سلفيو مصر : زيارة الحكيم مناورة ايرانية لمد خيوط التشيع وخبراء يعدوها لمصلحة البلدين
أثارت زيارة عمار الحكيم، رئيس التحالف الوطني في البرلمان العراقي، إلى مصر، ردود أفعال متباينة في الوسط السياسي المصري، حول النوايا التي حملها الحكيم في جعبته بأبعادها المختلفة، البعض رآها بداية عهد اقتصادي جديد بين مصر والعراق. فيما ذهب آخرون من التيار الإسلامي لاعتبار الزيارة مناورة إيرانية لمد خيوط التشيع داخل النسيج المصري.
الدكتور أحمد خليل خير الله، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب النور، أعرب عن رفضه للزيارة، معللًا ذلك بأن الأخير قيادي شيعي، نشأ في إيران وعاش بها قبل الانتقال إلى العراق وترأس ميليشيات هناك، ليأتي حاملًا ورقة تسوية سياسية بمظلة إيرانية تهدف إلى فرض هيمنتها بالعراق.
غير أن الدكتور سعيد اللاوندي، خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، رأى أن الزيارة تهدف إلى تحسين العلاقات المصرية- الإيرانية، مضيفًا: “الحكيم يلعب دورًا في تقريب وجهات النظر المصرية الإيرانية، ومد جسور الصداقة بين البلدين، ومن مصلحة الشعب المصري أن تكون على علاقة جيدة مع إيران كدولة إسلامية كبرى”.
وبحسب اللاوندي، فإن الرئيس عبد الفتاح السيسي مهتم بالمنطقة العربية، مؤكدًا أن إرسال وزير الخارجية سامح شكري إلى العراق العام الماضي، دليلًا للتأكيد على تمسك مصر بوحدة الأراضي العراقية بعد أن نما إلى علم الرئيس أن العراق تتعرض إلى تقسيم بين الأحزاب والفئات المختلفة- على حد قوله-.
وأكد خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن الزيارة ستكون بداية لعلاقات مهمة سواء على الصعيدين العراقي والإيراني، خاصة أن مصر تراهن على رئيس التحالف الوطني بالعراق، كفرس يكسب الرهان لشعبية.
وكان عمار الحكيم، التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء الماضي، حيث اتفق الطرفان على بناء تحالف استيراتيجي مشترك في المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية، بما يخدم مصالح الشعبين، فضلًا عن مد أنبوب من الغاز يصل من البصرة والعقبة في الأردن، إلى سيناء.
وعرض الحكيم على مصر تأسيس مؤتمر إقليمي يضم دول الجوار والإقليم والسعودية والعراق وتركيا وإيران، لمواجهة النزاعات الدائرة في المنطقة وإيجاد حلول لها.
وعلى غرار حزب النور، أعلن ائتلاف أحفاد الصحابة وآل البيت، رفضهم زيارة الحكيم لمصر، حيث وصف ناصر رضوان، مؤسس الائتلاف، الحكيم بأنه “مجرم حرب”، وأنه أحد المسؤولين عن إسالة الدماء في العراق- على حد قوله- لافتًا إلى أن الحكيم جاء مصر كمتحدثًا باسم العراق، محافظة إيران الجديدة.
وقال رضوان، إن إيران تحاول بشتى الطرق اختراق مصر، ونشر التشيع بها. وهو ما نفاه الدكتور مدحت حماد، أستاذ الدراسات الإيرانية، الذي اعتبر أن علاقة مصر بإيران ملحّة في المرحلة القادمة، مضيفا: “حتى وإن كان هذا اللقاء يحمل في طياته رائحة إيران، فهو أمر مطلوب في هذه الفترة، حيث لا يمكن حل مشكلة العراق وسوريا واليمن حلًا جذريًا دون تفاوض مصري سعودي إيراني تركي مباشر لإعادة الاستقرار بشكل حقيقي في إقليم الشرق الأوسط”.
وربط حماد، في تصريح ، بين زيارة الحكيم لمصر التي تمت على المستوى الرئاسي، وزيارة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير للعراق، فبراير الماضي، كأول زيارة منذ 14 عامًا، قائلًا:” توقيت الزيارتين يدلان على وجود وعي عربي بضرورة العودة إلى العراق وإحداث توازن مع الوجود الإيراني بداخلها، ومحاولة مصرية لملأ الفراغ العربي في العراق”.
ولفت أستاذ الدراسات الإيرانية، إلى أن تأسيس مصر لفرص تعاون اقتصادي بينها والعراق من جديد، يأتي دلالة جوهرية للزيارة ودورها في تعزيز التعاون الاقتصادي المصري العراقي”.
زيارة الحكيم لمصر تأتي ضمن جولة تشمل عددًا من دول المغرب العربي لاطلاع القادة العرب على تطورات العملية السياسية في العراق، حاملًا مشروع ورقة “التسوية السياسية”، الذي قدمه التحالف لحل المشاكل السياسية والأمنية داخل العراق، وهو ما وصفه السيسي بكونه مشروع وطني كبير يستحق الدعم.
من جانبه، رأى الدكتور أيمن سمير، خبير العلاقات الدولية، أن استقبال مصر لعمار الحكيم، يأتي في إطار الباب المفتوح الذي تنتهجه القاهرة تجاه الفرقاء في العراق، ودعم التوافق السياسي خاصةً بعد تصريح إياد علاوي، نائب الرئيس العراقي، بتحالف مرتقب بين القاعدة وداعش في العراق، ما جعل الحكيم يتبنى مبادرة تقدم بها لعمل نوع من الموائمة السياسة والمصالحة في العراق تجمع كل طوائف الشعب العراقي على رؤية للمستقبل بعد القضاء على داعش.
وبحسب، أستاذ العلاقات السياسية والدولية، فإن التعاون الاقتصادي الناشئ من جديد بين مصر والعراق، أحد المحاور الجوهرية في لقاء الحكيم، مضيفاً: “هناك آفاق كبيرة للتعاون الاقتصادي بين مصر والعراق، أولهما الاتفاق على تكرير البترول العراقي في مصر، حيث يتم تكرير 2 مليون برميل شهريًا، تحصل مصر على مليون برميل وتعيد للعراق مليون برميل بعد تكراره، كما أن مصر تملك الرغبة في إعمار العراق، عن طريق عودة شركاتها ذات خبرة التي كانت تعمل في العراق من قبل، فضلًا على أن هناك استعداد عراقي لعودة العمالة المصرية بعد عودة استقرار العراق”.
وعن البعد الإيراني في الزيارة، تابع: “العلاقات المصرية- الإيرانية مقطوعة رسميًا منذ مقتل الرئيس السادات، ومصر في الفترة الحالية ليس لديها مانع في تحسين العلاقات مع إيران بشروط أهمها أن تلتزم إيران بمبدأ حسن الجوار مع جيرانها الخليجين، وأن تتوقف عن أي سلوك مزعزع للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى إزالة الأسباب التي من شأنها تم قطع العلاقات كتسمية الشوارع في طهران بأسماء الذين قتلوا الرئيس السادات”.
المصدر : موقع مصراوي