اسفنج لعلاج النمط الثاني من السكري؟
يقترح بحثٌ علمي حديث من جامعة جنوب كارولينا (USC) في كولومبيا، -والذي سيُعرَض في الاجتماع والمعرِض المحلي المقام للمرة المئتان وخمسة وأربعون في العاصمة واشنطن، والتابع للجمعية الأمريكية للكيمياء- أنه قد تنقص غِرسات إسفنج من مستوى سكر الدم وزيادة الوزن عند الأشخاص المصابون بالنمط الثاني من مرض السكري، ففي بحث عن علاج جديد لهذه الحالة، صادف علماء أنه بحقن إسفنجات بلمرية داخل النسج الشحمية للمرضى، يمكن إعادة تفعيل الاتصالات بين تلك النسج وباقي الجسم، وبالتالي منع اكتساب الوزن.
فقد صادف العلماء بعد ثلاثة أسابيع من زرع غِرسات من إسفنج بلمري في بطون فئران سمينة مصابة بالسكري النمط 2، أن تلك الفئران، رغم إعطائها غذاءً عالي الدسم، قد اكتسبت وزنًا أقل من فئران نظيرة غير معالجة بالغِرسات، كما كانت مستويات سكر الدم لديها أقل.
مرض السكري:
يعد السكري مرضًا طويل الأمد، ويتطور إما عندما لا يبتكر الجسم كمية كافية من الأنسولين (النمط الأول من السكري)، أو يكون غير قادر على الاستفادة من الأنسولين بشكل فعال (النمط الثاني).
ويعتبر الأنسولين هرمونًا يعاون الخلايا على قبض السكر من الدم لتتمكن من استخدامه في إبتكار الطاقة، إذ تحتاج النسج والأعضاء الرئيسية كالكبد، والدماغ، والعضلات الهيكلية للكثير من سكر الدم حتى تعمل بشكل جيد.
وإذا لم يعالج السكري، قد يتسبب بفقدان البصر، وأمراض قلبية، وجلطات، وأمراض كلوية، ومشاكل صحية أخرى، نتيجة للضرر الذي يقوم به فرط سكر الغلوكوز في مجرى الدم.
تعد شحوم الجسم (عضوًا فعالًا):
أُحصي حوالي ثلاثون مليون وثلاثة آلاف شخص مشخص أو غير مشخص بالسكري في الولايات المتحدة الأمريكية، وتبيّن أن حوالي 95% منهم مصابون بالنمط الثاني من السكري، وقد تجاوز عدد البالغين المصابين بالسكري في الولايات المتحدة الأمريكية الثلاثة أضعاف في السنوات العشرين الأخيرة، بشكل عام كنتيجة للتقدّم في العمر ولارتفاع أعداد الأشخاص البدينين ومفرطي السمنة.
لا يوجد علاج للسكري حتى الآن، وتعتمد المعالجات الحالية بشكل كبير على قدرة المرضى على تحملها، لذلك يتحمس الباحثون لاكتشاف طرق لتدبير السكري لا تتطلب التزام المرضى بإجراءات يومية.
وقد أظهرت اكتشافات مهمة في السنوات الأخيرة أن شحوم الجسم لا تعد مخزنًا لافاعلًا للطاقة الزائدة وحسب، وإنما (عضوًا فعالًا) يطلق هرمونات ويتواصل مع أجزاء أخرى من الجسم، على سبيل المثال، أظهرت أبحاث البدانة مشاركة النسج الشحمية في نموذج معقد من حديث متبادل بين النسج يؤثر في عمليات الاستقلاب والالتهاب.
الإسفنجات البلمرية
أجرى أحد أعضاء فريق جامعة جنوب كارولينا تجارب سابقة بخلايا بنكرياسية مضمّنة في إسفنجات بلمرية، فزرعها ضمن الوسادت الدهنية لفئران مصابة بالنمط الأول من السكري كطريقة لاستعادة إبتكار الأنسولين، فقام العالم ر. مايكل غوير -الحاصل على شهادة دكتوراه- بهذا البحث عندما كان يعمل في جامعة نورثويستيرن في إيفانستون-إيلينوي، الولايات المتحدة الأمريكية، وهو الآن مساعد بروفيسور في الهندسة الكيميائية والهندسة الطبية البيولوجية في جامعة جنوب كارولينا.
