لماذا تم ابعاد ابو الغيط وجامعته عن أزمة الخليج ؟ هل أنهى التحالف الرباعي الجديد دور الجامعة ويخطط ليكون بديلا لها ؟ إليكم بعض الاجابات
لماذا تم ابعاد ابو الغيط وجامعته عن ازمة الخليج؟ وما هو السر وراء تقاطر الوسطاء الاجانب للبحث عن حلول؟ ولماذا لا يذهبون الى اليمن مثلا؟ هل انهى التحالف الرباعي الجديد دور الجامعة ويخطط ليكون بديلا لها؟ اليكم بعض الاجابات
في خضم تزاحم الحروب والكوارث الانسانية التي تجتاح المنطقة العربية ومعظم دولها، يجد المرء لزاما عليه التوقف عند بعض الاخبار ليس لاهميتها، وانما لما يترتب عليها من انعكاسات لافتة تسلط الاضواء على مفارقات السياسات العربية، وخير مثال في هذا الصدد ما حملته احدى وكالات الانباء الهامشية، من انباء حول لقاء السيد احمد ابو الغيط، امين عام جامعة الدول العربية، مع السيد اسماعيل ولد الشيخ، المبعوث الدولي الى اليمن، لبحث الازمة اليمنية.
غرابة الخبر تكمن في نسيان العرب لازمة اليمن، وللجامعة العربية معا، في ظل الازمة الخليجية، او ازمة الاثرياء العرب الاخرى، وانشغال الجميع في متابعة صراع الحيتان، والصناديق المالية السيادية، والتدخلات الخارجية، والامريكية منها خصوصا، لتأجيج هذا الصراع، من خلال الرسائل والتصريحات والمواقف المتناقضة في كثير من الاحيان.
الوساطات المتتالية التي يقوم بها وزراء خارجية دول عظمى مثل امريكا وفرنسا وقريبا بريطانيا، لا تريد حلا لهذه الازمة، بقدر ما تريد استغلالها للبحث عن عقود تجارية، وتوقيع صفقات اسلحة، لادراك اصحابها ان اطراف الازمة متوترة، وتنفق المليارات لشراء اسلحة، وشراء مواقف الدول لصالحها، وهذا ما يفسر تقاطر وزراء خارجية السعودية والامارات وقطر على العواصم الغربية، ومراكز ابحاثها لمهاجمة الخصوم وتثبيت تهم الارهاب ضدهم.
لم نكن في اي يوم من الايام من الذين يعيرون اهمية للجامعة العربية، منذ ان فقدت هويتها ودورها بفضل غياب تأثير دول المراكز ذات الرسالة الوطنية في محاربة الاستعمار ومؤامراته، وتحشيد الامة وطاقاتها باتجاه الاراضي والمقدسات المحتلة، وهيمنة المال العربي عليها وقراراتها، وتحويلها الى اداة، او غطاء، لتشريع التدخلات العسكرية في المنطقة العربية تحت عنوان دعم ثورات عربية معظمها مفبركة، في سورية وليبيا واليمن، لاغراق المنطقة في حال من الفوضى والحروب الدموية التي نراها حاليا، ولكننا نستغرب غياب، او تغييب الجامعة العربية كليا عن الازمة الخليجية، ومن دول ظلت صاحبة القرار الاول فيها طوال السنوات العشر الماضية، ووصل الامر بها الى تجميد عضوية سورية، الدولة المؤسسة فيها، ومنح مقعد ليبيا للمعارضة المدعومة من حلف الناتو.
لا نعرف اسباب هذا التغييب حقيقة، ولا نعتقد انه يعود الى مواقف امين الجامعة، السيد احمد ابو الغيط، المؤيدة للتطبيع مع دولة الاحتلال عندما كان وزيرا لخارجية بلاده، وحديثه عن تكسير اطراف اي فلسطيني يخرق الحدود المصرية من جهة قطاع غزة، واعلان السيدة تسيبي ليفني الحرب على غزة في مؤتمر صحافي مشترك معه في شرم الشيخ، فمؤهلات السيد ابو الغيط هذه هي الاكثر تأهيلا له ليكون مقربا من الدول الخليجية، ايا كان خندقها، لانها تنخرط حاليا، ودون اي استثناء في عمليات تطبيع متقدمة، وتنسج تحالفات عسكرية واستخبارية مع دولة الاحتلال الاسرائيلي التي انتقلت من خندق الاعداء الى خندق الاصدقاء والحلفاء.
عندما كانت الدول الخليجية متفقة، وتتغنى بخصوصيتها ووحدتها السياسية والديمغرافية، وتضع الخطط للتدخل العسكري في ليبيا وسورية واليمن، كانت الجامعة العربية احد ابرز ادواتها، وميدان تحركها، الآن، وبعد ان انقسمت ابتعدت عن الجامعة، وهمشت دورها، وقذفت بها الى سلة النسيان، ولا نريد ان نقول اكثر من ذلك.
الغريب ان الجامعة، وامينها السيد ابو الغيط، راضون بهذا التهميش، ولا يعترضون عليه ولو بتصريح “مغمغم” وناعم جدا، ولذلك لا نتعاطف معهم مطلقا، وان كنا نتأسف على ايام كانت فيها هذه الجامعة منبرا للوطنية والعمل العربي المشترك في حدوده الدنيا على الاقل.
قادة الخليج او معظمهم، همشوا الجامعة، وجوعوا اليمن، وبذروا بذور الفوضى والتقسيم فيه، ونشروا وباء الكوليرا في ربوعه، وقتلوا واصابوا الآلاف من ابنائه، وتعاون معهم كل من هو باحث عن مال، او فتاته، ولهذا لم يجد المبعوث الدولي ولد الشيخ من يجتمع به، لتبرير وجوده، الا السيد ابو الغيط، الذي لم يعد لديه ما يفعله ليبرر دوره ومركزه، وربما راتبه ايضا.