إسرائيل والدور الجديد في السعودية والمنطقة .. تحسين الجلبي يكتب
يبدو أن العالم العربي لم يشهد في تاريخه القديم والمعاصر دولة مثل المملكة السعودية في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز ووزير خارجيته عادل الجبير، وكأن قادة إسرائيل في تل أبيب هم الذين يضعون لها سياستها في هذا العهد، فما يعلنه وزير الحرب الإسرائيلي أفيكدور ليبرمان يكرره من بعده الجبير، وخصوصاً حين يتطرق إلى الهجوم الإسرائيلي ضد سورية، وكأن الرياض وتل أبيب متفقان على أن مستقبل وجود كل دولة منهما لا يمكن أن يتم ضمانه طالما أن سورية موجودة بقوتها شعباً وجيشاً وقيادة ورئيساً تدافع عن وحدتها وعن حقها بدعم حقوق الفلسطينيين وحقها بتحرير الجولان المحتل بكل الوسائل.
يجد الجميع أن تل أبيب وواشنطن يوظفان العائلة المالكة وأموالها منذ بداية الحرب الإرهابية على سورية، لتدمير قدراتها وتجنيد الإرهابيين ونقلهم مع الأسلحة إلى أراضيها، وكلما أنجز الجيش العربي السوري انتصاراً ضد هؤلاء الإرهابيين، شعرت عائلة سلمان أن هزيمة نكراء تكبدتها في عقر دارها، فيزداد تخبطها الذي ترى فيه إسرائيل مبرراً لزيادة توريطها في هذه الحروب العربية العربية.
لكن إسرائيل بدأت تخشى بعد تزايد هدر السعودية لأموالها على الهزائم التي لحقت بسلمان في سورية واليمن، من أن يثور الجمهور السعودي فتفقد مصالح كثيرة، فأعدت لقاء بين مسؤولين من العائلة المالكة ومسؤول عسكري استخباراتي إسرائيلي عمل لأكثر من ثلاثين عاماً في الجيش وقيل إنه متقاعد وأسس شركة تعد من أكبر الشركات الإسرائيلية الخاصة في تقديم الخدمات الاستخباراتية لمصلحة من يدفع مقابلها، وهو العميد في سلاح الاستخبارات العسكرية والمختص بمتابعة الشؤون الخاصة بالإسلاميين والمسؤول عن تطوير تكنولوجيا الرصد والتنصت الالكتروني الأكثر تطوراً شموئيل بار (Shmuel Bar)، لكي تتعاقد معه العائلة المالكة بمهمة رصد ومراقبة أي تحرك شعبي سعودي يهدد الملك سلمان.
وهذا تماماً ما قاله صاحب ومدير شركة إينتوفيو (IntuView) شموئيل بار، في مقابلة أجراها معه في الأول من شباط 2017 كل من جوناثان فيرسيجير وبيتير فالدمان لمجلة «بلومبيرغ» الأميركية الشهيرة التي يملكها أحد كبار الأثرياء اليهود الصهيونيين في الولايات المتحدة، فقد ذكر بار للمسؤولين السعوديين الذين طلبوا خدماته الأمنية حين اجتمعوا به في أحد المطاعم المغربية في أوروبا، أن لديه فرعاً لشركته باسم إينتوسكان (IntuScan)، وهي قادرة على رصد وتحليل 4 ملايين من رسائل التواصل الاجتماعي في «فيسبوك» و«تويتر» وفي إيميلات الانترنت التي يتبادلها الجمهور السعودي في المملكة في اليوم الواحد.
وعرض على المسؤولين السعوديين خدمات أخرى مقابل مبالغ مالية كبيرة، وهذا ما سوف يعطيه فرصاً كثيرة لاختراق خصوصيات العائلة المالكة التي يعد أفرادها بعشرات الآلاف، ونقلها إلى خزانات المعلومات التي تحتفظ بها إسرائيل لاستخدامها في عمليات ابتزاز العائلة المالكة نفسها، فشركة شموئيل بار لن تقيد نفسها في مراقبة ورصد وتسجيل ما يقوله الجمهور السعودي لحماية نظام الحكم، بل ستوسع مهامها لمراقبة العائلة المالكة أيضاً.
يبدو أن هذه العائلة ومعها وزير الخارجية الجبير، لا يطلعون على أخبار إسرائيل وكيف يقوم مسؤولون ووزراء إسرائيليون بتسجيل محادثات تجري بين بعضهم البعض، لتبرير عمليات الابتزاز ضد بعضهم بعضاً، فما بالك حين ينفذون هذه المهام داخل السعودية؟
ربما لا تعرف العائلة المالكة، أن رئيس الحكومة وصاحب حقيبة وزارة الإعلام بنيامين نتنياهو نفسه، كان قد حمل معه جهازاً متطوراً للتسجيل حين اجتمع مع رئيس تحرير صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية الشهيرة، واستشهد بما تضمنه التسجيل قبل أسابيع لكي يبرئ نفسه من تهمة الحصول على رشوة مقابل تقديمه دعماً للصحيفة في منافستها لصحيفة «يسرائيل اليوم» التي يقال إنها تتمتع بدعم منه أيضاً.
الأنباء الإسرائيلية اعتادت على الحديث عن هذه التسجيلات حين أدين رئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت بتهمة الاختلاس وسوء الائتمان، بموجب ما سجلته له سكرتيرته الخاصة من نفقات سفر مزيفة للحصول على المال، وحين طلب منها أن تعترف بهذه التهم وأن تسجن بدلاً منه مقابل مئة ألف دولار، قدمت هذه التسجيلات للمحكمة ففرضت عليه المحكمة عقوبة بالحبس ثلاث سنوات.
فإذا كان الإسرائيليون يقومون، من خلال شركاتهم الخاصة للخدمات الأمنية والتجسسية، بابتزاز بعضهم بعضاً، فماذا سيحدث حين يتولون هذه المهام لخدمة بعض الحكام العرب؟