ترامب يطمح لحرق الشرق الأوسط و ” حكام المال ” الذين وضعوا بيضهم في السلة الأميركية لهم دورهم في تنفيذ هذا المخطط !! كيف ؟
لماذا تقرع أمريكا طبول الحرب الكيماوية في سورية مجددا؟ وهل الأسد وحلفاؤه الروس على هذه الدرجة من الغباء لاستخدام هذا النوع من الأسلحة وفي مثل هذا التوقيت؟ وهل تتكرر فضيحة نيسان التي كشفها الكاتب الامريكي هيرش في “خان شيخون”؟
عبد الباري عطوان
تشعر إدارة الرئيس دونالد ترامب انها على وشك خسارة الحرب في سورية، وانتفاء أسباب وجود قواتها وتحالفها الذي شكلته من اكثر من ستين دولة، بسبب انكماش “الدولة الإسلامية” وقرب خسارتها لعاصمتها العراقية (الموصل)، والسورية (الرقة)، ولهذا تريد الانتقال الى افتعال معارك مع الحكومة السورية، وخلق ذرائع جديدة لاستمرار الحرب لاطول فترة ممكنة.
منذ يومين وهذه الإدارة تقرع طبول الحرب مجددا، وتدعي ان النظام السوري يستعد لشن هجوم كيميائي انطلاقا من قاعدة “الشعيرات” الجوية القريبة من حمص، وقال شون سبايسر الناطق باسم البيت الأبيض ان المخابرات الامريكية رصدت تحركات اقدم عليها الجيش السوري في هذا الاطار.
وحذر سبايسر بأنه اذا شن الرئيس بشار الأسد هجوما كيميائيا فسيدفع وجيشه ثمنا باهظا، ولا نعرف ما هو هذا الثمن، ولكن بالقياس لما حدث في نيسان (ابريل) الماضي، فانه من غير المستبعد ان “تفبرك” الولايات المتحدة وحلفاؤها في سورية حادثا كيماويا وتطلق صواريخ توماهوك لضرب اهداف عسكرية سورية، والانتقال الى المرحلة الثانية من الحرب، أي مرحلة تغيير النظام، الامر الذي قد يؤدي الى حرب عالمية لان الروس لن يستمروا في ضبط النفس وتحمل الاهانات.
***
التحرشات الامريكية بالقوات السورية في منطقة التنف الحدودية الأردنية العراقية السورية، واسقاط طائرة حربية فوق مدينة الرقة لم تفلح في جر السلطات السورية او حلفائها الروس الى مواجهة عسكرية تشعل فتيل حرب موسعة، لوعي الجانبين بهذا المخطط الأمريكي، ولذلك قرر البيت الأبيض العودة الى ذريعة الأسلحة الكيماوية مجددا، واللافت ان فرنسا وبريطانيا ايدتا هذا التحرك فورا، والتنسيق مع البيت الأبيض تجاهه، ودعم أي تحرك عسكري.
الإدارة الامريكية لا تشعر بالارتياح للتقدم الكبير الذي حققه الجيش السوري في حلب وحمص وحماة، وريف دمشق وفتح الحدود السورية العراقية في الشرق لأول مرة منذ ثلاثة أعوام، واستعادة العديد من آبار النفط والغاز التي كانت تحت سيطرة “الدولة الاسلامية” في دير الزور، ولهذا تريد تفجير الموقف مجددا في سورية لانها لا تريد لهذه الحرب ان تتوقف بأي شكل من الاشكال.
الكاتب الأمريكي الشهير سيمون هيرش المعروف بدقة معلوماته، ومصادره الوثيقة في أوساط كبار الجنرالات العسكريين ورجال الحكم في البيت الأبيض ووزارتي الخارجية والدفاع، كشف في مقال خطير نشره في صحيفة “دي فيليت” الألمانية يوم امس ان الاستخبارات الامريكية اكدت للرئيس ترامب انها لا تملك أي ادلة على ان الحكومة السورية تقف خلف الهجوم الكيماوي في “خان شيخون” قرب مدينة ادلب في نيسان (ابريل) الماضي.
واكد الكاتب هيرش نقلا عن مصادر عسكرية ان الرئيس ترامب اعطى اذنا بإطلاق 59 صاروخا على قاعدة “الشعيرات” العسكرية في حمص رغم هذه التحذيرات من اجهزة مخابراته، الامر الذي أصاب المسؤولين في المؤسسة العسكرية الامريكية بالاسى الشديد.
مسؤول عسكري كبير قال بالحرف الواحد “ان ترامب لا يقرأ شيئا، ولا يملك أي معرفة بالتاريخ، ويميل الى التصرف بشكل متسرع، ويخلط بين ادارة صفقات تجارية، وبين الاعمال العسكرية، ولا يعلم ان الخسارة في الاولى مالية، اما في الثانية فهي إزهاق أرواح يلحق ضررا بالامن الوطني الأمريكي على المدى البعيد”.
***
التحشيد الإعلامي في الوسائل التقليدية او على وسائط التواصل الاجتماعي بدأ فعلا، والصور جاهزة، والمسرح يبدو معدا لمسرحية كيمياوية جديدة، تماما مثلما حدث في نيسان (ابريل) الماضي، حيث تم تجاهل كل الطلبات الملحة لفتح تحقيق دولي نزيه ومحايد لمعرفة الحقائق حول هجوم خان شيخون، ومعاقبة المتورط العقاب الذي يستحق.
اذا كان الرئيس الأسد وحلفاؤه الروس يحققون تقدما متسارعا في ميادين القتال والسياسة معا، وحلفاؤهم في الخليج الذين يمولون الفصائل المسلحة، منقسمون على انفسهم، ويقفون على حافة حرب طاحنة بعد الازمة القطرية، والمعارضة السورية تعيش أسوأ ايامها، فلماذا يقدمون على استخدام أسلحة كيماوية تؤلب عليهم العالم بأسره.
انه المخطط الأمريكي الذي لا يريد استقرارا في الشرق الأوسط، وتفتيت دوله الواحده تلو الاخرى، ابتداء من سورية، ومرورا بالعراق، وانتهاء بدول الخليج وايران أيضا، ومن المؤلم ان هناك من حكامنا الذين يملكون المال، والكثير منه، ويضعون كل بيضهم في السلة الامريكية، لعبوا ويلعبون دورا رئيسيا لتنفيذ هذا المخطط المؤامرة.
ترامب يلعب بالنار الكيماوية ومن المؤكد انها ستحرق اصابعه، ولكن ضحايا هذا الحريق الحقيقيين هم نحن، أبناء المنطقة التي ستلتهما “المحرقة” الجديدة.