نص كلمة الجبوري خلال الحفل التأبيني لشهيد المحراب
بِسْم الله الرحمن الرحيم
الذوات الاكارم
الحاضرون الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحديث عن الشهيد والاحتفاء به مناسبة متفردة متميزة استثنائية ، ذلك انها لا تهتم بالحديث عن الحاضر ولا عن الغائب بل هو الحديث عن الغائب الحاضر الذي يفرض وجوده وموضوعه على القلوب والعقول ، ويفعل في النفوس ما لا تفعله الدروس لانه هو ذاته الدرس والعبرة والاخلاق والشيم والعطاء والكرم
والجود بالنفس أقصى غاية الجود
ومن هنا فالحديث عن صاحب الذكرى ، يأتي في مرحلة نحن بأمس الحاجة لاستحضار هذه المسيرة فيها واستخلاص الدروس والعبر منها ، في من منح حياته لقضيته وفكرته حتى قضى نحبه لاجلها وهو يقف على شرفات الإنجاز ويرى بعينيه ما عمل له طوال عقود من الجهد الفكري والسياسي والنضالي ليسلم الراية لاهلها بعد ان كون معية القيادة المتميزة التي حملت فكرته وقضيته وأكملت المسيرة من بعده على نهجه وخطته .
الحاضرون الكرام
لقد قدم العراق نهجا عمليا في فكرة التضحية والشهادة ، حين ضحى العراقيون وطوال السنين الماضية بارواحهم دون أي تردد وقدموا الغالي والنفيس لأجل أمن ومستقبل بدلهم وشرفهم وتاريخهم وحاضرهم ومستقبلهم ، وكانت حربنا ضد داعش المشهد الأخطر والاهم من بين تجارب العالم عبر التاريخ الإنساني في الشجاعة والاقدام والشهادة ، ولسنا هنا بصدد ضرب الأمثلة فهي كثيرة لا تحصى ، والأهم من كل هذا ان العراقيين لم يبخلوا على وطنهم بهذا الثمن الباهض رغم فداحة الخسارة ووجع مفارقة الأحباب والأبناء ، وها هم اليوم يواجهون الارهاب في الصولة النهائية وهو يلفض انفاسه الاخيرة ويتكبد الخسائر تلو الاخرى مع تقدم قواتنا البطلة في قلب الأحياء والأزقة الضيقة من ايمن الموصل ، رغم ان تحول المعركة الى طبيعة حرب الشوارع قد تكون أكثر حساسية وصعوبة ولكننا وبفضل الله وهمة المقاتلين الأبطال ماضون لنصرنا الاكيد بعون الله ، وَمِمَّا يزيد من قدرتنا على الاستمرار في المعركة للوصول الى الهدف المنشود “تحرير الانسان” هو الحفاظ عليه ، وحين يستلزم الحفاظ على حياة العراقيين اعادة النظر بالتكتيكات والاجراءات الأمنية والعسكرية فإن علينا ان لا نتردد في ذلك فالارواح اثمن من الأوقات والجهود والاموال .
سماحة السيد
الحاضرون الكرام
صار من اللازم ووفاءا لدماء الشهداء ان نبدأ بمشروع المصالحة الوطنية الحقيقي وان نترك خلفنا كل الشكوك والتردد وان نثق بقدرتنا جميعا على اجتياز المرحلة باقل الخسائر فقد حان وقت الحراك الحقيقي باتجاه استكمال الإجراءات العملية المتعلقة بالتسوية التاريخية ، على أن تسبقها اجراءات بناء الثقة المتضمنة احترام الاخر وعدم الاشتراط المسبق او الاستثناءات الانتقائية لهذا الطرف أو الجهة او الشخص او ذاك الا بمقدار ما منعه الدستور وحذر منه ، وعدم التأثر بردود الأفعال والتعامل بروح التوصل للحل لا الخصومة والانتقام ، وقد لمسنا خلال لقاءنا الامين العام للأمم المتحدة اول امس دعما وترحيبا واستعدادا من المنظمة الدولية لان تكون الطرف راعية وضامنة لهذه المشروع المهم ، على أن تكون الخطوة القادمة بتجاه تفعيل الحوارات التفصيلية ووضع الخطوات الإجرائية العملية في سقوف زمنية محددة لأجل مسمى بغية الانتهاء من مرحلة التسوية الأولى ، ونرى ان هذه الخطوة ستكون الرد الحقيقي والعملي على الارهاب ومراهناته وما يخطط له بعد القضاء على اخر جحوره في الموصل .
