زيارة العبادي للسعودية ؟ عبد المهدي يكتب ..

زيارة العبادي للسعودية ؟ عبد المهدي يكتب ..

هناك اعتراضات، وهي اعتراضات لا تخلو من وجاهة، لكننا نعتقد ان الزيارة مهمة وتلبيتها لا تعني اختفاء الخلافات او الاتفاق على كل شيء، بل على العكس هذا ما تسعى الزيارة لتحقيقة بما يوسع دوائر الاتفاق، ويقلص حلقات الخلاف. وبدون تبسيط او تفاؤل مفرط يمكن ان تخطو الزيارة خطوات ولو بسيطة لانجاز سلسلة من الامور تصب في مصلحة العراق والسعودية والمنطقة. فالزيارة تأتي في ظروف معقدة. تأتي بعد بيان الرياض الذي تقرر فيه تنظيم قوات يبلغ تعدادها 35 الف مقاتل من التحالف الدولي لمحاربة “داعش” في العراق وسوريا، وهذا ملف يهم العراق. وتأتي بعد اتهامات لايران، والعراق هو البلد العربي الوحيد الذي له حدود برية تتجاوز 1200 كم مع ايران والتي يرتبط واياها بعلاقات صداقة، وهذا ملف يهم العراق.. وتأتي بعد اتهام منظمات كحزب الله وحماس بالارهاب، وهذا ملف يهم العراق، كما ان في العراق تنظيمات للاخوان المسلمين يشاركون في العملية السياسية ولهم مواقع بارزة في الدولة، وهذا ملف يهم العراق.. وتأتي بعد خلافات حادة بين السعودية والبحرين ومصر من جهة وقطر من جهة اخرى وسط اتهامات متبادلة، ومنها الاموال التي وصلت بالطائرة التي نقلت المخطوفين القطريين، وهذا ملف يهم العراق. وتأتي وسط اتهامات مغالية للحشد الشعبي.. وفي اطار مواقف متباينة من الاوضاع في سوريا والبحرين واليمن.. وتأتي بعد تغير حاد في توجهات الادارة الامريكية بعد مجيء الرئيس ترامب، وهذه ملفات تهم العراق.
فالزيارة مهمة للغاية، خصوصاً بعد تطورات ايجابية ولو بطيئة وخجولة في العلاقات العراقية السعودية. وقد اكدنا مراراً، باهمية استثمار المشتركات لحل الخلافات. خلافاً لمنهج شائع ليس لدينا فقط، بل لدى الاخرين ايضاً، يرفض تفعيل المشتركات لحين حل الخلافات، التي لم تحل سابقاً بل تصاعدت وقادت لتصادمات دفع الجميع ثمنها، والتي لن تحل ابداً بمناهج الصراع والعناد، بل ستزداد تعقيداً وتراكماً، ليخسر الجميع في النهاية.
يستطيع العراق ان يقوم بدور بالغ الاهمية لو استخدم مكانته الحقيقية وزخمه وطاقاته المضمرة وليس منطق الضعف والصعوبات الذي يطفو على السطح. يستطيع المساهمة في التهدئة بين دول الخليج.. والتقريب بين السعودية وايران، او على الاقل تخفيف التوتر.. والمساهمة بايجاد حل لاوضاع اليمن والبحرين وسوريا، او على اقل فتح مسارات جديدة تضمن مصالح الجميع. ناهيك عن ارساء العلاقات العراقية السعودية على اسس واضحة في محاربة داعش والارهاب، وفي تطوير التعاون الاقتصادي والامني والسياسي بين البلدين بما ينتشل المنطقة من الانقسامات الحالية والصراعات الطائفية التي ستضعف الجميع، ولن تنفع سوى مستثمري الازمات، والفوضى والعنف.
هناك منطق خاطىء يقول ان الانقسامات الخليجية ستنفع العراق. ونرى ان هذه سياسة غير حكيمة.. فسياسة عنصرها الاساس انقسامات الاخرين هي سياسة الضعفاء والتي سترتد علينا وعلى غيرنا. ويقول طرف اخر ان البعض يريد من الزيارة عزل ايران، وهذه بدورها سياسة غير حكيمة.. لان ايران جزء اساس من المنطقة، وبلد جار وصديق للعراق، وان اية زعزعة لاستقرارها ولاضعافها وعزلها هو في غير صالح المنطقة والعراق. لذلك يستطيع الاخ العبادي ان يجعل من هذه الزيارة خطوة مهمة للامام، إن تجاوزت الزيارة الشكليات والمظاهر والمجاملات، وتناولت الملفات الجادة بمنطق المصالح المتبادلة والوحدة وايقاف الانقسامات والصراعات الطائفية، وبما يطمئن العراق والسعودية وبقية الجوار.. وبمنطق خذ واعطي، او التنازلات المتبادلة او المنافع المشتركة، او جميعها كل في مكانه.. وعدم كيل اي طرف بمكيالين فيما يخص الشعوب وحقوقها، وفيما يخص مصالح الدول وعدم التدخل في شؤونها، ووحدة قضايا المنطقة، ومحاربة الارهاب و”داعش”. ويمكن للسيد العبادي ان يستكمل زيارته للسعودية بزيارة قطر وايران، وان امكن تركيا ومصر في اطار مواقف توحيدية شمولية تفعل المشتركات، وتحيّد الخلافات، وتفكك عوامل الخلاف والصراع.
نتوقع الزيارة خلال اليومين القادمين.. فان اجلت او الغيت فستكون هذه فرصة اخرى ضائعة، ليستعيد العراق عافيته ومكانته، ويحقق مصلحته ومصلحة المنطقة وشعوبها ودولها.

عادل عبد المهدي

تابعونا عبر تليغرام
Ad 6
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com