معايير الجدل حول إطلاق سراح القطريين .. محمد الهاشمي
اطلق سراح عدد من القطريين الذين كانوا محتجزين في العراق وكانت لمجريات العملية تداعيات ادت الى حوار بين المثقفين العراقيين, و من الموكد ان جميع تلك الحوارات تنطلق من المصلحة , وكل ينظر من زاويته اليها و التي يعتقد انها مهمة , وفي هذا الصدد نود ان نذكر اعتماد ثوابت عامة تكون معايير لتقييم الاراء في تلك القضية
1- معيار المقارنة بين السلب والايجاب
علينا ان ندرس النتائج التي تحققت ونقارن بين السلبيات والايجابيات ,ويكون موقفنا بعيدا عن الاطلاقات , فلايوجد سلب مطلق ولا موجب مطلق , وان اي تحرك وخطوة وجهد سياسي وجهادي في ظل ظروف معقدة واشتباك عسكري ومذهبي وطائفي وتقاطع ستراتيجيات عالمية واقليمية كالتي نحن نعيش وقائعها , يمكن ان ترافقه الاخطاء ,فهل اطلاق سراح الالاف في الفوعا وكفريا المحاصرين وعدد اخر يقارن بشي ؟ والحكم واليكم .
2- معيار النصح والتشاور الحريص
على الاخرين معالجة الامور وتقويمها ودراستها وايصال الراي الى الجهة المعنية لا التنكيل بها وهدمها بالحوار, ولكن لبالغ الاسف نجد في البين ان الاحكام جاهزة ومطلقة , والروابط مقطعة , وكل منا يعيش في مملكته السياسية والجهادية , واسواره وجدرانه وافكاره, الا اذا اضطرتنا الانتخبات يوما . ويتحمل مسوولية هذا الجميع, بينما نحن بامس الحاجة الى تلاقح الافكار والاستفادة من التجارب والنصح والمشورة من الاحزاب القديمة بخبراتها والعتيدة برويتها , وبهذا نتكامل ونعالج الامور بحرص يودي الى الرقي, ومن هنا نحتاج الى غرف القرار المشتركة ووفق هذا يكون حوارنا منتجا عميقا وليس عقيما
3- معيار الضد النوعي الاضطراري في مرحلة الاشتباك
ان اي تحرك في ظل الظرف القائم الذي فرضه علينا الاعداء( من انشاء عشرات التشكيلات الارهابية التي يعز نظيرها في عالم الاجرام والتي تستصحب معها كل عقد التاريخ وايدولوجيات الغرب وكواليس المخابرات العربية والصهيونية ) جعل حصول الاستثنائات في قواعد الاشتباك خيارا اضطراريا( بان نواجههم بتشكيلات نوعية قادرة ان تكون ضدا نوعيا ) وليس اختياريا ,سيما انه ليس بمقدور الحكومة ان تقوم بما قامت به تشكيلات المقاومة , وليس ما نقول به بدعا من حركة التاريخ والعمل الجهادي والسياسي , بل تبانى عليه القوم وعاد احد مسلمات العمل , بيد انه يوجب التنسيق العالي التكاملي , وان لايكون على حساب الغاء الدولة والدور المناط بها , وان لايحل اي تشكيل محلها, وينبغي ان يكون الجميع معاضد لها في هذا الموقف وان يكون دوره طوليا معها وليس عرضيا حتى يتم توظيف الاستثناء للمشروع الاصلي
4- معيار التجربة العملية للخط المقاوم في العراق
وفي موقف الدفاع عن العراق ضد داعش ادت هذه التشكيلات دورا ساندا مكملا لدور الموسسة العسكرية ولو بقي الامر بيد الدولة لكان وضع العراق مهدد بكوارث لايمكن ان يتوقع احد مهما كان ما توول اليه الاحداث , لان العدو هاجم العراق في مرحلة افراغ الدولة من قوتها ضمن مقدمات عملت عليها الدواعش الداخلية وفق منهج ومراحل واختار حواضن وجغرافيا خطرة, ومع ان موقف المجاهدين تمثل بموقف الساند والعاضد والذي احتل موقع الصدارة في المواجهة والدفاع, الا انه حافظ بادراك عميق لدوره التكميلي للدولة وموسساتها بعدها عادوا الى خيمة الدولة وشرعيتها طوعا وليس مكرهين , ولاخيار لهم غير هذا, فلا نحكم على الكل وعلى كل مسيرتهم بحالة واحدة ,نعم قد يحصل خروج هنا وهناك عن المسارات العامة وتبدو بعض المواقف مخالفة للدولة مقللة من وجودها اضطراريا الا انها ليس منهجا سلوكيا عاما للمقاومة , بل تلك مقتضيات مرحلة وظرف طاري وقد اضطرت اليها الاحزاب الاسلامية العراقية من قبل ومارستها العديد من الدول فلاتكون معيارا في الحكم بل الحكم على السلوك العام
