هل سيتم التجاوب مع مطالب المعارضة بإلغاء نتائج الاستفتاء التركي ؟ وماهي ابرز التحديات في طريق اردوغان ؟
لماذا تضاءل عدد المهنئين الاوروبيين للرئيس اردوغان؟ وهل سيتم التجاوب مع مطالب المعارضة بالغاء نتائج الاستفتاء؟ وهل سيكون موقف الرئيس التركي اقوى في المستقبل؟ وما هي ابرز التحديات في طريقه؟
الرئيس رجب طيب اردوغان كان لاعب كرة قدم بارعا في شبابه، وكان دائما يفضل اللعب في خط الهجوم وتسجيل الاهداف، ولهذا لم يكن غريبا عليه ان يقول في اول حديث لمحطة “سي ان ان” التركية بعد فوزه في الاستفتاء بنسبة لا تزيد عن 51.4 بالمئة، “المهم هو الفوز وليس عدد الاهداف”.
لا شك ان الفوز مهم، ولكن عدد الاهداف مهم ايضا، خاصة في اللعبة السياسية، وفي بلد منقسم على نفسه مثل تركيا، ويواجه مشاكل داخلية واخرى خارجية متفاقمة، فالمعارضة تتكتل ضد الرئيس الفائز، وتتحدث عن تجاوزات وتزوير في عدد الاصوات، وتطالب بالغاء النتائج، وهدد حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي اليوم الاربعاء بالانسحاب من البرلمان احتجاجا على المخالفات، وهذا اذا حصل يعتبر ضربة كبيرة للديمقراطية في تركيا، ولو كانت نسبة الفوز كبيرة، مثلما كان يتطلع الرئيس اردوغان ويأمل، لما سمعنا عن هذه الاتهامات، التي لم يحدث وبالقدر نفسه في انتخابات برلمانية سابقة فاز فيها حزب العدالة والتنمية.
ما هو لافت للانظار، الى جانب تضاءل عدد الاهداف، هو قلة عدد المهنئين في هذا الفوز، فلم يسارع الى رفع سماعة الهاتف مهنئا الا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والامريكي دونالد ترامب، ولا ننسى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، بينما التزم الكثيرون الصمت من بينهم جيران تركيا وزملاؤها في حلف الناتو الاوروبيون.
تهنئة زعيمي القوتين العظميين في عالم اليوم امر مهم لا شك في ذلك، لكننا نتحدث عن الديمقراطية من ناحية، والديكتاتورية من ناحية اخرى، وهناك اصوات كثيرة تتهم الرئيس اردوغان بالاقتراب اكثر من الاخيرة بتركيزه معظم الصلاحيات في يديه مثل تعيين الوزراء، والقضاة، والقادة العسكريين، والغاء النظام البرلماني، وتقليص آلية المحاسبة للرئيس وسياساته.
في تقديرنا ان الرئيس اردوغان لم يكن بحاجة الى كل هذه الازمات الداخلية، والانتقادات الخارجية التي يتعرض لها، فقد كان الحاكم المطلق لتركيا، ويرتكز على قاعدة تأييد شعبي كبيرة، ويعزز سلطاته المطلقة بقانون الطوارىء والاحكام العرفية التي تحكم من خلالها منذ الانقلاب العسكري الفاشل في تموز (يوليو) الماضي.
اخطر ما اوضحته نتائج هذا الاستفتاء هو اظهار حالة الانقسام في المجتمع التركي في اوضح صورها، وصب المزيد من الزيت على نيرانها، وفتح الابواب امام من يريد استغلالها لتفكيك تركيا وتفجير صراع عرقي او طائفي يقودها الى فوضى دموية، مثلما حدث في سورية والعراق وليبيا واليمن.
الفوز في الاستفتاء ربما لن يحقق معظم الاهداف التي اراد الرئيس اردوغان تحقيقها، ولكنه قطعا سيخلق له ازمات جديدة في الداخل والخارج معا، واولها علاقته مع الحزب القومي التركي، حليفه وشريكه السياسي، واذا ما حاول تطبيق نظام الفيدرالية على الطريقة الامريكية في تركيا، واعطاء الاكراد اقاليم حكم ذاتي في الشرق، واعادة العمل بعقوبة الاعدام وتنفيذها في حق رموز الانقلاب الفاشل.
الرئيس اردوغان لم يسجل اهدافا كثيرة في مرمى خصومه، ويمكن القول ان فوزه في الاستفتاء كان بفارق الاهداف فقط بالنظر الى محدوديته، وليعذرنا الرئيس التركي اذا كنا قد استعرنا هذه التوصيفات من قاموسة الكروي.
المصدر : رأي الْيَوْمَ