الكونفيدينسيال : بوتين يسعى للتأثير في الانتخابات الألمانية عبر 6 طرق
نشرت صحيفة “الكونفيدينسيال” الإسبانية تقريرا، تطرقت من خلاله إلى تدخل روسيا في الانتخابات الألمانية، حيث كان شبح فلاديمير بوتين حاضرا في كل المحطات الانتخابية التي شهدتها الدول الغربية مؤخرا، فيما يقول مراقبون إن الرئيس الروسي يمتلك في جعبته العديد من الأوراق التي سيعتمد عليها، في محاولة لتوجيه الرأي العام الألماني، ودعم الأطراف التي يرى فيها خدمة لمصالحه.
وقالت الصحيفة، إن شبح فلاديمير كان حاضرا خلال الأشهر الماضية في الولايات المتحدة الأميركية في خضم الانتخابات الرئاسية، في شهر تشرين الثاني، وفي فرنسا في شهر أيار. وفي الأثناء، لن تكون الانتخابات الألمانية، التي ستعقد في 24 من أيلول، استثناء، حيث يعتزم بوتين الاعتماد على الهجمات الإلكترونية، والحملات الدعائية، والمناورات العسكرية، والدعم الخفي؛ من أجل التأثير على نتيجة الانتخابات في ألمانيا.
ومن المثير للاهتمام أن بوتين، الذي عمل سابقا جاسوسا للمخابرات الروسية “كي جي بي” في برلين، يسعى لتطبيق جملة من الاستراتيجيات والتدخل في الانتخابات؛ نظرا لأن ألمانيا بلد مهم جدا لتحقيق التوازن الاقتصادي والسياسي في الاتحاد الأوروبي.
في هذا الصدد، قد يبادر بوتين بتنظيم هجمات إلكترونية ضد أحزاب ومؤسسات سياسية ألمانية؛ بغية إضعافها قبيل الانتخابات، من خلال تسريب وثائق سرية، مثل تلك التي تمت سرقتها من البرلمان في عملية قرصنة كبرى تعرض لها في سنة 2015. ويعتقد أن فريقا من القراصنة يدعى “سوفاسي” يقف وراء تلك العملية، ومن المرجح أنهم ينتمون إلى المخابرات الروسية.
وأضافت الصحيفة أن المستشار السابق، غيرهارد شرودر، قد يكون الورقة التي سيدعمها الكرملين، حيث تم تعيين هذا السياسي المخضرم سابقا في منصب مدير شركة النفط المملوكة للحكومة الروسية “روسنفت”. وفي سياق متصل، يظهر اسم هذه الشركة ضمن قائمة الشركات التي تشملها العقوبات الأوروبية. وعلى الرغم من ذلك، يعمل شرودر لصالح هذه الشركة مقابل 300 ألف يورو سنويا.
وفي الأثناء، تم تسريب معلومات في منتصف الشهر الماضي تفيد بأن شرودر سينضم لمجلس إدارة هذه الشركة في 29 من أيلول المقبل، أي بعد خمسة أيام من الانتخابات.
وذكرت الصحيفة أن برلين تشعر بالقلق إزاء حملات الفبركة الإعلامية التي قد يقوم بها الكرملين. وفي هذا الإطار، شددت مصادر حكومية ألمانية على أن الحكومة الروسية بصدد تنظيم حملات إعلامية عبر قناتها الرسمية “روسيا اليوم” وموقع “سبوتنيك” الإخباري، فضلا عن توظيف أساليب ساخرة في مواقع التواصل الاجتماعي؛ لنشر دعايتها فيما يتعلق بالانتخابات الألمانية.
وأوضحت الصحيفة أن هذه الحملات الدعائية موجهة بدرجة أولى إلى الناخبين الألمان الذين يتكلمون الروسية، والذين يبلغ عددهم حوالي 3 ملايين. فضلا عن ذلك، تستهدف هذه الحملة الناخبين القوميين والمحافظين، على غرار أنصار حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف.
