روحاني: لا تهزنا التهديدات وخطابنا خطاب كرامة
قال الرئيس الإيراني حسن روحاني ان أمريكا باتت تفقد ثقة الآخرين بها ومصداقيتها العالمية، بنقضها للتعهدات الدولية، مشيرا إلى أن هؤلاء الذين يتصورون أنهم قادرون علي احتواء الآخرين بإفقار الشعوب، يرتكبون خطأ فادحا.
ونقلت وكالة أنباء (ارنا ) الإيرانية عن روحاني في كلمة ألقاها اليوم الأربعاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة قوله: “إن ما سمعناه يوم أمس من الرئيس الأمريكي وخطابه الجاهل والقبيح والحاقد والمليء بالمعلومات الخاطئة والاتهامات ضد الشعب الإيراني في هذا المكان المحترم، لا يشكل اساءة للأمم المتحدة فحسب ،بل يتعارض مع ما تطالب به الشعوب من هذا الاجتماع، الذي يعقد لاتحاد الدول من اجل مواجهة الحرب والارهاب”.
ووصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس الاتفاق الدولي بشأن برنامج طهران النووي بـ”المحرج” لأمريكا وقال إنه “أحادي”.
وقال روحاني: ” الاعتدال هو نهج ودين الشعب الإيراني العظيم ، نهجنا هو الاعتدال وليس العزلة، الاعتدال وليس التجاهل ،الاعتدال ليس العنف والعدوان”.
وشدد الرئيس الإيراني بالقول: “نحن اليوم في طليعة مكافحة الارهاب والتطرف المذهبي في الشرق الاوسط، وان موقفنا هذا ليس موقفا طائفيا وإنما موقف إنساني وأخلاقي واستراتيجي”.
وقال :لا يمكن ان نقبل ابدا ان يقوم الكيان الصهيوني الذي يهدد المنطقة والعالم بالسلاح النووي، ولا يلتزم بأي من القوانين الدولية، بنصح الشعوب الداعية للسلام.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد قال في كلمته أمس بالأمم المتحدة إنه يجب تغيير أو إلغاء الاتفاق، وحث هؤلاء المعنيون بـ”إصلاحه أو إلغائه”.
ويعني إلغاء الاتفاق استعادة العقوبات الهائلة التي كانت مفروضة على إيران حتى تلغي برنامجها النووي، في حين إصلاحه من شأنه أن يعني إعادة التفاوض لفرض ضوابط وعقوبات أكثر صرامة على طهران.
وذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في جنيف أوائل الشهر الجاري أن إيران أذعنت بالكامل لشروط الاتفاق، ولكن الولايات المتحدة شككت في مدى فعالية عمليات التفتيش التي أجرتها الوكالة.
واردف روحاني قائلا : ” إنني إذ أعلن وبكل صراحة أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لطالما التزمت وستبقي ملتزمة بالاتفاق النووي، ولن تكون ابدا البادئة في نقضه، لكنها لن تقف مكتوفة أيدي إزاء أي نقض للاتفاق؛ انه لمن دواعي الاسف أن ينهار هذا الاتفاق بيد /حديثي العهد بالسياسة/ بذلك يكون العالم فقد فرصة كبيرة، وأن مثل هذه الخطوة لن تقدر أبدا إخراج الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن سكة التطور والتكامل”.
وسلطت الاضواء الاربعاء في الامم المتحدة على الاتفاق النووي الايراني مع ترقب رد الجمهورية الاسلامية غداة الخطاب الحاد الذي القاه الرئيس الاميركي دونالد ترامب واجتماع يضم للمرة الاولى وزيري الخارجية الاميركي والايراني على نفس الطاولة.
وفي صلب الازمة بين البلدين، الاتفاق النووي المبرم بين ايران والقوى الكبرى بينها الولايات المتحدة عام 2015 والذي يهدد ترامب بالانسحاب منه.
يفترض ان يعلن الرئيس الاميركي بحلول منتصف تشرين الاول/اكتوبر امام الكونغرس ما اذا كانت طهران تحترم فعلا تعهداتها التي من شأنها أن تضمن الطبيعة السلمية تماما لبرنامجها النووي. في حال لم يثبت هذا الالتزام امام الكونغرس، فان ذلك سيفتح الطريق امام اعادة فرض عقوبات سبق ان رفعت ما يعني بالنسبة لبعض الدبلوماسيين الاوروبيين “الموت السياسي” للاتفاق.
وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الامم المتحدة نيكي هايلي الاربعاء في حديث لشبكة “سي بي اس″ ان الرئيس ترامب “لم يعط اشارة واضحة بانه يعتزم الانسحاب منه. الامر الواضح هو انه ليس مسرورا بهذا الاتفاق”.
لكن هذا الاحتمال يثير قلق الدول الاخرى الموقعة على الاتفاق، فرنسا وبريطانيا وروسيا والصين والمانيا. وقال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون لصحيفة “ذي غارديان”، “نحض بدون توقف الولايات المتحدة على عدم الانسحاب منه. اقول ان الفرص قد تكون مناصفة 50/50″.
