معرض فرانكفورت للسيارات لعام 2017 الأهم في العالم
أفتتح في يوم الرابع عشر من هذا الشهر (أيلول / سبتمبر) معرض فرانكفورت للسيارات الذي يعتبر المعرض الأهم في عالم صناعة السيارات العالمية وأهم معرض يقام في مدينة فرانكفورت التي تعد عاصمة المعارض في العالم.
و من الممكن القول أن فرانكفورت مهيئة لأقامة مثل هذه المعارض لامتلاكها البنية التحتية لها، ففيها أكبر مطار في المانيا و الذي يعتبر صاحب أكبر عدد من الخطوط الدولية في العالم و يسع لثلاثة و ستين مليون مسافر سنويا بالأضافة الى العدد الكبير من الفنادق التي تستغل وجود المعرض برفع أسعارها. و في نفس الوقت فأن مدينة فرانكفورت من أهم المراكز المالية في العالم و عاصمة المال في المانيا، كما انها مدينة آمنة. و تمثل صناعة السيارات أحدى أهم ركائز الصناعة و الأقتصاد في المانيا.
و اما المعرض نفسه فانه الوسيلة الرئيسية للشركات العالمية للسيارات لعرض آخر منتجاتها ليس فقط من حيث السيارات بل أيضا بالنسبة للأجهزة المتعلقة بها بأي شكل كان.
و اذا تمعنا النظر في السيارات المعروضة فأننا نجدها مخيبة للآمال نوعا ما فقد قرأنا جميعا عن السيارات الجديدة قبل المعرض كما أن الميزات الجديدة كانت قليلة و لذلك فقد خلت المعروضات من أي شيء يثير الدهشة لمحبي السيارات و قد زاد من الطين بلة أن الشركات المشاركة عرضت السيارات التي تباع عادة في المانيا فقط و لذلك فقد كانت هناك سيارات مثيرة للأهتمام لم تعرض لأنها لا تباع في المانيا. و بالأضافة الى ذلك فأن الشركات البارزة في هذه الصناعة كانت تقدم السيارات الأبرز مثل اللمبورغيني التي كانت دائما الأجمل و سيارة R8 الرياضية و التي أعلنت شركة أودي المصنعة لها بأنها ستنتج عددا محدودا منها فقط. و أما سيارة مايباخ الجديدة و التي تنتجها شركة مرسيدس بنز فقد كانت أقل جمالا في الواقع مما تبدو عليه في الصور.
و جاء معرض هذه السنة مختلفا من ناحية هامة، فللمرة الأولى ترفض بعض الشركات المعروفة الأشتراك فيه و أبرزها هي شركة “تسلا” الأمريكية التي تعتبر أحدى أكثر الشركات التي يتحدث عنهاالأعلام العالمي. و هناك ظاهرة أخرى الا و هي الحملة الشديدة ضد محركات الأحتراق الداخلي التي تستعمل البنزين بشكل عام و الديزل بشكل خاص كوقود متهمة أياها بتلويث البيئة مما جعل بعض الدول تعلن انها ستمنع انتاج أية سيارة تعتمد على الأحتراق الداخلي أعتبارا من عام 2040 و أهم هذه الدول الصين و فرنسا. و لذلك فأن الحملة الحالية هي التركيز على السيارات الكهربائية و تتسابق الشركات لأنتاج مثل هذا النوع من السيارات كما تحاول حكومات الدول المنتجة للسيارات تشجيع المستهلكين لشرائها عن طريق تقديم الدعم المالي لكل من يشتريها.
و لكن قد تكون هناك مشكلة أكثر خطورة على صناعة السيارات و سببها هو التقدم العلمي نفسه، فكما يدعي الخبراء فأن السيارة التي تسير بدون سائق ستظهر في أوائل العقد المقبل و سيؤدي هذا الى اختفاء مفهوم الملكية الخاصة للسيارة و بالتالي سيسبب ذلك الى تقليل عددها بشكل كبير و سيشكل هذا ضربة قاسية لشركات السيارات. و قد يكون هذا مؤذيا بشكل خاص للشركات المنتجة للسيارات الفارهة أو الرياضية فمثلا مالغرض من شراء سيارة رياضية فائقة السرعة و باهضة الثمن اذا كان مالكها لا يستطيع قيادتها بنفسه و ستراعي هي و بشكل تلقائي القوانين المتعلقة بالسرعة و سيكون هذا خيبة أمل كبيرة لهواة استعراض قدراتهم في قيادة السيارات. و لا يمكن تجاهل هذه المشكلة حيث يعتقد الخبراء أن السيارات التي لا تحتاج الى سائق (يطلقون عليها اسم السيارات المستقلة) ستؤدي الى فقدان خمسة ملايين شخص لوظائفهم في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها لأنه لن تكون هناك حاجة لسائقي الشاحنات و الحافلات و سيارات الأجرة و السائقين الخاصين. و ظهور السيارات المستقلة سيشكل نقلة نوعية كبيرة و مفاجئة، فمثلا انه من الجدير بالذكر ان المشكلة قد أخذت بالظهور الآن، فلماذا يشتري المرء سيارة يقودها بنفسه الآن و تصبح قديمة عندما تظهر السيارة المستقلة و التي على الأغلب ستكون كهربائية و الحكومات تضيق الخناق الآن على السيارات التي تعتمد على الأحتراق الداخلي أي التي تستعمل البنزين و الديزل. فما ان تظهر السيارة الكهربائية المستقلة حتى تصبح جميع السيارات الأخرى ليست قديمة جدا فحسب بل و رخيصة جدا لأنه لن يكون هناك الكثير من الراغبين لشرائها في حالة رغبة المالك في بيعها.
و من الملاحظ في الوقت الحالي أن وتيرة التطور التكنولوجي في السيارات الكهربائية في حالة تسارع مما يشكل مشكلة لمالكي السيارات عندما يريدون بيعها و هذا يحدث الآن و قبل الأنتقال التكنولوجي المرتقب.
و نعود الى معرض فرانكفورت للسيارات، ان زائر المعرض سيلاحظ بسرعة ان عليه ان يقطع مسافات طويلة مشيا على الأقدام عندما ينتقل من جناح الى آخر و لذلك فأن الزائر الكبير في السن أو الذي يعاني من مشاكل صحية سيعاني الكثير منه. و يؤخذ على المعرض أيضا قلة موظفي الأستعلامات الذي يحتاجهم المرء دائما، و لكن الأمر الجيد أنهم جميعا يتكلمون اللغة الأنكليزية بطلاقة. و الأغلبية العظمى من الزوار و قد يصل عددهم الى ربع مليون زائر ليسوا من خبراء السيارات بل انهم يزورون المعرض و كأنه مدينة ملاهي فيتجمعون حول السيارات الشهيرة بشكل غوغائي و يصطفون للحصول على فرصة الدخول في احداها و تجربة. و لذلك فاننا لا نشاهد الزائر المنفرد بل مجموعات من الزوار حيث يذهب المرء الى المعرض لقضاء يوما ممتعا مع أصدقاءه أو عائلته.
و بعد كل ما ذكرناه عن معرض فرانكفورت للسيارات فأننا نتساءل عن مستقبله و مستقبل صناعة السيارات بشكل عام، فالكثيرين من العاملين في صناعة السيارات و جميع الذين يقودونها كعمل لهم قد يتحولون الى عاطلين عن العمل خلال سنوات قليلة.