الفرنسيون يغربلون المرشحين اليوم وصوت مؤثّر لـ«المترددين»
تشهد فرنسا اليوم الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية حيث يتوجه الناخبون الى صناديق الاقتراع لاختيار مرشحهم المفضل لرئاسة الجمهورية من بين 11 مرشحاً هم: مارين لوبن، فرانسوا فيون، ايمانويل ماكرون، بنوا هامون، جان لوك ميلانشون، جاك شوميناد، جان لاسال، ناتالي ارتو، نيكولا ديبو- انيان، فرانسوا اسيلينو، فيليب بوتو. وبعد انتهاء عمليات فرز الأصوات في شتى المقاطعات، في حال لم يتمكن أحد المرشحين من التفوق على منافسيه الـ10 بأغلبية ساحقة من الأصوات، يتم إعلان تأهل المرشحين الفائزين بالمركزين الأول والثاني الى جولة نهائية من هذه الانتخابات تُجرى في السابع من أيار المقبل.
وتفتح مراكز الاقتراع أبوابها اليوم أمام الناخبين في تمام الساعة الثامنة صباحاً (بتوقيت باريس)، وتستمر عملية التصويت 12 ساعة كاملة ثم تُغلق مراكز الاقتراع أبوابها في تمام الساعة الثامنة مساء، وتبدأ بعد ذلك مباشرة عملية فرز الأصوات.وقبيل افتتاح أقلام الاقتراع أجمعت استطلاعات الرأي على أن اعتداء الشانزيليزيه الإرهابي لم يغير آراء الناخبين وأن مرشح حركة «ان مارش» الوسطية ايمانويل ماكرون يتصدر السباق الرئاسي تليه مرشحة حزب «الجبهة الوطنية» اليميني المتطرف مارين لوبن في المركز المؤهل الثاني، إلا أن باب المفاجآت مفتوح على مصراعيه مع الأكثرية الصامتة من الفرنسيين التي لا تنتسب الى أي حزب، والتي يتوقع أن تكون أصواتها هي الحاسمة ليس فقط في جولة اليوم، إنما أيضاً في تحديد هوية الرئيس الفرنسي مساء السابع من أيار القادم في حال تم الانتقال إلى جولة للحسم. وأبرز الأسماء التي يمكن أن تسحب البساط من تحت أقدام أحد المرشحين المتصدرين، مرشح حزب «الجمهوريين» اليميني المعتدل رئيس الوزراء السابق فرانسوا فيون، ومرشح حركة «فرنسا غير الخاضعة» اليسارية المتشددة جان لوك ميلانشون، ومرشح الحزب الاشتراكي بنوا هامون.
ولم تمر الـ24 ساعة التي سبقت العملية الديموقراطية بهدوء أمني تام، فقد أوقفت الشرطة أمس رجلاً يحمل سكيناً في محطة قطار بشمال باريس. وأثار مشهد الاعتقال حالة هلع بين المسافرين الذين كانوا في المحطة.
وفي ظل هذه الأجواء الشديدة التوتر، أكد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أمس أن كل التدابير الضرورية ستُتخذ لضمان أمن الانتخابات، مع نشر خمسين ألف شرطي وسبعة آلاف عسكري اليوم في شتى المناطق الفرنسية. ووعدت بلدية باريس بإرسال تعزيزات إلى مكاتب التصويت التي ستطلب ذلك. وقال رئيس الوزراء برنار كازنوف «يجب ألا يعيق أي شيء هذا الملتقى الديموقراطي».
