عادات يومية تتفوق على تناول الطعام في زيادة الوزن
يستبعد الكثيرون أن يكون لعاداتنا اليومية تأثير أكبر من تناول الطعام على أوزاننا ويربطون ارتفاع نسبة الدهون في الجسم بكمية السعرات الحرارية التي يستهلكها. الأمر ليس بتلك البساطة، فبعد أن ثبت سابقا أن كثرة الخمول وقلة الحركة تسهمان في تخزين الغذاء دون حرقه وتحويله إلى طاقة، تبين أن بعض تفاصيل حياتنا اليومية يمكنها أن تشكل أرضية للسمنة دون أن ندري.
بينما نؤمن بأن الطعام هو المسبب الرئيسي لزيادة الوزن والتعرض لمرض السمنة المفرطة، تبين أن ثمة أشياء أخرى تؤدي إلى النتيجة ذاتها، وذلك على الرغم من انعدام العلاقة بينها وبين الأطعمة ونسبة الدهون الموجودة في الجسم، مثل مساحيق التجميل التي تقتنيها المرأة، وديكور البيت وبعض برامج التلفزيون.
تقول د. نوال عبدالرحيم، أستاذة التغذية بالمعهد العالي للصحة العامة بالإسكندرية، هناك أشياء يقوم بها الإنسان تسهم في زيادة وزنه بصورة قد تفوق تأثير الطعام وفي مقدمتها الإفراط في مشاهدة التلفزيون. وليس المقصود هنا مشاهدة الأفلام والمسلسلات فقط، بل إن رؤية برامج الطبخ أيضا من الأشياء التي تجذب المرأة وتلفت انتباهها. فمن المتعارف عليه أن الجلوس طويلا أمام التلفزيون يعزز رغبة الإنسان في تناول الأطعمة والمأكولات، وعليه تزداد نسبة الدهون في الجسم تدريجيا إلى أن يصل الشخص إلى مرحلة السمنة المفرطة. ولكن تعد مشاهدة برامج الطبخ سببا خفيا يسهم في زيادة نسبة الدهون. وبينما لا تدرك المرأة حجم خطورة هذا السلوك، تزيد متابعتها مع مرور الوقت لهذه النوعية من البرامج وغالبا ما يكون الدافع إلى ذلك هو الاطلاع على كل ما هو جديد في هذا المجال وتطبيقه بالصورة التي تصبغ حياتها بشيء من الاختلاف، ما يسهم في خروجها عن الروتين.
وأضافت أستاذة التغذية أنه لإثبات صحة وجود تأثير لمشاهدة برامج الطبخ على الوزن أجريت عدة دراسات، وجميعها أثبتت أن مشاهدة برامج الطهي باستمرار تؤثر على النموّ الطبيعي للوزن، حيث تقوم المرأة بتطبيق ما تشاهده في منزلها، ما يترتب عليه ارتفاع مستوى الشهية، ومن ثم زيادة الوزن.
مشاهدة برامج الطهي باستمرار تؤثر على النمو الطبيعي للوزن، حيث تقوم المرأة بتطبيق ما تشاهده في بيتها
كما يضاعف حجم الأواني والأطباق المستخدمة للأكل من نسبة الدهون الموجودة في الجسم، إذ يؤدي استخدام أطباق كبيرة الحجم إلى زيادة نسبة الطعام حتى وإن لم يعتد الشخص على تناول هذا القدر. ولكن بمجرد استخدامه لأوان ذات أحجام كبيرة تزداد هذه النسبة تلقائيا. وهنا يوصي خبراء التغذية بالتحكم في كمية الطعام منذ البداية عبر اختيار أحجام متوسطة إلى صغيرة والابتعاد تماما عن الأحجام الكبيرة.
ويبقى الشعور بالذنب أيضا من الأسباب التي تؤدي إلى زيادة الوزن، وذلك لقرب مركز الشهية الموجود بالدماغ من مركز الشعور، لذلك تؤثر المشاعر السلبية التي تسيطر على مزاج الإنسان في كمية الطعام التي يتناولها.
