آل سعود ومسلسل خسارة الحلفاء .. تحسين الحلبي يكتب
هل ستبقى المملكة السعودية على حالها الذي لم يتغير منذ عشرات السنين من النواحي السياسية والاجتماعية؟ وهل ستبقى الإمارات العربية المتحدة رهينة لسياسة السعودية؟ أسئلة عديدة بدأت تطرحها تطورات النزاع السعودي القطري غير المسبوق في درجة الحصار والتهديد الذي فرضته الرياض على الدوحة.
إذا كانت واشنطن تمسك بخطوط معظم العلاقات بين حلفائها في المنطقة فإنها تميل أحياناً وحسب مصالحها إلى إعطاء هامش مناورة سياسية لهذه الدولة أو تلك، تجاه علاقاتها بالدول الأخرى الصديقة للولايات المتحدة، ويبدو أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ستتيح مثل هذا الهامش لعدد من دول الخليج والشرق الأوسط على خلفية النزاع السعودي القطري في أعقاب صفقة الـ«21» مليار دولار لبيع أسلحة لجيش قطر! علماً أن واشنطن قد باعت قطر خلال عامي 2015- 2016 في عهد الرئيس الأميركي السابق بارك أوباما أسلحة بقيمة 17 مليار دولار، فيكون مجمل ما اشترته قطر بقيمة 38 ملياراً لجيش لا يكاد يبلغ عدد أفراده 15 ألفاً إلى 20 ألفاً من الجنود، لتصبح كلفة تسليح كل واحد منهم 2,5 مليون دولار رغم وجود ما بين 10 إلى 15 ألفاً من الجنود الأميركيين على أرض قطر في قاعدة شديدة التسليح والتحصين! وقد جاء الإعلان الأميركي عن هذه الصفقة ضربة مباشرة للعائلة المالكة السعودية التي تهدد وتتوعد قطر منذ أن فرضت عليها حصاراً وبدأت تحشد ضدها أي دولة تستطيع شراء موقفها.
الضربة الثانية المباشرة جاءت للعائلة المالكة السعودية من حليفها التاريخي الإقليمي الآخر في المنطقة وهو باكستان، فقد ذكرت مجلة «نيوزويك» الأميركية أن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز اجتمع برئيس وزراء باكستان نواز شريف في جدة الإثنين الأسبوع الماضي وطلب منه عدم إرسال 6000 جندي باكستاني إلى قطر بموجب اتفاق عقد بين الأمير القطري تميم بن حمد وشريف، قبل عشرة أيام، مقابل تزويد قطر لباكستان بالغاز لمدة 15 عاماً، لكن شريف رفض تلبية طلب حليفه السعودي، علماً أنه أرسل له 4000 جندي باكستاني لتأمين حماية جزء من حدود السعودية مع اليمن منذ بداية الحرب السعودية على اليمن مقابل مبلغ مالي سنوي، وأمام هذا المشهد الذي استعرضت فيه العائلة المالكة قدراتها المالية وتحالفاتها الإقليمية والدولية وحروبها الداعمة للمجموعات الإرهابية في عدد من الدول، تجد الدول التي تحالفت معها ضد سورية والعراق واليمن، أنها ستكون الخاسر الأكبر معها من كل هذه النزاعات والحروب التي تقودها السعودية، وخصوصاً أمام انتصار سورية والعراق على إرهابيي داعش والنصرة والقاعدة ونظرائهم من المجموعات التكفيرية، وكذلك أمام العجز والإحباط السعودي المتزايد من حرب العائلة المالكة على اليمن.
الكويت وعمان وكذلك قطر، لم تعد تخشى آل سعود الذين ينفقون عشرات المليارات من الدولارات ضد الجوار الشقيق، بينما تزداد بالمقابل تأزمات الوضع الاقتصادي والمعيشي والنفسي للجمهور السعودي إلى حد بدأ يتوقع فيه خبراء الاقتصاد بأن تبدأ حملة متواصلة داخل السعودية لإقالة واستقالات مئات الآلاف من العمالة الوافدة بسبب الضغوط الداخلية، وتراكم الأسباب التي تؤدي إلى حالة غضب شعبي في عصر يحمل فيه معظم الجمهور السعودي هواتف ذكية تنقل له أنباءً وبرامج لا يجدها في القنوات التلفزيونية السعودية وما أكثرها!
المعلومات التي تتدفق إلى هذه الهواتف الذكية، بدأت تتعامل العائلة المالكة معها بجدية، فهي لا تستطيع أن تمنع معظمها، ولذلك تريد الآن رصد ما يتدفق منها تحسباً من تطورات مفاجئة.