وفيما يتصدر الأمن والتصدي للإرهاب اهتمامات الناخبين الفرنسيين، لا يزال ربع هؤلاء متردداً في حسم خياره. ووفق وكالات الأنباء توحي المؤشرات إلى امتناع نسبة كبيرة منهم عن التصويت. فقبل ساعات من بدء الاقتراع اليوم الأحد كان لا يزال هناك الكثير من الناخبين المترددين، ومرد ذلك الى أن أبرز المرشحين الحزبيين التقليديين خرجوا أمام مرشحين جدد نسبياً غير معروفين بالنسبة للناخبين خلال التصفيات الانتخابية الحزبية. وفي هذا السياق قالت ماتيلد روجييه الموظفة في متجر بمدينة ليون (20 عاماً) والتي تصوّت للمرة الأولى إن «الاختيار صعب». وفي تولوز، أكد تاجر عمره 67 عاماً أنه «متردد حقاً وهي المرة الأولى»، مضيفاً «ليس هناك زعيم جذاب يتميز عن غيره». وفي مسائل أوروبا والعمل والتربية والبيئة تتمايز البرامج بوضوح عن بعضها، لكن بعض الناخبين لا يزالون مترددين بين خيارات سياسية متباينة تماماً. فمثلاً أكد التاجر في تولوز أنه متردد بين ماكرون الليبرالي والأوروبي وميلانشون الداعي الى القطع مع المعاهدات الأوروبية، لكن «بالتأكيد خياري ليس فيون مع الفضائح التي تلاحقه».
وقالت المتقاعدة غيزلان بينسون (73 عاماً) التي تقطن في ليل «كلهم خيبوا أملي. وفي أسوأ الأحوال سأضع ورقة بيضاء أو ملغاة. لكن بأي حال لن يكون لهجوم شانزيليزيه أي أثر على اختياري» في إشارة الى جريمة قتل شرطي الخميس في قلب باريس. وقالت جولي فارين (40 عاماً) التي تعيش في قرية صغيرة في منطقة جورا (وسط شرق) إنها ستصوت «احتراماً للديموقراطية ولكل البلدان التي لا يوجد فيها حق الانتخاب». وتضيف هذه المدرسة أن «البرنامج الشامل والخبرة» هي التي ستحدد خيارها وليس التهديد الإرهابي «الذي بات أمراً يومياً للأسف». ويعترف الكثير من ناخبي اليسار أنهم مترددون في دعم المرشح الاشتراكي بنوا هامون المتأخر في استطلاعات الرأي، لأنهم يرغبون في «تصويت مفيد» للمرشح الأفضل حضوراً. ومن هذه الفئة، جاين سياكل (19 عاماً) التي أوضحت أنها منجذبة «لأفكار وشخصية» ماكرون الأوفر حظاً في الاستطلاعات. وهذه أيضاً حال مونيك كامو (متقاعدة، 66 عاماً) التي علقت على الانتخابات عندما كانت تتبضع في سوق بمدينة ليل «لئن كنت أميل أكثر الى هامون، فإني أقول لنفسي إليس من الأفضل ممارسة التكتيك بالتصويت لماكرون لتفادي جولة ثانية بين فيون ولوبن» أي بين مرشحي اليمين واليمين المتطرف. وبعض المترددين تحركهم الرغبة في قطع الطريق على المتطرفين.
وكانت الحملات الانتخابية الخاصة بالجولة الأولى انتهت عند منتصف ليل الجمعة – السبت. وبدأ الناخبون في مناطق ما وراء البحار بالاقتراع منذ يوم أمس بسبب الفارق في التوقيت. وفي اليوم الأخير للحملات، قالت لوبن التي تراهن على الخوف من الاعتداءات لكسب الأصوات «منذ عشر سنوات، في ظل الحكومات اليمينية واليسارية على السواء، تم القيام بكل ما هو ممكن حتى نخسر الحرب المعلنة علينا (من قبل الإسلاميين)».
وأبدى المرشح فيون الذي أضعفته فضيحة وظائف وهمية، تصميمه على التصدي للإرهاب «بقبضة من حديد» وقال «يبدو لي أن البعض لم يدرك تماماً بعد حجم الشر الذي يهاجمنا»، ملمحاً بذلك إلى الحكومة الاشتراكية. وندد ماكرون الذي يأمل في الاستفادة من الرغبة في التجديد التي أعرب عنها الفرنسيون، بـ«إضعاف الاستخبارات» الداخلية الفرنسية بفعل إلغاء وظائف، في انتقاد موجه إلى فيون رئيس الوزراء السابق في عهد نيكولا ساركوزي بين عامي 2007 و2012.
وتبقى الكلمة الفصل هي التي تخطها صناديق الاقتراع مساء اليوم، بين المرشحين الـ11 الذين يخوضون رسمياً الجولة الأولى من السباق إلى الأليزيه.
المصدر: المستقبل