أننا ننظر إلى مقبولية او رفض كل الحوارات واللقاءات التي تنعقد هنا وهناك في داخل العراق وخارجه من خلال معيار أساسي وثابت وهو دعم العملية السياسية والالتزام بالحوار اسلوبا ومنهجا ، والايمان بوحدة العراق وسيادته .
السيدات والسادة
لقد استطاع العراق خلال الفترة القريبة الماضية من تحقيق العديد من الإنجازات على المستوى الأمني والسياسي واستطاع أن يؤكد حضوره الدولي من خلال التواصل مع العالم وتعزيز علاقاته بالدول العربية بمشاركته الفعالة في القمة العربية ومؤتمر اتحاد البرلمانات العربية ، ورغم كل التحديات من النواحي الاقتصادية والسياسية ووقوع العراق في نقطة الحرج بين المحاور الدولية والإقليمية الا انه استطاع أن يجد لنفسه المكان الذي يليق به والمساحة التي تستوعبه من خلال حواره مع الأشقاء والأصدقاء ، ما يتطلب مزيد من الانفتاح في دعم علاقاتنا بالعالم والانحياز نحو الحياد والإهتمام بشؤوننا الداخلية ، فلقد استنزفت منا القطيعة الكثير من الجهد والوقت والمال وضيعت علينا الكثير من الفرص التاريخية للعب دور الفاعل وليس الطرف ، فالعراق وخلال مسيرته الطويلة كان قطبا تتمحور حوله الأطراف الاخرى وتنتظر منه الموقف والتوجه ، ونحن نطمح لعودته العاجلة بين الكبار من الفاعلين الإقليميين
سماحة السيد عمار الحكيم
اصحاب السيادة والمعالي والسماحة
لقد قدم العراق نموذجا مهما وفريدا في التحدي والإرادة حيث استطاع ورغم كل الصعوبات من تجاوز الأزمات الماضية والتقدم بتجاه تحقيق ملامح الدولة المدنية التي نطمح لها ونعمل لتحقيقها من خلال مبدأ الفصل بين السلطات واستقلال القضاء وسيادة القانون والاعتداد بالدستور كمرجع أساس في كل حواراتنا ، إضافة إلى ما قدمه مجلس النواب من جهد نوعي سبق الكثير من المؤسسات التشريعية في البلدان المماثلة واستطاع البرلمان وخلال دورته الحالية أن ينجز العشرات من القوانين ذات المساس بالخدمة العامة وتسير امور الدولة ، اضافة الى جهده الرقابي في الإشراف والتمحيص على اداء السلطة التنفيذية من خلال جملة الاجراءات الرقابية للعديد من المؤسسات التنفيذية وقد قابل هذا الجهد تفاعلا مسؤولا من قبل الحكومة وتفهم كبير لطبيعة النظام السياسي الذي قرره الدستور ، ونحن نعمل على منع اي غرض سياسي في هذا الدور وإبقائه في مساحته المهنية والدستورية التي تصب في مصلحة الشعب وتحافظ على مسيرة العملية السياسية والنظام العام .
الف تحية لتضحيات الشهداء في يوم الشهيد وألف تحية لكل من ناضل من اجل العراق من كل المكونات والاطياف والتوجهات
وألف تحية لشهدائنا الأبطال في جبهات القتال الذين قدموا ارواحهم ليبقى العراق عزيزا قويا شامخا ، والرحمة والرضوان لصحاب الذكرى سماحة السيد محمد باقر الحكيم ولكل الراحلين من ال الحكيم ، والتوفيق لمن يحمل اليوم رايتهم بجدارة واقدام من اجل بلده وامته سماحة الأخ السيد عمار الحكيم
المجد للشهداء
والعز للعراق
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته