الاستفتاء على انفصال إقليم كوردستان العراق.. بين الحلم والرفض
تعتزم قيادة إقليم كردستان العراق إجراء استفتاء بشأن إمكانية انفصال الإقليم عن العراق بتاريخ 25 أيلول/سبتمبر القادم، في وقت يعتقد فيه المراقبون بأن هذا الاستفتاء يواجه جملة من التحديات وسيتسبب في حال تحقق الانفصال بسلسلة من المشاكل الأمنية والسياسية والاقتصادية على الصعيدين الداخلي والخارجي يمكن إجمالها بما يلي.
1 – يعتبر إقليم كردستان من الناحية التاريخية جزءاً لا يتجزأ من العراق، وأي محاولة لانفصال الإقليم تمثل في الحقيقة بادرة خطيرة من شأنها أن تهدد هوية ووحدة واستقرار هذا البلد.
2 – في حال انفصال إقليم كردستان من المحتمل جداً أن يطالب العرب السنّة بإقليم مماثل، وهذا الأمر من شأنه أيضاً أن يهدد هوية ووحدة واستقرار العراق.
3 – على الرغم من الدعم الذي يتلقاه رئيس إقليم كردستان “مسعود بارزاني” من أمريكا والعديد من الدول الأوروبية إلاّ أنه يبدو أن هذا الدعم لا يرقى إلى مستوى الموافقة على انفصال الإقليم عن العراق لأسباب تتعلق برؤية واشنطن والعواصم الغربية الأخرى لعموم المنطقة وضرورة إرضاء الحلفاء الإقليميين وفي مقدمتهم تركيا وعدد من الدول العربية.
4 – يواجه الاستفتاء على انفصال إقليم كردستان العراق رفضاً واضحاً من قبل الكثير من الأحزاب والحركات الكردية في داخل الإقليم وفي طليعتها حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه الرئيس العراقي السابق “جلال طالباني” وحركة التغيير “كوران” ومعظم الأحزاب الإسلامية خصوصاً وأن هذه الأحزاب ترفض بقاء مسعود بارزاني على سدة الرئاسة في الإقليم بعد أن انتهت مدته القانونية منذ سنوات.
كما تعتقد هذه الأحزاب بأن بارزاني يسعى لانفصال الإقليم وفق مقاساته وتصوراته فقط دون الأخذ بنظر الاعتبار وجهات نظر الآخرين في هذا المجال. ويرى حزب التغيير أن إجراء الاستفتاء غير ممكن ما لم يتوحد المجتمع السياسي في كردستان، معتبراً أن إقامة الاستفتاء في أيلول أمراً غير عملي ومضيعة للوقت، كما رأى ممثل الحزب في البرلمان العراقي “هوشيار عبدالله” أن إجراء الاستفتاء في هذا الوقت يهدف لتحقيق مصالح حزبية وشخصية.
5 – يواجه انفصال الإقليم مشكلة أخرى تتمثل بالمحافظات المتنازع عليها ومن بينها كركوك وديالى باعتبار أن هاتين المحافظتين تقطنهما قوميات أخرى كالتركمان والعرب التي ترفض الانضمام إلى الإقليم. كما ترفض انفصال الإقليم عن العراق.
6 – ترفض الحكومة المركزية في بغداد انفصال الإقليم عن العراق لاعتبارات كثيرة بعضها يتعلق بدستور البلاد الذي لا يحتوي على فقرة أو بند واحد يشير إلى إمكانية الانفصال، وكذلك لوجود مناطق نفطية في الإقليم تشكل مصدر دخل رئيسي للعراق الذي يواجه أزمة مالية في الوقت الحاضر. فإذا حصل الانفصال فستبقى هذه المناطق سبباً للمواجهة، وستصبح تسوية مصيرها غير ممكنة في المستقبل القريب.
وعلى الرغم من ضآلة إمكانية تطور الأحداث نحو المواجهة في الوقت الحاضر، حيث بدأ الأكراد في بناء تحصينات في المناطق التي يسيطرون عليها، ورغم رفضها لهذه المسألة لازالت بغداد تتحلى بالصبر، لأنها تعتقد بأن سيناريو الحرب ليس في مصلحة البلد.
– ترفض أنقرة انفصال إقليم كردستان العراق عن هذا البلد لخشيتها من مطالبة أكراد تركيا بتشكيل إقليم مماثل في المستقبل في جنوب وجنوب شرق البلاد.
7 – ترفض طهران انفصال إقليم كردستان عن العراق لاعتقادها بأن الإقليم سيسمح لأمريكا والكيان الإسرائيلي بتهديد أمن واستقرار الجمهورية الإسلامية في إيران. كما تعتقد طهران بضرورة حفظ وحدة الأراضي العراقية للحيلولة دون تحقق المشروع الصهيوأمريكي المسمى “الشرق الأوسط الكبير أو الجديد” الرامي إلى تمزيق المنطقة والتحكم بمصيرها والعبث بمقدراتها.
كما تعتقد إيران بأن اتخاذ قرارات أحادية الجانب وخارج الأطر القانونية وبصورة خاصة الدستور العراقي، سيؤدي إلى ظهور مشاكل جديدة في العراق والمنطقة التي تعاني من ظروف معقدة.
8 – تعتقد روسيا بأن انفصال إقليم كردستان عن العراق سيجعلها في موقع الخاسر من الناحية الجيوسياسية، لأن كردستان ستدور في مدار نفوذ واشنطن، وسوف تستغل الأخيرة أراضي كردستان لنشر قواعدها العسكرية.. وعلاوة على هذا، سوف تعزز واشنطن تأثيرها في منطقة ما وراء القوقاز. ولن تجني موسكو فوائد من استقلال كردستان، لأنها في أفضل الأحوال قد تحصل على بعض المشاريع في مجال الطاقة. بيد أن حقول النفط في المنطقة قد قسّمت منذ زمن بين شركات النفط الأمريكية والأوروبية.
9- من الناحية الواقعية، فإن إقليم كردستان الغارق في ديونه لدول عدة بينها تركيا، بفعل أزمته الاقتصادية، ما زال يفتقر إلى مقوّمات الدولة، ما يجعل من طريق مشروع الانفصال غير متيسر. كما إن الوضع الإقلیمي ورفض الحكومة العراقية وضغوطات المجتمع الدولي لا تسمح لکردستان بالانفصال كما أسلفنا.