عقيل آل ماضي يكتب عن اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد والغاء المفتشين العموميين
تم تشكيل هيئة النزاهة ومكاتب المفتشين العموميين وفقا لأمر سلطة الائتلاف المؤقتة بالأمر 55و57 بإمضاء بول برايمر فكانت هيئة النزاهة مماثلة تماما لمهام ومسؤوليات الـ FBI ماخلا الاختصاص الجنائي(حيث كان المدربون الأمريكيين يرددون التالي:
هيئة النزاهة تساوي مكتب المباحث الاتحادي ،ونموذج مكاتب المفتشين العموميين مماثل لمكتب المسائلة والتفتيش في الحكومة الامريكية ومنه تفرع مكتب المفتش العام الامريكي المشرف على مجمل فعاليات المؤسسة الحكومية العراقية وهو السبب المباشر بنشوء وتغذية وتنمية منظومة الفساد في العراق بدلالة ما قد قام به الفاسدون الاوائل من الوزراء امثال ايهم السامرائي وحازم الشعلان وغيرهم من التنفيذيين الذين عملوا مع السلطة انذاك .
وقد تحصل ان صدرت احكام وقرارات قضائية على مجموعة من اعضاء مكتب المفتش العام الامريكي من قبل السلطة القضائية في الولايات المتحدة وقد تراوحت هذه الاحكام بين 7-22 سنة سجن .
ولهذا السبب واسباب اخرى قد نوجز بعضها لاحقا اصبحت هذه التجربة مشوهة وهجينة اذ انها لا توائم الواقع العراقي من جهة وكانت مبنية على ارادات دنيئة وغير وطنية سواء من المحتلل او ممن ارتضوا لنفسهم نهب المال العراقي من جهة اخرى ،ويمكننا تبرير فكرة الغاء مكاتب المفتشين العموميين في العراق للاسباب التالية:
1-انها فكرة توائم النظام السياسي في امريكا ولا يمكن نجاحها بالعراق بصيغتها الحالية .
2-ليست هنالك معايير واساليب رصينة لاختيار شخصيات المفتش العام يكفي ان يكون المتقدم له علاقات رصينة بنخبة الفساد السياسي شخصية كانت ام حزبية ماعدا حالات قليلة تخرج عن هذا السياق.
3-بات وجود العديد من المفتشين سببا في نشوء لوبيات ضغط خاصة داخل الوزارات على الموظفين الذين يرومون الابلاغ عن حالات فساد او ان هذه اللوبيات تتستر على ملفات الفساد وان تم الابلاغ عنها .
4-تتسبب هذه المكاتب بهدر اموال هائلة من الموازنة العامة (٢٥٠ مليار في موازنة ٢٠١٧) مقابل هامش قليل يقوم به بضع من المفتشين العامين الشرفاء .
ان وجود قانون ديوان الرقابة المالية الاتحادي رقم 31 لسنة 2011 المعدل وتضمنه للصلاحيات التالية:
– تقويم الاداء والتحقيق الاداري استنادا الى (الفصل الثاني/المادة(٦)/ثانيا وخامسا.
-ان الديوان يمارس مهمة في مقامها الاول هي تدقيق الحسابات المالية وحيث ان الفساد في جنبته العظمى يتجه نحو حصر المخالفات المالية التي ترقى لجرائم نهب المال العام .
-انه المؤسسة العريقة التي تشكلت مع تشكل الدولة العراقية الحديثة.
مما تقدم يصبح من المنطقي اقتراح الغاء مكاتب المفتشين العموميين والحاقها بدائرة عامة مرتبطة بالديوان لممارسة التحقيق الاداري وتقويم الاداء استكمالا لمهمة التدقيق المسبق للديوان وبذلك يمكننا موائمة الواقع العراقي من جهة والبنود الخاصة باتفاقية الامم المتحدة المعدلة لسنة 2007من جهة اخرى ،ولن يكون هنالك هدرا بالمال العام من حيث تخصيص حصة كبيرة من الموازنة الاتحادية لاداء مهمة المفتش كما انه ليس هنالك ضرورة لاستحداث عشرات المناصب بدرجة وكيل وزير مقابل عدم تمكن اي وزير ومن هم بدرجته من الضغط على المفتشين كونه يتبع للديوان لا الوزارات والهيئات .
ان من ينادي بابقاء مكاتب المفتشين العموميين له دافعا من دافعين إجمالا :
1-انه مستفيد مما يجري من عملية محاصصة وتقاسم بهذه المناصب .
2-انه يخشى على المفتشين التابعين له افي حال اقصائهم ستظهر للعلن مئات الحالات للنهب المال العام .
نشد على ايدي أعضاء مجلس النواب العراقي للقيام بتشريع يحل هذه المعضلة المعقدة وبذلك فانه يوجه ضربة ستقصم ظهر منظومة الفساد على امل تشريع قوانين اخرى تصب لصالح منظومة مكافحة الفساد بلحاظ اداء العراق بإلتزامه ازاء المجتمع الدولي ممثلا بموائمة تشريعاته لاتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد المعدلة لسنة ٢٠٠٧ دونما استخدام هيئات ومكاتب تحت يافطات وشعارات كاذبة ك(مكافحة فساد او نزاهة او ما شاكل من المصطلحات) والتي لا تٌغني من جوع انما فقط تٌصبح هدفا لأجندات نخبة الفساد السياسي للاستيلاء عليها او التأثير بقراراتها.