من جهته شدد الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية لو كانغ على ان الاتفاق “نتيجة مهمة لتعددية الاطراف. انه مثال على طريقة حل ازمة دولية عبر السياسة والدبلوماسية”.
وكان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون دافع بقوة الثلاثاء عن الاتفاق امام الامم المتحدة قائلا انه “مفيد وأساسي من اجل السلام”. واضاف ان الانسحاب منه “سيكون خطأ جسيما، وعدم احترامه سينطوي على انعدام مسؤولية”.
وسيكون هذا التجاذب حاضرا خلال اجتماع تعقده في نيويورك الدول الموقعة على الاتفاق التاريخي بين ايران والقوى الكبرى الست وسيشهد اول لقاء بين وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون ونظيره الايراني محمد جواد ظريف منذ تغير الادارة الاميركية في كانون الثاني/يناير.
وحذر وزير الخارجية الاميركي الثلاثاء من ان الولايات المتحدة لن تبقى ملتزمة بالاتفاق الا اذا “ادخلت عليه تعديلات” لانه “يجب اعادة النظر في النص فعليا”.
باستثناء دعم اسرائيل، فان الولايات المتحدة معزولة في هذا الملف حيث ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية المكلفة التحقق من احترام الالتزامات الايرانية اكدت باستمرار التزام ايران بتعهداتها الواردة في الاتفاق المبرم في تموز/يوليو 2015.
واعادة فرض العقوبات من شأنها ان تبطل العمل باتفاق ابرم على اساس الرفع التدريجي للعقوبات مقابل الحد من الانشطة الايرانية في المجال النووي.
وتدافع ايران بشدة عن هذا النص وترفض اي اعادة تفاوض حوله، يدعمها في ذلك الاوروبيون والامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش.
وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني في مطلع الاسبوع ان “الاتفاق لا يخص دولة او اخرى انه يخص المجموعة الدولية.
– بيونغ يانغ “تراقب عن كثب”-
لكن الخطاب الذي القاه ترامب الثلاثاء امام الجمعية العامة للامم المتحدة يوحي بانه يميل الى “تمزيق” هذا النص كما وعد به خلال حملته الانتخابية للوصول الى البيت الابيض. وقال امام قادة العالم اجمع ان الاتفاق مع ايران “هو من أسوأ” الاتفاقات التي ابرمتها واشنطن على الاطلاق مضيفا “بصراحة، هذا الاتفاق معيب للولايات المتحدة”.
وهاجم ايضا ايران واصفا اياها بانها “دولة مارقة تزعزع الاستقرار” في الشرق الاوسط عبر تصدير “العنف وحمام الدم والفوضى”. وردت الخارجية الايرانية بوصفه بانه “خطاب الجهل والكراهية”.
في محاولة لانقاذ الاتفاق، عرضت فرنسا احتمال اعتماد “ملحق” للاتفاق النووي مع ايران يحدد مستقبل العلاقة بعد 2025، الموعد الذي تسقط فيه بعض القيود الواردة في الاتفاق، ما قد يشكل مخرجا لواشنطن. لكن تيلرسون اعتبر ان تحديد موعد لرفع هذه القيود هو “اكبر ثغرة فاضحة” في النص.
ويحاول الاوروبيون اقناع واشنطن بعدم الخلط بين السياسة النووية الايرانية واعتراضات اخرى لديهم حيال ايران، مثل برنامجها البالستي او “زعزعة الاستقرار” في المنطقة (سوريا ولبنان واليمن).
من جانب آخر، عبر عدة دبلوماسيين عن قلقهم من التداعيات السلبية لتغير مفاجئ في الموقف الاميركي حيال ايران في حين لا تزال المجموعة الدولية تأمل في اعادة بيونغ يانغ الى طاولة المفاوضات.
وقال الرئيس الايراني حسن روحاني “اذا امتنعت الولايات المتحدة عن احترام الالتزامات ونسفت الاتفاق فهذا سيعني تحملها تبعات فقدان ثقة الدول فيها”.
ورأى ستيوارت باتريك الباحث في مجلس العلاقات الخارجية ان “الكوريين الشماليين يراقبون عن كثب كيف تتم معاملة ايران” لمعرفة “ما سيكون مصيرهم في حال وافقوا في احد الايام على التخلي عن اسلحتهم النووية”.
في المقابل، رأى بهنام بن طالب لو من مجموعة الضغط المحافظة “مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات” التي تنتقد بشدة الاتفاق النووي، ان “اعتماد نهج مشدد حيال طهران سيعزز مصداقية الولايات المتحدة” ويضعها في موقع قوة في أي مفاوضات محتملة في المستقبل مع كوريا الشمالية.
والى جانب ايران، يلقي رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي ايضا خطابين الاربعاء خلال اليوم الثاني من اعمال الجمعية العامة السنوية للامم المتحدة.