هل انتقل سيناريو التفتيت الى مصر ؟ وهل هناك نوايا لنقل الحرب الى دول اخرى ؟ رأي تحليلي ..
هل انتقل سيناريو التفتيت الى مصر؟ ولماذا وسعت القيادة المصرية حربها ضد الارهاب الى ليبيا؟ وهل الغارات الجوية على درنة ستوفر الامن وتقضي على الجماعات المتشددة؟
تبنى تنظيم “ داعش ” للهجوم الدموي الارهابي على حافلة كانت تقل تلاميذ اقباط، واسفر عن مقتل 26 طفلا على الاقل ليس مفاجئا، فالتنظيم يخوض حربا ضد الجيش المصري في سيناء منذ سنوات، مثلما نفذ عمليات ارهابية في العمق المصري ايضا من بينها تفجير كنائس، لكن المفاجيء هو توسيع القيادة المصرية لدائرة الانتقام، واقدام طائرات حربية مصرية من نوع “رافال”، الفرنسية المتطورة، بقصف مناطق قالت انها “تشكل قواعد تمركز وتدريب العناصر الارهابية المسؤولة عن هجوم المنيا”.
محمد المنصوري، المتحدث باسم مجاهدي مدينة درنة شرق ليبيا، قال ان الطيران المصري شن ثماني غارات على المدينة مساء الجمعة وان الاضرار كانت مادية، بينما اكد بيان صادر عن القيادة العامة للجيش الليبي ان طائراته شاركت في عملية القصف هذه، وانها تأتي تمهيدا لدخول القوات البرية للجيش الليبي مدينة درنة.
هذه الغارات للطيران المصري على اهداف للجماعات الجهادية المتشددة في ليبيا تعكس تغييرا في استراتيجية القيادة العسكرية المصرية تتلخص في توسيع نطاق الحرب ضد هذه الجماعات، واعترافا بأن مصادر الامداد والرصد والتمويل والتسليح لها يأتي من ليبيا بالدرجة الاولى.
مدينة درنة التي تعتبر من اجمل المدن الليبية بحكم كونها تأتي في حضن الجبل الاخضر، وتطل على البحر المتوسط، تحولت الى معقل للجماعات الاصولية المتشددة مثل انصار الشريعة، خاصة بعد ما سمي بالثورة الليبية وتدخل حلف الناتو الذي اطاح بنظام العقيد معمر القذافي عام 2011.
تحول ليبيا الى دولة فاشلة تحكمها الميليشيات المسلحة حول مدينة درنة وجوارها الى امارة اسلامية اصولية مستقلة اقامت علاقات وثيقة مع الجماعات الاصولية مثل تنظيم “الدولة الاسلامية” و”القاعدة”، وفرض تطبيق متشدد للشريعة الاسلامية على السكان في الزي واسلوب الحياة عموما.
استهداف حافلة تقل اطفالا بمثل هذه الطريقة الدموية احرج الحكومة المصرية، واظهر ضعف منظومتها الامنية، خاصة انه جاء بعد هجوم على الكنيسة القبطية في الاسكندرية في اعياد الفصح المجيدة، عكست غارات سلاح الجو المصري على ليبيا حالة الغضب الرسمي والشعبي تجاهها.
القيادة المصرية ستوظف مجزرة الحافلة هذه لتصعيد حملتها ضد جماعات الاسلام السياسي في مصر وخاصة حركة “الاخوان المسلمين” التي تعتبرها الحاضنة الاساسية لها، رغم ان الحركة تبرأت من هذه المجزرة وادانتها مثلما ادانت هجمات مماثلة في حينها.
توسيع نطاق الاعمال الانتقامية المصرية الى ليبيا يعني ان هناك نوايا لنقل الحرب الى دول اخرى ايضا، كأحد ثمار اللقاءات التي تمت في الرياض على هامش القمم الاسلامية والخليجية بحضور، او بزعامة، الرئيس الامريكي دونالد ترامب، وجعلت من مكافحة الارهاب قمة اولوياتها.
واذا كانت دول عربية تواجه خطر الحروب الطائفية الاسلامية، اي بين السنّة والشيعة، فان مصر التي يشكل السنّة الغالبية الساحقة من سكانها المسلمين، تواجه فتنة من نوع لا يقل خطورة، اي بين المسلمين والاقباط، وبما قد يؤدي الى تقسيمها، او تدخل قوى غربية تحت ذريعة حماية المسيحيين، ولا نستبعد وجود مخطط اجنبي خلق هذه الفتنة لتفتيتها وتقسيمها على غرار مخططات مماثلة في السودان وسورية والعراق وليبيا واليمن.
رأي آليوم : يرأسها عبد الباري عطوان