من ناحيته يشير د. عماد فهمي، استشاري علاج السمنة والنحافة، إلى أن هناك ما يسمى المطبخ المفتوح، الذي يعني أن يكون الطعام متاحا طيلة الوقت أمام الفرد، ما يؤدي بدوره إلى زيادة الوزن. ففي هذه الحالة يُكثر الإنسان من تناول الأطعمة دون توقف. وفي حال كان لدينا مطبخ مفتوح من الأفضل وضع الطعام المتبقي في الثلاجة أو طبخ كمية محدودة من الأكل تكفي لوجبة واحدة أو وجبتين على أقصى تقدير، حتى تقل فرص الإصابة بالسمنة نتيجة الإفراط في تناول الأطعمة.
يشار إلى أن أثاث المنزل يعد أيضا من مسببات السمنة، فهو يحتوي على العديد من المواد الكيميائية التي تؤثر في مستوى مقاومة الأنسولين في الجسم، وبالتالي تزيد نسبة السكريات وتزيد نسبة الدهون وقصور عمل الخلايا التي تساعد الكبد على امتصاص الزائد من مادة الغلوكوز.
ويوضح فهمي أنه بإجراء بعض الدراسات العلمية من قِبل عدد من الباحثين حول الأسباب الأخرى التي تؤدي إلى زيادة الوزن، تبين أن من بينها فرط استخدام المرأة لمواد التجميل، إذ أنها تستخدم يوميا أكثر من 20 نوعا من المساحيق.
وتحتوي هذه المساحيق على مواد ضارة لا تترك فقط آثارها على الجلد بل على الجسم بأكمله، ومنها ما يؤدي مع الوقت إلى زيادة نسبة الدهون. كما أن بها مادة خطيرة يُطلق عليها اسم “تبهاب” تؤثر بدورها على مستوى أداء الغدد الصماء المسؤولة عن تكوين وإفراز الهرمونات، حيث يؤدي اضطراب عملها إلى إصابة الإنسان ببعض الأمراض مثل السمنة. توجد هذه المادة بنسبة أعلى في طلاء الأظافر، كما توجد في طلاء الشفاه ولكن بنسبة أقل، وهي من المواد التي يقوم الجسم بامتصاصها سريعا، لذلك تؤثر تأثيرا شديدا على عمل الغدد.
وعن أكثر الأسباب إثارة للدهشة في زيادة الوزن نجد متابعة الأخبار يوميّا، خاصة السياسية منها، لكونها تعكّر الحالة النفسية للإنسان، ما يدفعه إلى تناول كمية من الأطعمة أكبر كثيرا من تلك التي يتناولها في حالته الطبيعية.
كما أن التعرض الدائم للضوء الأزرق الصادر من الأجهزة الإلكترونية يدفع الإنسان إلى المصير ذاته، لأنه بعد مرور أقل من 20 دقيقة يزيد من رغبة الإنسان في تناول الطعام، وبمرور الوقت يزداد وزنه.
وبينت منظمة الصحة العالمية أن الوزن الزائد يرتبط بالإصابة بالكثير من الأمراض المزمنة والخطرة مثل أمراض القلب والأوعية الدموية (النوبات القلبية والسكتات الدماغية في المقام الأول) التي كانت سبب الوفاة الرئيسي في عام 2012، ومرض السكري والاضطرابات العضلية الهيكلية (وخصوصاً الفُصال العظمي- وهو مرض تنكسي يصيب المفاصل ويسبّب العجز إلى حد بعيد) وبعض أنواع مرض السرطان (سرطان الغشاء المبطن للرحم، وسرطان الثدي، وسرطان المبيض، وسرطان البروستاتا، وسرطان المرارة، وسرطان الكلى، وسرطان القولون). وتزيد مخاطر الإصابة بهذه الأمراض غير المعدية مع زيادة معدل كتلة الجسم.