القوانين المعطلة.. رهان الثقة الشعبية
كريم السيد
صيف ٢٠١٥ وعند إنطلاق التظاهرات وسلسلة الإحتجاجات الشعبية كانت الجماهير تندفع بحماس لتهتف وتعبر عن وصولها عند اللحظة المفصلية للنزول الى الشارع والتعبير عن رفضها لمسار السياسات الخاطئة التي قادت العراق لما هو اليوم؛ محافظات محتلة وخارج إطار الدولة، إقتصاد قلق وبطالة كبيرة، قوانين معطلة، ترد وغياب للخدمات وسوء إدارة للموارد فساد ينخر المؤسسات وخلافات سياسية تشنج الجميع.. الخ. في تلك الفترة أتذكر الحال جيدا وأتذكر إني كنت عائد من ساحة التحرير مع سيل من المتظاهرين وهم يتحدثون في شؤون البلاد وتقييمهم للإحتجاج، سمعت أحدهم بقول: “كل الحلول مجرد الكلام، الحل الحقيقي يكمن في حل مجلس النواب”. عندها تدخلت لأني شعرت بأن اللحظة هي للوعي، ومن الخطأ ان يتحدث متظاهر لجمع حركوا رؤوسهم تأييدا لرأي يطعن قلب العمل الديمقراطي ويتنافى تماما مع حرية التعبير، قلت للمتحدث وقتها بأن الإشكالات التي تطرح في المجلس او ما يصار الحديث عنه لا يعني بالضرورة أن وجود المجلس هو المشكل. المشكل الحقيقي هو في تقييم أداء عمل المجلس وليس في وجوده، هذا لأنه ضمانة الشعب بإقرار القوانين والتشريعات وان من فيه ممثلين للشعب، هكذا يقول الدستور، أليس كذلك؟. عند هذه التفصيلة صار الحديث يتجه بأتجاه آخر، فالشباب أخذوا يتحدثون في جانب وجود تشريعات تدعم المواكن وتزيل العقبات وتحقن إستقرار البلاد، كل هذا لن يتحقق مالم تشرع حزمة قوانين وتشريعات تغير المسار، وهذا بيت القصيد.
على ذلك؛ ساهمت حركة الاحتجاج بالضغط على السلطتين التشريعية والتنفيذية لإحداث تغيير في العمل السياسي بشكل عام، وأسم ذلك بجملة تشريعات وحراك نيابي وتغييرات وزارية وهو ما انعكس على حسن سير أداء المؤسستين وتقارب وجهات النظر والرؤى، حتى ان الجلسات صارت تتخم بالقوانين وتتوالى القراءات، لكن ما يؤشر ان بعض منها أخذ طريقه للحياة لكن بعضها لازال معلقا ينتظر التشريع.
في نظرة خاطفة يمكننا القول ان نشاط المؤسسة التشريعية على صعيد الإقرار بدأ يأخذ منحى مهما بالتطور والإهتمام وهو ما عزز برؤية رئاسة مجلس النواب في لقائها الأخير برؤساء الكتل النيابية في نيسان الحالي للبحث جديا بالمضي في تشريع وحسم القوانين المعطلة حتى وان تطلب الأمر تمديدا للفصل التشريعي مع منع الإجازات والتشديد على حضور النواب وإكمال نصاب الجلسات. ولذا فإن المطلوب الان ان تبدي الكتل السياسية جدية وحرص على تمرير القوانين المعطلة ومنها مشروع قانون حجز ومصادرة اموال اركان النظام السابق وقانون العطلات الرسمية وقانون مجلس الخدمة الاتحادي وقانون الانتخابات. وغيرها. وان تضع بحسابها كم الوقت المهدور والضائع من عمر هذه الدورة التي انجز فيها الكثير ولكنها تحتاج لأن تتوج هذه الجهود بأن لا تبقي خلفها مشاريعا مثلما فعلت الدورات السابقة، هنا ستكون قد وضعت بصمتها الحقيقية في خدمة الشعب وتعزيز ثقته في المؤسسة التشريعية خصوصا وان هناك سباق إنتخابي ينتظر الجميع بلا إستثناء.