بيلد: لماذا بنى ترامب قاعدة جوية سرية في شمال سوريا؟
نشرت صحيفة “بيلد” الألمانية تقريرا؛ تحدثت فيه عن القاعدة الجوية السرية، التي بناها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في مدينة عين العرب (كوباني) بسوريا. وتكشف هذه القاعدة عن رغبة الولايات المتحدة الأمريكية في بسط نفوذها في سوريا بعد سقوط تنظيم الدولة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها إن الخبراء والسياسيين يتساءلون بعد سقوط تنظيم الدولة في سوريا والعراق عن الاستراتيجية، التي ستتبعها الولايات المتحدة في الحرب السورية، لا سيما وأنها اتخذت موقفا متشددا من بشار الأسد. فقد قصفت الطائرات الجوية الأمريكية قاعدة الشعيرات الجوية في شهر نيسان/ أبريل الماضي، كما أسقطت طائرة للنظام السوري في شهر حزيران/ يونيو الماضي.
وأضافت الصحيفة أن الولايات المتحدة تخلت من ناحية أخرى عن مطلبها بتنحية الأسد، حيث توصل الرئيس الأمريكي ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، خلال مؤتمر مجموعة العشرين في هامبورغ؛ إلى اتفاق يقضي بوقف إطلاق النار في جنوب سوريا.
وأكدت الصحيفة أن المصالح الأمريكية تفوق كل التوقعات. وفي هذا السياق، عرضت صحيفة بيلد حصريا صورا ملتقطة بالأقمار الصناعية تكشف الاستراتيجية الأمريكية طويلة الأمد في سوريا، حيث تظهر الصور قاعدة عسكرية كبرى قرب مدينة عين العرب بشمال سوريا.
وأوضحت الصحيفة أن هذه القاعدة العسكرية تعد من أكبر الأسرار الأمريكية في سوريا. ورغم أن الجيش الأمريكي سمح في أواخر شهر حزيران/ يونيو الماضي لقناة “سي بي إس” الأمريكية بالتقاط صور للقاعدة، إلا أن اللقطات اقتصرت على ثوان معدودة، ولم تصور إلا زوايا محددة من القاعدة. وفي شهر تموز/ يوليو الحالي، تمكنت قناة “بي بي سي” من تصوير القاعدة من الخارج عن بعد.
وفي هذا الصدد، أفاد المتحدث باسم عمليات “العزم الصلب”؛ أنه “لا يمكن أن يقدم التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة أي معلومات بشأن كيفية استخدام قاعدة مدينة عين العرب، وذلك لأغراض أمنية”. وفي السياق ذاته، أفاد هذا المصدر أن “دور هذه القاعدة يتمثل في دعم العمليات العسكرية التي يشنها التحالف”.
وأشارت الصحيفة إلى أنه لا يمكن مشاهدة هذه القاعدة العسكرية على الخرائط الرسمية وخرائط غوغل. ولم يقدم المتحدث العسكري للصحيفة أي إجابة بشأن سبب عدم وجود هذه القاعدة على الخرائط الرسمية. في المقابل، أفاد المتحدث باسم التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة أن “القاعدة العسكرية السرية تمثل نقطة دعم لوجستي لحلفائنا، أي قوات سوريا الديمقراطية”.
كما أسر المتحدث الرسمي باسم التحالف بمعلومة مفادها أن القاعدة مصممة بشكل يؤمن هبوط طائرات من طراز “لوكهيد سي-130 هيركوليز” و”بوينغ سي-17 غلوب ما ستر 3″.
وقال المسؤول لدى مركز الأبحاث البريطاني “هنري جاكسون سوسايتي”، كيل أورتون، إن “مساحة وموقع القاعدة العسكرية السرية يكشفان أن الولايات لمتحدة الأمريكية تسعى إلى بسط نفوذها في شمال سوريا”.
ونقلت الصحيفة عن مايكل هوروفيتس، الجندي السابق والمحلل لدى شركة “برايم سورس”، قوله إن “القاعدة العسكرية الأمريكية تهدف إلى تعزيز التواجد العسكري الأمريكي في سوريا على مدى طويل حتى تساهم الولايات المتحدة في رسم الملامح المستقبلية لسوريا”.
فضلا عن ذلك، أشار أورتون إلى أن هذه القاعدة العسكرية قد تعمق الخلافات مع تركيا، لا سيما وأن هذه القاعدة متواجدة في مناطق نفوذ قوات سوريا الديمقراطية على بعد 27 كم من الحدود التركية، علما بأن هذه القوات تعد بالنسبة للحكومة التركية بمثابة حزب لعمال الكردستاني. ومن هذا المنطلق، بين أورتون أنه “إذا تعزز نفوذ قوات سوريا الديمقراطية في المنطقة بفضل هذه القاعدة العسكرية، فسيكون رد الفعل التركي حتما عنيفا”.
وتحدثت الصحيفة أيضا مع الناشط الكردي، مصطفى عبدي، الذي قال إن “عددا من مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية، الذين يعملون تحت إمرة الجيش الأمريكي، تلقوا تدريبا في هذه القاعدة العسكرية”، مشيرا إلى أن “الولايات المتحدة تهدف من خلال القاعدة الجوية إلى تعزيز تواجدها جنوب الحدود التركية. كما ستستخدم قوات سوريا الديمقراطية هذه القاعدة في كل هجماتها”.
وأفاد الخبير في الشأن السوري هوروفيتس؛ أن “هذه القاعدة العسكرية ستعزز استقلالية القوات الأمريكية في المنطقة”.
وأضافت الصحيفة أن وسائل الإعلام الموالية للنظام السوري اعتبرت هذه القاعدة العسكرية بمثابة “اعتداء على السيادية السورية”. وبناء عليه، أشار كيل أوروتون إلى أن “السيادة السورية أمر خيالي؛ نظرا لأن إيران وروسيا وحدهما القادرتين على طرد الولايات المتحدة من سوريا”. ولعل هذا ما دفع مايكل هوروفيتس إلى القول إن “الأسد فقد سيادة دولته منذ انطلاقه في قتل شعبه”.
وتساءلت الصحيفة عن مدى قانونية بناء قاعدة عسكرية في دولة أجنبية، بينما يدور في سوريا جدل واسع حول السيادة السورية. في المقابل، ستحاول كل من الولايات المتحدة وتركيا، فضلا عن روسيا وإيران، بسط نفوذها على الأراضي السورية.