” المجلس الأعلى ” و ” تيار الحكمة ” نحو الأفضل .. عادل عبد المهدي يتحدث
اعلن السيد عمار الحكيم تاسيس “تيار الحكمة الوطني” وطرح مبادئه الاساسية، وحيا اخوانه في “المجلس” مؤكداً لهم العمل معاً في البيت الاكبر.. كما اصدرت الهيئة القيادية “للمجلس” بيانا يؤكد الاستمرار بمبادئه ويتضمن العمل لوحدة ابناء التيار مهما اختلفت العناوين. وقبل هذه التطورات، كتبت افتتاحيتين لهما علاقة بالموضوع.. الاولى بتاريخ 17/7/2017 بعنوان “لا اؤيد اي انشقاق في المجلس الاعلى، او غيره”، بينت فيها رفضي الدخول في انشقاقات ومحاور وصراعات خطية وان تجميد نشاطاتي التنظيمية في “المجلس” منذ ايار 2015، وعدم حضور اجتماعات “الهيئة القيادية”، وتقديم استقالتي من الحكومة (آب 2015)، تتعلق بالوضع العام للبلاد ودور القوى السياسية، ومنها المجلس الاعلى وليس لاي سبب اخر.. والثانية (21/7/2017) بعنوان “الاختلاف والانقسام نقمة ام نعمة؟”، تشرح ان الانقسامات قد تكون نعمة او نقمة وفق الشروط وحسب الحالات.
سبق وانفك “بدر” و”المجلس الاعلى” عن بعضهما (2012).. فحصل “المجلس” في انتخابات المحافظات (2013) على 65 مقعداً، وعلى 1.1 مليون صوتاً تقريباً في عموم العراق.. بعد ان كان رصيده 55 مقعداً، وحوالي نصف الاصوات عندما كانا سوية.. فاذا اضفنا الاصوات والمقاعد التي حصلت عليها “بدر”، فان الانقسام حقق نتائج عددية وفي المواقع والادارات افضل بكثير من اوضاعهما قبل انتهاء عقدهما المؤقت. فالتنظيمان احترما بعضهما وتعاونا ولم يتهاترا، حتى بعد انضمام “بدر” لـ”دولة القانون”. وتقدما في الانتخابات التشريعية (2014) وحصدا حوالي 53 مقعداً نيابياً، مقابل تقاسمهما 19 مقعداً فقط في انتخابات 2010.. وحصلا على مواقع ومناصب وزارية وحكومية اهم عدداً ونوعاً عما كان لديهما. كما لعبت التشكيلات القتالية لمنتسبيهما ومتطوعيهما بعد “الفتوى الجهادية” المباركة، دوراً بارزاً في المعارك ضد “داعش”.. واصبح السيد رئيس “المجلس” رئيساً “للتحالف الوطني”. وتشير حالات انقسام مشابهة حصلت “للدعوة” و”التيار الصدري”، و”التوافق” و”العراقية” والاحزاب الكردية واليسارية، ان بعضها كان مفيداً بالفعل، وكانت اخرى ضارة.
هذا على صعيد العدد والمواقع والفعاليات.. اما على صعيد التطورات النوعية والادوار المستقبلية، وهو الأهم، فالتاريخ بمفرده سيخبرنا عن المنافع او الاضرار للوطن والشعب، والتي ستترتب على هذه التطورات في واحد من اكبر وأهم التنظيمات الاسلامية والوطنية العراقية. فالنجاح الحقيقي هو ليس بعدد المقاعد والمواقع، بل بالدور الذي يساعد في اخراج البلاد من ازماتها الامنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، واحلال السلم الاهلي، والانخراط في عملية اعادة بناء المجتمع والدولة، ومحاربة الطائفية والفساد، وتوقف الاحزاب عن التنافس في تقاسم الدولة والمجتمع فيما بينها.. عبر المحاصصة والاستفراد والتشريعات والاوامر والممارسات المحابية لهم على حساب المواطن والقوى الاخرى، لتعي بان دور الاحزاب ينحصر في قمم السلطتين التشريعية والتنفيذية وفي المراقبة والفعاليات السياسية والاجتماعية الجماهيرية.. لصناعة القرارات وتكوين الراي العام وسياسات الضغط.. وجعل حقوق المواطن اللامنتمي الانتخابية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والاعتبارية مساوية لحقوق المنتمين، ان لم تتقدم عليها، ليكون المعيار الاساس هو الخدمة والكفاءة والمواطنة والحقوق وليس الهوية والمناصب والمواقع والولاءات.
بعض الانقسامات او الانشقاقات قد تكون قاتلة ودليل تدهور وضعف وتشظي، خصوصاً اذا كانت ذات دوافع شخصية. وان ما يجعلها نافعة: أ) تجاوز الاختناق والتعارضات وحجز المفاهيم والمبادرات والعلاقات الجماهيرية والسياسية التي يعتقد اصحاب المبادرة الجديدة وجودها في المؤسسة الام، وعدم نجاح المساعي لحلها بما يرضي الاطراف.. ب) التعاون المشترك واحترام البعض للبعض الاخر حقيقة وفعلاً وليس بالمفردات والمجاملات فقط.. ت) ان تهز الصدمة المؤسسة الام، وان يستفز التحدي المبادرة الجديدة ليبني كلاهما، او احدهما على الاقل، مشاريع ومناهج واعمال ومفاهيم اقرب لنبض الناس ولخدمة اهداف الوطن والشعب.
املنا كبير ان تكون الخطوة بهذه الاتجاهات، وانقساماً قد يكون مؤلماً في الشكليات لوحدة اعلى ومريحة في المفاهيم والمهام والعلاقات، مما يتطلب التهنئة وتقدير شجاعة المبادرة لرئيس “تيار الحكمة” ومؤيديه، وشجاعة رد الفعل من اخوانهم “المجلسيين”.
عادل عبد المهدي