لماذا تغطي ابنة وزوجة ترامب رأسيهما احتراما لبابا الفاتيكان ولا يقدمون القدر نفسه في ارض الحرمين ؟ أين الخلل !!؟
من اكبر مفارقات زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الى ارض الحرمين الشريفين ومشاركته في القمم الثلاث، السعودية والخليجية والإسلامية في الرياض، انه ركز على مكافحة التطرف في اكبر حاضنة له في العالم، وافتتح مركزا باسم “اعتدال” في دولة لم تعرف الاعتدال ولا العدالة في أي فترة من حقباتها الثلاث طوال القرون الثلاثة الماضية.
الرئيس ترامب الذي عاد الى بلاده عبر وقفات في القدس المحتلة وروما وبروكسل، وفي جعبته أسلحة واستشمارات سعودية وعقود بما يقرب النصف ترليون دولار، ومع ذلك لم يحظ في فلسطين المحتلة بربع الحفاوة التي حظي بها في العاصمة السعودية، رغم انه استحق لقب العضو الليكودي الأول، حسب توصيف جريدة “النيويورك تايمز″، بسبب دعمه وانحيازه لدولة الاحتلال.
اليهود فرضوا على زائرهم الأمريكي لباس القلنسوة اليهودية (غطاء الرأس) عند زيارته لحائط البراق، بينما ارتدت زوجته ملينا وابنته افانكا اللتين تغزل بهما وجمالهما، الشعراء النبطيون السعوديون، وسطروا قصائد المدح في جمالهما، غطاء الرأس احتراما وتقديرا اثناء لقائهما البابا في الفاتيكان.
ارض الحرمين كانت لها قداسة خاصة طوال العقود، بل القرون الماضية، وكانت النساء الزائرات، من أمثال مارغريت تاتشر المرأة الحديدية، وانغيلا ميركلا، ترتدي الملابس المحتشمة وغطاء الرأس، احتراما لهذه المكانة الدينية، وللقيادة السعودية والديانة الإسلامية، ولكن الآن تغيرت الأمور، وتبخرت هذه الهيبة، وتواضعت هذه المكانة، لان ارض الحرمين أيضا تغيرت، وتنازل حكامها عن الكثير من القيم والأعراف.
لم نستغرب وصف الرئيس ترامب لزيارته الى السعودية بأنها كانت “مذهلة” جدا، وانه لا يعتقد ان شيئا مثل هذا حدث من قبل، وكان مصيبا في هذا التوصيف، فلن يجد أي مسؤول امريكي او عربي، زعماء، وممثلي 56 دولة إسلامية، تم جلبهم لاستقباله، والتصفيق له في خطبته التي ادانت عقيدتهم الإسلامية بالإرهاب.
حتى الحسناء افانكا، عادت الى واشنطن بصك بمئة مليون دولار لمؤسساتها الخيرية، وهو ما لم تحلم به مطلقا، في موجة كرم حاتمي من مضيفيها، وكأن من ترعاهم احق من أطفال اليمن والمغرب وسورية والعراق وفلسطين والسودان، والقائمة تطول.
هنيئا للرئيس ترامب هذه الحفاوة التي حظي بها في ارض الحرمين، وهي حفاوة تؤكد ان مضيفيه يعيشون حالة من الرعب والقلق، ويتطلعون الى حمايته وعطفه، وربما سيتزايد هذا القلق والرعب، اذا ما تم طرد هذا الرئيس الذي يعارضه 48 بالمئة من أبناء شعبه، ويطالبون برحيله، من البيت الأبيض، قبل نهاية هذا العام، مثلما تشير معظم التقديرات.
المصدر : الرأي – عبد الباري عطوان