الاستفتاء وأوهام إمارة مسعود بين حدود الدم والطمع في كرسي الحكم .. السامرائي يكتب ..
قبل خمسة أشهر من سقوط الموصل كانت صورة المؤامرة واضحة ووجهت تحذيرا تلفزيونيا الى المحافظ وغيره من أن الموقف في الموصل سيكون أسوأ وأخطر مما هو في الأنبار بـ 100 مرة. لكن المؤامرة كانت كبيرة إقليمية ومحلية وحتى الذين ينتقدون الآن لم يبادروا بشيء، ومعظم المعنيين كانوا منشغلين بالمصالح الخاصة والحزبية. ومعظم الكل شركاء في ما حدث.
تصرفات مسعود وسلوكه وتصريحاته (ومن بينها مصطلح حدود الدم)، والاتصالات التي كان يجريها ضباط ركن بعثيون كبار يقيمون في أربيل ومنها حصل معنا شخصيا، تدل، إن لم نقل تعطي دليلا قطعيا، على ضلوعه في المؤامرة.
لم تكن في تلك المرحلة طائرات لدى العراق وتوسط ابو مهدي المهندس لدى إيران وجلب (5) طائرات سوخوي وباشرت بالقصف، ومع تشكل الحشد الشعبي ودعوة المرجعية العليا وتلبية الشباب للنداء، وتنشيط دور مكافحة الإرهاب والجيش والشرطة..،
تم احتواء تهديد الدواعش الذين وصلوا الى اطراف بغداد، وتذكرون دورنا في التصدي الإعلامي من خلال الظهور التلفزيوني يوميا وتأكيدنا على أن بغداد (عصية) عليهم وسيتم دحرهم، وسامراء عصية..رغم جبن وتخاذل كثير من السياسيين.
وبعد ثلاث سنوات من التآمر يصر مسعود على إجراء الاستفتاء على الانفصال عن العراق بدفع بعضه (خليجي) متوهما تمام الوهم، فلا الموقف الأممي ولا الإقليمي المباشر يسمحان بذلك، وما يراه من ضعف في مركزية الحكم يمكن أن تتغير معطياته تجاهه وتجاه الحكم نفسه.
الطمع في كرسي الحكم وأوهام التحالفات الحزبية لا ينبغي أن تقود الى الاتفاق بأي شكل مع شخص جُبِلَ على الغدر، فمن يتحالف معه من عرب العراق يرتكب خطيئة لا تغتفر.
وقصة التنسيق الناجح من قبل الحكومة مع رئاسة الإقليم هراء محض.
الاعتراض الأميركي على الاستفتاء لا يؤخذ به في ظل اضطراب سياسي داخلي وخارجي أميركي وطمع في ثروات الآخرين. لكن الموقف الإقليمي مستفز تماما من تصرفات مسعود، وستكون ردودهم خارج نطاق السيطرة.
معظم العراقيين يريدون التخلص من وجع رأس التهديد بالانفصال الكردي، لكن المشكلة أعقد كثيرا من جرة قلم واتفاق، وقصة الحدود بالغة التعقيد وستقود الى مواقف خطيرة للغاية.
ومع احترامنا الكامل والصادق للحقوق المشروعة للأخوة الكرد (كاملة)، فإن مسعود يجرهم الى وضع خطير في ظرف مضطرب وملتهب. وعلى بغداد أن تدع مسعود (يستفتي) وأن تتصرف هي ضمن حدود المحافظة على المصالح العليا، وألا تخضع الحكومة لتجاوزاته.
وفي النتيجة سيعود الى بغداد خاسرا فاشلا مضطرا وعندئذ حاسبوه على كل قطرة دم تسبب فيها، أو سيهرب، نتيجة تدخلات إقليمية، كما هرب والده عام 1946 بعد فشل جمهورية مهاباد.