الموساد الاسرائيلي : لايمكن التعويل على ترامب
“الشرق الأوسط، الذي تم ترسيم حدوده في اتفاقية “سايكس بيكو” عام 1916، لم يعد قائماً، وبدلاً منه تجري عملية تاريخية ديناميكية جديدة، متعددة اللاعبين، المحليين والإقليميين والعالميين، والتي سترسم حدوداً جديدة لمستقبل المنطقة.
فكل هؤلاء اللاعبين ينشطون في العملية التاريخية وكل منهم يسعى للحفاظ على مصالحه الحيوية، و”إسرائيل” هي اللاعب الوحيد الذي لا ينسجم مع العملية التاريخية التي تتشكل أمام أعيننا، حيث إن السياسة المعلنة للحكومة الإسرائيلية هي عدم التدخل في ما يجري في الشرق الأوسط، من خلال التفكير الأحمق بأننا قادرون على اجتياز عملية التغيير دون أن نتعرض للضرر، بل هناك من يدعون أننا سنخرج من ذلك أقوياء”، هكذا يرى رئيس الموساد الأسبق شفتاي شافيط (1989-1996)، الأوضاع في المنطقة.
وزاد شافيط في مقال نشره بصحيفة (هآرتس) أنه “وبسبب كثرة التركيز على الأمور الهامشية وما لا فائدة منه، فشل قادتنا برؤية تطور التهديد الشامل لإسرائيل”، معتبراً أن “مستوى التهديد الشامل لإسرائيل يتصاعد، لأننا لا نسيطر أو نملك روافع للتأثير عليه”، مشدداً على أنه إذا تواصلت الظروف الحالية طوال فترة ولاية ترامب، سيعيد ذلك تدحرج التهديد إلى نقطة الضياع.
ووفقاً له، روسيا كانت ولا تزال معادية لـ”إسرائيل”، ويشير إلى أن”من الواضح أنها ستكون كذلك في المستقبل”، لافتاً إلى أن المحفز الذي يحرك فلاديمير بوتين منذ وصوله إلى السلطة هو استعادة مكانة روسيا كقوة عظمى. ورأى أنه “تاريخياً، كانت روسيا معادية لإيران، ولكن في الآونة الأخيرة أصبحت حليفتها، على الأقل في سياق منطقة الشرق الأوسط”، وأوضح أنه وفقاً لمبررات تشكيل الإستراتيجية الروسية، طالما ترفض أميركا الاعتراف بها كقوة عظمى ذات مكانة متساوية: فإن روسيا ستبذل كل جهد ممكن للوصول إلى مثل هذا الوضع بقواها الذاتية، إنها لا تخجل من اللجوء إلى كل التدابير لكي تحقق هدفها، على حد تعبيره.
وزعم أن: إيران لم تتراجع عن سعيها للوصول إلى قدرة نووية عسكرية، وتواصل تطوير كل مكون من هذه القدرة، لا يشمله الاتفاق النووي الذي وقعته مع القوى العالمية. مؤكداً أن “إيران النووية تشكل تهديداً وجودياً لإسرائيل”، وتابع: إننا بتنا نعيش بالفعل أمام “الهلال الشيعي”، الذي يخلق تواصلاً برياً إيرانياً من الحدود الغربية لإيران، مروراً بالعراق وسوريا، وصولاً إلى لبنان.
وبالنسبة لتركيا، اعتبر أنها دولة ذات نظام إسلامي معاد لا يمكن الثقة فيها، ورئيسها اردوغان، يطمح لإعادتها إلى أيام الإمبراطورية العثمانية المجيدة، وهي قوة عظمى إقليمية لا تقل عن إيران. أما أوروبا فرغم الضائقات الكثيرة التي تواجهها، لا تغير مواقفها المعادية لإسرائيل في كل ما يتعلق بالصراع الإسرائيلي- الفلسطيني والاحتلال، والصين ترى في إسرائيل مشروع تكنولوجيا فائقة معروض للبيع وتحقق مفهومها هذا بهدوء، بالتدريج ولكن بثقة، وصناع القرارات لدينا، لم يحددوا بعد ما الذي لن يبيعوه للصينيين.
وبحسب مفاهيم ترامب، قال شافيط، فإن السعودية المستعدة للتوقيع معه على صفقات لشراء الأسلحة بحجم مالي خيالي، هي الولد الجيد في الحي، موضحاً: يحظر الاعتماد على ترامب، حيث إن القول إسرائيل وأميركا هما حليفان تاريخيان إلى الأبد غير قابل للتطبيق، طالما يجلس في البيت الأبيض شخص محموم وغير متوقع، كما أكد. وحذر شافيط من أنه إذا تواصلت الظروف الحالية طوال فترة ولاية ترامب: سيعيدنا تدحرج التهديد إلى نقطة الضياع في حرب الأيام الستة والتهديد باستخدام السلاح الاستراتيجي.
وأورد شافيط في مقاله سيناريوهين: الأول يتحدث عن التوصل إلى ترتيبات أو اتفاق سلام، وفي جوهره اقتراح الجامعة العربية منذ عام 2002 كأساس للمفاوضات، إسرائيل والولايات المتحدة تتوصلان، خلال محادثات سرية، إلى تفاهمات على أساس اقتراح الجامعة العربية، حتى وإن بقيت فجوات بينهما، وواشنطن تجند دعم السعودية ومصر والأردن ودول الخليج (الفارسي)، وتقوم ما أسماها الكتلة المعتدلة بقيادة السعودية بشرح أو إقناع أو فرض هذه التفاهمات على أبو مازن.. وفي المرحلة القادمة ستجلس إسرائيل والفلسطينيين سراً للعمل على صياغة تفاصيل الاتفاق النهائي، وسترافق الولايات المتحدة و”الكتلة المعتدلة” المفاوضات.
أما سيناريو الآخرة، بحسبه، فيقول: إن حكومة “إسرائيل” سوف تواصل الانحراف يميناً، وتواصل تطوير المستوطنات وتفرض القانون الزاحف على الضفة الغربية بهدف ضمها، وسترتسم “إسرائيل” كدولة أبرتهايد وستواجه مسارات المقاطعة والعقوبات، والتهديد العسكري سيتزايد، و”الإعمال الإرهابية” من الضفة وغزة ستشتد.. وسيتم تسريع إرسال الأسلحة من إيران إلى حزب الله، وستهدد روسيا “إسرائيل” بأنها ستهاجم طائراتها إذا حلقت في الأجواء السورية واللبنانية.
واختتم قائلاً “إن إيران ستعلن عن تجديد إنتاج اليورانيوم المخصب، وسترسل سراً المستشارين العسكريين إلى غزة لمساعدة حماس، وستصرخ إسرائيل وتطالب واشنطن بالتدخل، وسيبلغ ترامب رئيس الحكومة بأنه يتعامل مع الصراع كصفقة عقارات” على حد تعبيره.