5- معيار الواقع الدولي
مايدعى في البين ان ما احصل هو (قرصنة ) لاتليق بنا امام الراي العام فلينظروا في شواهد عديدة اقربها وابرزها قضية اوجلان الذي اختطفته القوات الامنية الامريكية وهذا حدثا شاهدا دوليا معاصرا , وقتلت اسرائيل الرنتيسي وعدد كبير من المناضلين الفسلطيينين في عقر دارهم وهكذا المناضل الشيخ ياسين , وتم غزو العراق من دون الرجوع الى الشرعية الدولية , وعشرات الشواهد فلايضيرنكم مقولة الراي العام , سيما ان امريكا الى اليوم تفسر القانون الدولي وحقوق الانسان وفق رويتها , و تعرف الارهاب كل مايخالف مصالحها ومصالح اسرائيل تعتبره ارهابا, واستابحة حرمات الملايين امرا مشروعا ان لم يكن شرعيا,فلو كان هناك معيار محق في مجلس الشياطين لانصفنا
6- معيار الجغرافيا السياسية
من المهم ان نقراء اي حدث الان بحجم الشيعة اقليميا ودوليا لا بواقع الانكماش السياسي والجغرافي الذي تدفع اليه الولايات المتحدة الامريكية والخليج لمنع العراق ان يشارك في صد الهجمة التي تهدده وتخطط لضربة واجتثاث دولته وتمنع عليه الاستقواء بالدول الساندة له , فهم ( امريكا والخليج) من جهة يوسعوا مساحة الارهاب لتشمل الخليج والعالم الاسسلامي والعربي والشامات والعراق ,ومن جهة يدعون شيعة العرا ق الى الانكماش على الداخل او الانفتاح على الخليج والغرب , لاختزال قوته ومنعه من مصادر فرض وجوده والحيلولة بينه وبين ما يحقق انتصاره في الاشتباك القائم , ومن الموكد ان الجغرافية السياسية لداعش التي تريد ان تكون بمساحة العالم الاسلامي والعربي تفرض علينا ان نقوم بعمل يكافيء تلك الجغرافيا السياسية لتمتين المصدات , ولايتم دفع الخطروالتحدي الا بهذا البعد , وهذه السعة ولا خيار لنا الا الايمان بهذا الواقع , وليس ادل ان هناك موسسات في العراق كان رايها منع اشتراك المقاومة العراقية في سوريا في بواكيرنشاة الارهاب وقالت الكثيرمن المبررات, لكنه تبين صحة من يعمل بروية واسعة وتبين صحة القائلين بالاشتراك انطلاقا من سعة الجغرافيا السياسية للتحديات المفروضة علينا , وضرورة مواجهتها بذات السعة , وليس ادل ان العدوا الذي كان البعض لايريد مواجهته في ارض سورية هذا العدو تمكن قوة وتكامل عدة وعددا فغزانا في عقر ديارنا, مما اضطررنا الى المواجهة بالفتوى وصارت التشكيلات التي كنا نطلق عليها ( خارجة عن القانون ) واقعا نطلق عليها ( الحشد المقدس) وصدق الامام علي عليه السلام اذ قال (ماغزي قوم في عقر دارهم الا ذلوا )
7- معيار التكامل
لكن لايمكن لاي طرف حكومي في العراق او سياسي او جهادي ان يلغي الاخر او يكون بديلا عنه بل على الجميع الانصهار في مشروع الدولة العراقية والعملية السياسية وهذا يستلزم حوارا وفتح افاق وتشكيل روابط وحواضن لبعضنا البعض والا نكون طرائق قددا ورجال تخاصم (نَّ ذَٰلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ), وعلينا ان نلوح بالجزرة والعصا لمنع اي انقلاب, او تحدي بتلك الفتية ( انهم فتية امنوا بربهم )
محمد صادق الهاشمي