الضربة الامريكية، ستعقد الازمة السورية

الضربة الامريكية، ستعقد الازمة السورية

فرح “داعش” و”جبهة النصرة” بالضربة الامريكية على مطار “الشعيرات”، كما فرح ايضاً بالضربة الامريكية على بيوت اتخذتها “داعش” دروعاً بشرية في الجانب الايمن للموصل. فاستغلت “داعش” الضربة، وكانت سبباً لتباطوء المعارك، كما ستقوي الضربة الامريكية في “الشعيرات” المنظمات الارهابية اساساً.
اننا مع معاقبة اي نظام يضطهد شعبه. هذا هو موقفنا مع حكومتنا سابقاً وحالياً، وهو موقفنا مع اية حكومة اخرى سواء اكانت في البحرين او السعودية او مصر او سوريا. بالمقابل لم نقدم ولا نقدم التصدي للانظمة على التصدي للارهاب، ونعتبر ان اية محاولة لحرف البوصلة وتقديم الخلافات الاخرى – مهما كانت مهمة – هي جائزة مجانية تعطى للارهاب الذي هو عدو الجميع. فلو كان النظام السوري هو الذي قام بالتفجير الكيمياوي فيجب ان يعاقب. لكن ماذا لو كانت “النصرة” التي تسيطر على “خان شيخون” تختزن “الكيمياوي”؟ خصوصاً وان الامريكان انفسهم يعلمون ان “داعش” (حليفة النصرة) استخدمته في العراق. اما العقوبة فيجب ان لا تكون بقرار انفرادي يخترق السيادة وبعيداً عن التحقيق واحترام القانون الدولي. فكم من مرة يجب ان تجرب الولايات المتحدة هذه السياسات لتبرهن لنفسها قبل ان تبرهن للعالم، ان هذه الاعمال، ستقودها لمنزلقات خطيرة، وان نفس الرأي العام والدول التي ستؤيدها في بداية التورط، ستقف ضدها عندما تتحرك التداعيات، كما حصل في فيتنام، والعراق وغيرهما.
لا حل للازمة السورية ما لم يتم التعامل مع المعارضة السورية المسالمة والبعيدة عن الارهاب بكل احترام وعلى قدم المساواة لتشكل مع قوى النظام، الراغبة بالتغيير والقادرة عليه، مرتكزات الحل.. وهو ما سارت عليه مفاوضات “الاستانا” و”جنيف 5″. وهو موقف اكدناه مراراً لاصدقائنا من الطرفين من سوريين وغير سوريين، بما في ذلك للرئيس الاسد نفسه. وقدمنا رؤانا في رسائل خاصة وعلنية ومنها افتتاحية بعنوان “رسالة مفتوحة الى صديق سوري” في 30/3/2011 في بداية الازمة تضمنت بالنص: [“1- تشكيل لجنة حوار بين القيادة السورية والجبهة الوطنية التقدمية، والقوى المعارضة، النافذة شعبياً.. ومنع العنف والتطرف، باي شكل ومن اي طرف. 2- اطلاق سراح المعتقلين وسجناء الرأي.. وتقديم الحلول الاصلاحية، لا الحلول الامنية. والتحقيق الجاد في ضحايا الاحداث. 3- انهاء حالة الطوارىء بقرار رئاسي (الدستور/المادة 101)، واذا كان بالنية اصدار قانون الارهاب بدله.. فالاصح ان تقره لجنة الحوار بعد شرح ضروراته. فكسب الثقة، اهم شيء لكسب المعركة. 4- اقرار قانون الاحزاب والترتيبات -بالتعاون مع لجنة الحوار- لاجراء الانتخابات والتعديلات الدستورية، خصوصاً انهاء فلسفة وممارسة الحزب القائد، وبالذات المادتين (8) و(84). 5- اتخاذ اجراءات حازمة ضد الفساد حتى ولو شملت الدوائر القريبة.. 6- تحقيق اصلاحات اقتصادية وخدمية واجتماعية وحرية التعبير والتظاهر السلمي (المادة 39). ستقف دوائر حاكمة ومعارضة ضد اي اجراء، كل لاغراضه.. لكن الوقوف امام الله والضمير والشعب يتقدم اي اعتبار.. فلابد للاجراءات ان تكون جادة وسريعة ومقنعة.. فما يمكن عمله اليوم سيصبح متعذراً غداً. وهنا دور القيادات الجريئة الشجاعة الشابة المسؤولة، ومن كل الاطراف.”]
استخدم الكيمياوي في حلبجة جهاراً نهاراً (16/3/1988) وقتل فوراً حوالي 5000 شهيد، ولم يعاقب النظام يومها، وغطي على العمل، واتهمت ايران، بعد ان اقتضت المصالح الدولية والاقليمية ذلك.. ومع اجتياح الكويت (1990)، تغيرت المصالح، وعوقب النظام بعد 15 عاماً (اذار 2003). وقعت جريمة “خان شيخون” يوم 4 نيسان وقُصف مطار “شعيران” بعد 3 ايام.. أو ليس من المنطقي ان تعطى فرصة لاسابيع او لايام لاجراء تحقيق دولي محايد لمعرفة الفاعل الحقيقي للجريمة ومعاقبته؟
اجتيج العراق للقضاء على اسلحة الدمار الشامل، وكان سبباً مباشراً لتقوية “القاعدة” و”داعش”.. وان ضرب “الشعيرات” سيقوي “النصرة” و”داعش”، بعد ان برهنت الاشهر الاخيرة ان التعاون الدولي والاقليمي لاستنهاض قوى المعارضة والنظام (حتى مع وجود خلافات عميقة) والتقريب بينها، هو ما يضعف قوى الارهاب ويفتح الطريق لدحرها ولوضع ترتيبات سياسية وامنية تنهي معاناة شعوبنا.
عادل عبد المهدي

تابعونا عبر تليغرام
Ad 6
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com