بالأرقام.. نتائج عكسية تحصدها دول الحصار الثلاثي على قطر
تجاهلت دول الحصار الثلاثي على قطر، مؤشرات هامة على الصعيدين الداخلي والخارجي، عند اتخاذ قرار قطع العلاقات الاقتصادية مع الدوحة.
وأكد محللون اقتصاديون ، أن قرار حصار قطر بني على حسابات خاطئة، ورهانات خاسرة، موضحين أن قرار الحصار تجاهل عاملين رئيسين الأول هو قوة الاقتصاد القطري وعلاقات الدوحة الجيدة بالأسواق الدولية، والثاني، هو الأزمة الداخلية التي يعاني منها اقتصاديات دول الحصار.
وقال خبراء إن خسائر الدوحة من الأزمة الحالية في حال استمرارها بنفس وتيرتها الحالية، لن تتجاوز 15 مليار دولار، وهو رقم ضئيل مقارنة بحجم الصادرات القطرية التي تتجاوز 77 مليار دولار.
وتمتلك دولة قطر الغنية بموارد الغاز الطبيعي موارد مالية تمكنها من مواجهة تحديات الحصار، باحتياطي نقدي فوق الـ 40 مليار دولار، وصندوق الثروة السيادي الذي تبلغ قيمته 335 مليار دولار ويمتلك حصصا في الشركات العالمية مثل “فولكس فاجن” وبنك “باركليز”.
نتائج عكسية
وبعد نحو أسبوعين من قرار السعودية والإمارات والبحرين، بقطع العلاقات الاقتصادية مع قطر، وإغلاق كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية معها، أكدت مؤسسات اقتصادية دولية أن حصار قطر تحول إلى حصار للدول الخليجية المقاطعة.
وقلل خبراء اقتصاد منذ اللحظة الأولى لقرار الحصار الثلاثي من تأثر الاقتصاد القطري بقرار قطع العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية الذي اتخذته الدول الخليجية الثلاث، مؤكدين أن الاقتصاد القطري نجح في وقت قصير باستبدال المنتجات السعودية والإماراتية، بمنتجات اخرى، وخلق مسارات بديلة لمواجهة التحديات التي فرضها الحصار.
وكانت السعودية هي مصدر قطر الرئيس من المنتجات الغذائية، إذا بلغت قيمة الصادرات السلعية السعودية إلى قطر، من سلع استهلاكية وغذائية إضافة إلى المواشي، نحو 1.1 مليار دولار عام 2015، وقد أدى الحصار إلى فقد الشركات السعودية حصتها السوقية في قطر بشكل كامل.
أما الإمارات فكانت تحتل المرتبة الأولى بين الشركاء التجاريين مع قطر، حيث صدرت الدوحة إليها نحو مليار دولار في الربع الأول من العام الحالي، ومعظم تلك السلع من الغاز الطبيعي والغاز المسال.
وأكد مراقبون، أن غلق أنبوب الغاز القطري لشركة “دولفين” الإماراتية في حال تصاعد الأزمة الخليجية سيؤدي إلى وقوع الأخيرة في أزمة نقص لتوريد الغاز إلى الولايات المتحدة والدول الأخرى، خاصة مع ارتفاع الطلب على الغاز اللازم لتوليد الطاقة.
مسارات بديلة
وقال الخبير الاقتصادي، ممدوح الولي، :”إذا كان البعض يراهن على زيادة تكلفة الواردات القطرية مع إغلاق الحدود البرية السعودية خاصة لمواد البناء، وإمكان تعطل مشروعات البنية التحتية، فإن قطر تمتلك خمسة موانئ بحرية هي: الدوحة ومسيعيد وحالول والرويس وحمد، والمعروف أن النقل البحري يعد أرخص وسائل نقل السلع تكلفة، وربما تنطبق زيادة تكلفة الواردات على النقل الجوي”.
وذكرت وكالة بلومبرغ الأمريكية المتخصّصة في الاقتصاد، في تقرير لها أن صادرات النفط والغاز الطبيعي المسال من قطر لا يفترض أن تتأثر بالأزمة الخليجية حتى لو منعت السعودية والإمارات السفن من الإبحار في مياههما، مشيرة إلى أن الناقلات يمكن أن تبحر عبر المياه الإيرانية ثم مضيق هرمز والمياه العمانية.
وأضافت بلومبرغ أن أي محاولة لإيقاف الصادرات القطرية ستحدث أزمة هائلة وستؤدي إلى ردود خطيرة من المشترين الكبار للغاز المسال، اليابان وكوريا الجنوبية والصين والهند.
يشار إلى أن قطر هي أكبر دولة منتجة ومصدرة للغاز الطبيعي المسال في العالم، وتبلغ حصتها منه في التجارة العالمية 30%.
وأكدت “بلومبرغ”، أن “استثمارات دول الحصار، تواجه مشكلة في السوق القطرية، بالرغم من عدم قيام قطر بأي إجراءات انتقامية في هذا المجال “، مشيرة إلى أن “الشركات الكبرى في هذه الدول فقدت معاملتها التجارية في السوق القطرية، وبدأ الحصار المفروض على قطر، يحاصر الدول الخليجية المقاطعة من البحرين والسعودية إلى الإمارات”.