واستشهدت الصحيفة بأحد الأمثلة على هذه الحملات الدعائية وعمليات التلاعب بالرأي العام، وتتمثل هذه الحادثة في قضية الفتاة ليزا، التي جدت في كانون الثاني سنة 2016، حيث تواترت قصة مفادها أن فتاة روسية عمرها 13 سنة تعرضت للاختطاف والاغتصاب على يد مجموعة من اللاجئين في ألمانيا.
آنذاك، اتهمت وسائل الإعلام الروسية ألمانيا بإخفاء القصة، والتستر على جنسية الضحية. من جانبه، أدلى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بدلوه في القضية، وطالب الجانب الألماني بتقديم توضيحات. كما خرجت مظاهرات احتجاجية في ألمانيا، على الرغم من أن الأبحاث أظهرت في النهاية أن القصة برمتها تم اختلاقها. ودفع ذلك الحكومة الألمانية للاحتجاج لدى نظيرتها الروسية، ومطالبتها بالتوقف عن بث الدعايات السياسية.
وأوردت الصحيفة أن حزب “البديل من أجل ألمانيا” قد يكون إحدى الوسائل التي قد يلجأ لها الكرملين؛ بهدف التأثير على السياسات الألمانية. حيث تشبه أفكار أنصار هذا الحزب من القوميين المتطرفين والمحافظين إلى حد كبير توجهات أنصار الرئيس بوتين في روسيا.
وتظهر العلاقة بين الطرفين من خلال البرنامج الانتخابي الذي يتبناه حزب “البديل من أجل ألمانيا”؛ فقد أعرب هذا الحزب عن رفضه للعقوبات الاقتصادية المسلطة على روسيا، في حين يعتبر أن ما قام به بوتين من خلال ضم شبه جزيرة القرم يعد أمرا قانونيا، بعلّة أن هذه المنطقة في نظرهم كانت دائما تابعة لروسيا.
واعتبرت الصحيفة أن البديل من أجل ألمانيا لا يتبنى فقط هذا الموقف من أجل التقرب من بوتين، بل يسعى أيضا من خلال ذلك وراء أصوات الألمان المنحدرين من أصول روسية. وتجلى ذلك من خلال ممارسات الحزب، حيث قام في منتصف آب الماضي بعقد اجتماع جماهيري، تحدث خلاله باللغة الروسية، ورفع شعارات مساندة لروسيا.
وأشارت الصحيفة إلى ورقة أخرى قد يلعبها بوتين للتأثير على الأجواء السياسية في ألمانيا، ألا وهي المناورات العسكرية التي يعتزم تنفيذها في هذا الشهر، تحت اسم “زاباد 2017″، والتي تمثل أكبر مناورات مشتركة بين روسيا وبيلاروسيا منذ نهاية الحرب الباردة. وعموما، ستدور هذه المناورات التي سيشارك فيها حوالي 100 ألف جندي روسي بين 14 و20 أيلول.
ومن المثير للاهتمام أن هذه المناورات أثارت حفيظة حلف الناتو، على خلفية اتساع مداها، وغموض النوايا الحقيقة من ورائها، في ظل مخاوف من أن يتجاوز الأمر مجرد القيام بمناورات عسكرية، ويتحول إلى تحرك حقيقي، أو استعداد لأمر ما.
وفي هذا الصدد، وصف قائد القوات الأميركية في أوروبا، فريديريك هودجس، الأمر بأنه شبيه “بحصان طروادة”، وذلك بهدف إدخال تغييرات تكتيكية على تمركز واستعدادات القوات الروسية.
وفي الختام، أفادت الصحيفة بأن مثل هذه التحركات العسكرية قبل أيام قليلة من الانتخابات الألمانية قد تتسبب في زلزال سياسي في أوروبا، وتحرج بعض المرشحين، على غرار أنجيلا ميركل.