند أحد أطراف المسرح الروماني تعزف ميساء النقري على آلة العود وتدعو الموجودين إلى التجمع حولها والغناء معها. تناديهم للصعود إلى المسرح وسط الحجارة المتناثرة حولها.
وتقول المرأة وهي في الثلاثنيات من عمرها “أراد تنظيم داعش أن يحرمنا من هذا المسرح، وأن يمنع عنا الغناء، وأردتُ أن أتحداه، وها أنا أتغلّب عليه”.
وتدعو النقري، بمعطفها الجلدي الأسود وشعرها الأجعد المصبوغ باللون الأحمر الداكن، الموسيقيين الآخرين للانضمام إليها والعزف سوية.
وتقول “داعش فكرة ظلامية، والموسيقى نور”، مضيفة “نحن هنا لنوصل صوت المرأة السورية المتحدرة من زنوبيا ملكة تدمر” في إشارة إلى ملكة تدمر الشهيرة التي شهدت المدينة في ظل حكمها أوج ازدهارها في القرن الثالث بعد الميلاد.