موسكو تحذر واشنطن من تبعات مصادرة مقار دبلوماسية روسية في أمريكا
حذّرت موسكو واشنطن من الرد بالمثل على مصادرة أملاكها الدبلوماسية على الأراضي الأمريكية، ورأت من المبكر إعادة تحسين العلاقات بين البلدين في ظل النهج السياسي الذي تتبعه واشنطن.
وحذّر الوزير المستشار في السفارة الروسية في الولايات المتحدة، دينيس غونشار، في مقابلة مع وكالة أنباء “ريا نوفوستي”، من احتمال اضطرار بلاده لاتخاذ تدابير جوابية على مصادرة الجانب الامريكي ممتلكات دبلوماسية روسية في الولايات المتحدة، وذكر أن المسؤولين الأمريكيين مطلعين على طبيعة الخطوات الجوابية التي يمكننا اتخاذها.
وأشار إلى أن الجانب الروسي يسعى لاستعادة ممتلكاته الدبلوماسية سريعا، ولكن “وزارة الخارجية الأمريكية تحاول الربط بين موافقتها على قرار إيجابي بهذا الخصوص وبين توفير موسكو عقارات وأراضي للأمريكيين في مدينة سان بطرسبرغ، لبناء مبنى جديد لقنصليتهم العامة هناك”، وأضاف: “نحن نعتقد أن هذه النهج غير مناسب، لأن روسيا لم تصادر أي حقوق ملكية تعود للولايات المتحدة على أراضيها أبدا” حسب قول الدبلوماسي الروسي.
وأعرب غونشار عن أمله في أن يتمكن الجانبان “من حسم الموقف بطريقة بناءة”. وأضاف: “في حال العكس، سنكون مضطرين لاتخاذ إجراءات جوابية انتقامية ضد الممتلكات الدبلوماسية الأمريكية في بلادنا، وفقا للممارسة الدبلوماسية المتعارف عليها، ومبدأ المعاملة بالمثل. وأشار إلى أن الجانب الأمريكي على علم بما يمكن أن نقدم عليه، ولكن ذلك لن يكون خيارنا..” حسب قول الدبلوماسي الروسي.
وكانت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما قد فرضت، في نهاية ديسمبر/كانون أول 2016، عقوبات ضد 9 مؤسسات وشركات وأفراد في روسيا، بما في ذلك ضد جهاز الأمن الفدرالي وإدارة المخابرات الخارجية، تحت حجة “التدخل في الانتخابات” و”الضغط على الدبلوماسيين الأمريكيين” الذين يعملون في روسيا. كما منعت الولايات المتحدة الوصول إلى اثنين من المجمعات السكنية–أو ما يسمى “البيوت” الريفية الخاصة بالبعثة الدائمة لروسيا في نيويورك والسفارة الروسية في واشنطن، والتي تعتبر من الممتلكات الدبلوماسية الروسية. وبالإضافة إلى ذلك، تم إبلاغ 35 من الدبلوماسيين الروس بأنهم أشخاص غير مرغوب فيهم وطلب منهم مغادرة الأراضي الأمريكية.
ونفت روسيا مرارا الاتهامات التي فبركتها المخابرات الأمريكية حول محاولة التأثير على الانتخابات في الولايات المتحدة، وأعلن ديمتري بيسكوف، السكرتير الصحافي للرئيس الروسي، أن هذه الاتهامات “لا أساس لها من الصحة أبدا”.
وكشفت فالنتينا ماتفيينكو، رئيسة مجلس الاتحاد الروسي(مجلس الشيوخ) عن أن “الحوار بين روسيا والولايات المتحدة جار، وأن التربة مهيأة لتحقيق تقدم، لكن الحديث عن إعادة بث الحرارة في العلاقات بين موسكو وواشنطن ما زال سابقا لأوانه”.
وفقا لها، فإن البرلمانيين الروس مستعدون لبذل قصارى جهدهم من أجل استئناف وتكثيف عملية الحوار وبث روح جديدة في العلاقات بين البلدين، وأشارت إلى أن مجلس الشيوخ ومجلس النواب الأمريكيين على بينة من موقف مجلس الاتحاد الروسي بهذا الخصوص. وأضافت: “بشكل عام، الأرضية الخصبة للتعاون بين روسيا والولايات المتحدة موجودة وجاهزة. الآن، كل شيء يعتمد على حسن نية الجانب الأمريكي”.
وقالت: “كثيرون داخل مؤسسات الدولة العميقة في الولايات المتحدة، من المعارضين لتحسين العلاقات مع روسيا، وتأثيرهم كبير بما فيه الكفاية، حتى على البيت الأبيض نفسه”. وهذا ما “يجعل أيادي دونالد ترامب مقيّدة تماما”.
وفي الوقت نفسه، تعتقد ماتفيينكو بأن هناك العديد من المؤشرات المشجعة على إمكانية تحسين العلاقات الأمريكية-الروسية وتعديلها. وتشمل هذه المؤشرات الاتفاق على إنشاء مجموعة عمل مشتركة، وزيارة وزير الخارجية ريكس تيلرسون الى موسكو، وكذلك زيارة وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف إلى واشنطن، والاجتماع المقبل لرئيسي البلدين في “قمة العشرين” في هامبورغ.
وختمت ماتفيينكو بأن المشكلات والقضايا المتراكمة لا يمكن حلّها بين البلدين، من دون حوار مفتوح متكافئ بين موسكو وواشنطن، للتوصل ألى اتفاق حول عدد من هذه المشاكل، وعلى رأسها، مكافحة الإرهاب الدولي، وإيجاد حل للوضع في سوريا والشرق الأوسط وغيرها من “المناطق الساخنة ” في العالم.
واعتبرت ماتفيينكو أن من بين القضايا الأخرى التي تتطلب حلولا مشتركة بين روسيا والولايات المتحدة، مكافحة الانتشار النووي، والتعاون في مجال استكشاف الفضاء، والحفاظ على البيئة، والحماية من الهجمات الإلكترونية وغيرها من المخاطر المرتبطة بالتقدم العلمي والتقني.
وعن العلاقات مع أوروبا، قالت رئيس مجلس الاتحاد الروسي: “الإصرارعلى التمسك بالعقوبات، لا يمكن أن يكون له تفسير منطقي، لكن يبدو أن بعض الشخصيات العامة في الغرب يعتقدون أنهم سيخسرون ماء وجوههم وسيضعف موقفهم إذا ما بادروا إلى إلغائها”
ومع ذلك، عبّرت ماتفيينكو لصحيفة “إزفيستيا” بأن رفع العقوبات سيتم، عاجلا أم آجلا، لأن تطور الأحداث بهذا الاتجاه يكون عادة مدفوعا بـ”المنطق السياسي والاقتصادي”.
وتدهورت العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي بسبب الأزمة في أوكرانيا، حيث تشن كييف منذ أبريل/نيسان 2014 عملية عسكرية ضد جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، المعلنتين من جانب واحد، بعد استيلاء قوى موالية للغرب على السلطة في أوكرانيا، في فبراير/شباط 2014، واتهام موسكو بالتدخل في الشأن الداخلي الأوكراني.
المصدر: نوفوستي