وأراد البروفيسور غوير وزملاؤه في الدراسة الحديثة معرفة التأثير التي قد تمتلكه الإسفنجات البلمرية-المصنوعة من بلمر مادة ( lactide-co-glycolide)، أو اختصارًا (PLG)-بمفردها على النسج الشحمية، ويعتبر الباحثون أنفسهم (مهندسي نسج) يستهدفون مرض السكري باستعادة الاتصالات بين النسيج الشحمي وأجزاء أخرى من الجسم.
فيشرح البروفيسور غوير قائلًا: «عندما لا يأكل الأشخاص جيدًا، ولا يتمرنون، ويتعرضون للكثير من التوتر، فإنهم يكتسبون وزنًا، وعندما تتضخم مخازن الشحوم بشكل زائد، تتدهور الاتصالات مع أجزاء الجسم الأخرى، وقد يؤدي ذلك إلى الإصابة بمرض السكري، وما نحاول فعله هو إعادة تفعيل هذه المحادثة.»
تحسن نقل الغلوكوز لدى الفئران التي زُرعت فيها الغِرسات:
أجرى الفريق تجاربه على فئران سمينة قد طورت أعراضًا مشابهة للنمط الثاني من السكري، وأخضعها لحمية عالية الدسم، ثم زرع إسفنجات (PLG) ضمن الوسائد الشحمية البطنية لتلك الفئران، وخلال أسبوع واحد، امتلأت مسامات إسفنجات الـPLG المغروسة بالخلايا الشحمية، والخلايا المناعية، والأوعية الدموية.
وبعد ثلاثة أسابيع من الحمية عالية الدسم، ارتفعت نسبة شحوم الجسم لدى فئران التجربة بنسبة 10% فقط، بينما ارتفعت لدى الفئران التي خضعت لنفس الحمية دون تعرضها لزرع غِرسات الـPLG بنسبة 30%.
وعندما فحص الفريق عضلات الربلة-calf muscles الخاصة بالفئران، صادف أنه بالمقارنة مع الفئران غير المغروسة، ارتفعت مستويات ناقل الغلوكوز من النمط الرابع، وهو بروتين يعاون على نقل الغلوكوز من الدم إلى خلايا العضلات، بنسبة 60% لدى الفئران الحاملة لغِرسات الـPLG.
وتبين أن الفئران لم تعاني من أي آثار جانبية سلبية من مادة البلمر، والتي أشار الباحثون أنها موجودة في الخيوط الجراحية، ومركّبات طبعات الفم، وأنواع أخرى من الغِرسات التي تعد قيد الاستخدام حاليًا.
وقد بدأ الباحثون بالفعل في تجربة تحقيق الطريقة التي يقلل بها إسفنج البلمر من اكتساب الوزن ومن مستويات سكر الدم، وبعد ذلك سيجربون أساليب لضبط هذه الطريقة بشكل جيد وتعزيز تأثيراتها بمحفظة المادة ضمن مركبات منشطة حيويًا.
وخلال دراسة أخرى متعلقة بالحالية ستُعرض أيضًا في الاجتماع ذاته، اكتشف الفريق مسبقًا مركبًا يبدو بأنه يعزز من تأثيرات المادة، ويدعى المركب بالريسفيراترول-resveratrol، ويتواجد في النبيذ الأحمر وأطعمة أخرى.
ويختتم ر. مايكل غوير: «أعتقد أن المثير بحق في هذا البحث ومقتضياته هو أننا نشاهد كيف يؤثر غرس هذه المادة الحيوية في النسج الشحمية، والتي لها القدرة على التواصل مع أعضاء أخرى، في الجسم كله.»