وتعد شركة المراعي السعودية، التي انخفضت أسهمها الى المستوى الأدنى منذ أكثر من ثمانية أشهر في 5 يونيو/حزيران، أحد أبرز الخاسرين من حصار قطر، وعلى الرغم من عدم وضوح حصة قطر من واردات المراعي، إلا أن 25% من صناعات الشركة السعودية تتجه نحو دول الخليج ( الفارسي )، بحسب بلومبيرغ.
خسائر الإمارات
وتضم لائحة الخاسرين المحتملين من الحصار، “شركة الخليج (الفارسي) للسكر، الموجودة في الإمارات، والتي تعد أكبر مصفاة للسكر في العالم، وشركة “دريك آند سكل” العالمية، التي تتخذ من دبي مقرا لها، والتي فقدت أكثر من 10% من قيمتها السوقية هذا العام، لديها حوالي 500 مليون درهم (136 مليون دولار) من المشاريع في قطر.
وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط أن الشركة لديها عقد بقيمة 343 مليون درهم لبناء المرحلة الأولى من مترو الدوحة المقرر أن يكتمل بحلول عام 2020.
وكذا شركة أرابتك القابضة (ش.م.ع) التابعة للإمارات تمتلك مشروعين مشتركين في قطر، في انتظار القضايا القانونية والمستحقات، كما بدأت شركة داماك العقارية – دبي الشهر الماضي في بناء برج سكني فاخر مكون من 31 طابقا، وتقوم بتطوير مبنيين شاهدين آخرين في قطر.
ومن المتوقع أن يواجه كل من بنك “فيرست أبوظبي” وبنك الإمارات دبي الوطني، تباطؤا في مشاريع الأعمال القادمة من قطر، إلى جانب أن الخسائر قد تصيب الودائع والقروض أيضا، حال قرر العملاء القطريين أو المقيمين في قطر سحب الودائع من هذين المصرفين، نتيجة عدم اليقين حول القرارات الحكومية بشأن تجميد الحسابات وما إلى ذلك.
وتشمل لائحة الخاسرين أيضاً شركة دكسب إنترتينمنت التي تتخذ من دبي مقرا لها، نظرا لكون هيئة الاستثمار القطرية ثاني أكبر مساهم فيها.
وقالت الشركة إنها “قد تواجه مزيدا من الضغوط إذا تحركت الأمور بشكل أكبر في الاتجاه السلبي”. وقد تواجه خطط التوسع في الشركة، بما في ذلك خططها في قطر، تحديات في ظل تزايد عدم الاستقرار.
وقد يطول تطور الأزمة الخليجية، شركة دولفين للطاقة الإماراتية، ومقرها أبوظبي، التي تعد واحدة من أبرز شركات نقل وتوزيع الغاز عالميا، وتزود الإمارات وعمان بحوالي ملياري قدم مكعب من الغاز الطبيعي القطري يوميا عبر خط أنابيب تحت سطح البحر يبلغ طوله 364 كيلومترا، والذي ما زال يعمل رغم الحصار، تنفيذا لقرار أعلنه المسؤولون القطريون بالتزامهم الكامل بعقود تصدير الغاز.
ونشرت صحيفة الفايننشال تايمز تقريرا تحت عنوان “السعوديون في الدوحة يدفعون ثمن حصار قطر”. وقالت إن “السعوديين في الدوحة خائفون من خسارة بيوتهم ووظائفهم جراء الأزمة الإقليمية”.وتشير الأرقام إلى أن نحو 17 ألف سعودي يعملون في قطر في وظائف مريحة ومستثمرون.
الاقتصاد السعودي
وعلى الصعيد الداخلي، يعاني الاقتصاد السعودي من تبعات تراجع أسعار النفط، ويفتقر إلى إنفاق استثماري فعال يسهم في تنويع مصادر دخل البلاد بعيدا عن النفط، إلى جانب الركود الذي يضرب قطاع الإنشاءات والذي تسبب في عدم تلقي آلاف العمال رواتبهم.
ويرى خبراء الاقتصاد صعوبة تحقيق أهداف المملكة المقررة لعام 2030، لا سيما مع تراجع الموارد المالية وزيادة الإنفاق على العمليات العسكرية في سوريا واليمن.
واتجهت السعودية لمراجعة أو تجميد مشاريع غير منتهية بمليارات الدولارات في البنية التحتية بهدف خفض العجز في الموازنة المتوقع أن يبلغ نحو 53 مليار دولار. ولجأت لأول مرة منذ عقود للاقتراض من بنوك عالمية لمواجهة العجز وتعثر المشاريع.
وأدت سياسة المملكة بالتوسع في الاقتراض إلى تضاعف حجم الدين السعودي العام، والذي بلغ قيمته 316.5 مليار ريال بنهاية 2016، مقارنة بـ142.2 مليار ريال في 2015.
واقترضت المملكة لأول مرة من بنوك عالمية لمواجهة عجز الموازنة وتعثر المشاريع، حيث جمعت من الأسواق الدولية سندات بقيمة 17.5 مليار دولار في أكتوبر 2016 و9 مليارات دولار من الصكوك في أبريل الماضي.