“حورية داعش” تتحدث عن انضمامها للتنظيم وتنوي العودة للمسيحية
على الرغم من أن مقاتلي جهاز مكافحة الإرهاب ألقوا القبض عليها أثناء المعارك الأخيرة في تحرير أيمن الموصل، إلا أن “ليندا فينسل” بدت بمظهر لا يمت لأحوال الحرب بصلة.
لم يكن في حسباننا ونحن نرافق قاضي التحقيق المختص بنظر قضايا الإرهاب أن نرى متهما يقف أمامه مثلها، فما أن نادى عليها الموظف المرافق للقاضي حتى أطلت أمامنا الشابة الألمانية لنكتشف أنها تبلغ من العمر سبعة عشر ربيعاً فقط.
“ليندا” التي عرفت في الصحافة أثناء اعتقالها بحسناء داعش واُعتقد أنها مختطفة أيزيدية، نسجت التقارير الصحفية عنها قصصاً كثيرة وغريبة لم تستند أغلبها إلى معلومات رسمية، إلا أن هذه التقارير لم تخطئ في توصيفها، فهي بحق تعبر عن هوس مقاتلي التنظيم الإرهابي بالحوريات.
وتحدثت ليندا فينسل إلى “القضاء” عن قصة انتمائها لتنظيم داعش الإرهابي، مشيرة إلى “ندمها على قدومها وانتمائها”، كما تحلم بالعودة إلى ديانتها المسيحية.
بداية الطريق
قالت فينسل بلغة ألمانية وهي تضع حجابا على رأسها “تعرفت بمنتصف عام 2016 على فتاة أردنية تدعى فاطمة كانت قد حدثتني لمدة طويلة عن ضرورة تركي للمسيحية واعتناق الدين الإسلامي، وبعد محاولات كبيرة عرفتني على شخص يدعى (أبو خالد)، وهو إمام جامع في مدينة بولستنيز التي تقع جنوب ألمانيا وتعد من المدن الفقيرة وعرفنا من الأجهزة الأمنية والمخابراتية أن هذه المدينة من أكثر المدن التي تنشط فيها الجماعات الإرهابية في ألمانيا”.
أضافت “ليندا” أن ابو خالد لم يتحدث معها كثيرا بحجة أنها امرأة مما يصعب عليهما أن يختليا مع بعضهما، لكنه طلب منها التواصل مع فاطمة بعد أن زودها بمجموعة من الكراسات باللغة الألمانية التي تتحدث عن اعتناق الدين الإسلامي.
وتضيف “أنني تبيّنت بعد ذلك أن امتناع أبو خالد عن لقائي كان بسبب مراقبة الأجهزة الأمنية الألمانية له ولمن يلتقيه”.
استمرت فاطمة بالتواصل مع “ليندا” بحسب قول الأخيرة، وقامت بإشراكها في مواقع ومنتديات على الانترنت تابعة للتنظيم الإرهابي تعرفت عن طريقها بفتاة تسمى “مكة” وهي ألمانية من أصول شيشانية، واضطلعت هذه الأخيرة بإقناعها بالانضمام الى التنظيم الإرهابي وطلبت منها بحسب ما قالت “ليندا” أن تترك التواصل مع فاطمة.
مواقع الكترونية
وعن طريق هذه المواقع الالكترونية تقول “ليندا”: “تعرفت على شاب شيشاني يدعى محمد، ويكنى بـأبي أسامة الشيشاني”، قام هو الآخر بإقناعها بالانضمام للتنظيم، وبالفعل استطاع هؤلاء جميعهم أن يقنعوها، إلا أنها أخفت تحوّلها هذا عن أسرتها، إلا أن إدارة مدرستها شعرت بانضمامها وأخبرت عائلتها عن طريق رسالة على البريد الالكتروني بهذا التحوّل”.
“صرخت أمي عليّ وضربتني عندما وصلت رسالة المدرسة الالكترونية لها”، تضيف ليندا للقاضي: “ولأن علاقتي بأمي من الأساس ليست على ما يرام لأنني أنحاز لأبي بعد انفصالهما منذ مدة ليست بالقصيرة، ازدادت العلاقة سوءاَ بيني وبين أمي”.
وعند سؤال القاضي لها عن عمل أمها و أبيها، أجابت أن “أمي تعمل بمكتب تنظيف وأبي يعمل في البلدية”، واسترسلت “بسبب صعوبة العيش في البيت اتصلت بمحمد “أبو أسامة الشيشاني ” وطلبت منه أن يساعدني بالخلاص من مشكلاتي العائلية فطلب مني القدوم إلى تركيا ووعدني بالزواج”.
زواج عبر الهاتف
تقول “أعطاني أبو أسمة الشيشاني تعليمات حول كيفية السفر”، وتجيب ليندا على سؤال القاضي عن كيفية تمكنها من السفر وهي لم تتجاوز السن القانونية لافتة إلى أن ذلك جرى “عبر تزوير توقيع أمي وبالفعل استطعت الوصول الى تركيا إلا أنني فور اتصالي بابي أسامة الشيشاني أخبرني أنه اضطر الى الذهاب لسوريا وطلب مني أن نتزوج عبر الهاتف وهذا بالفعل ما حصل”.
وتكمل “بعدها طلب مني أبو أسمة الشيشاني أن أقصد مدينة أزمير وسيكون هناك من يساعدني إلى الوصول إليه، وعند وصولي إلى الحدود التركية السورية وجدت مجاميع من الشيشانيين طلب مني “أبو أسامة” الانضمام لهم، وقاموا هم بدورهم بإدخالنا إلى الأراضي السورية، عبر المشي على الأقدام لمدة ثلاث ساعات وبطريقة غير شرعية”.
تتابع ليندا “نقلني أبو أسامة الذي التقيته هناك، إلى منطقة قريبة في دار كبيرة ومعزولة بقينا فيها ليوم واحد فقط، ومن ثم نقلنا بسيارات كبيرة مع عائلات أخرى جمعت فيها النساء المتزوجات مع أزواجهن وكانت السيارات مغطاة بالخضراوات وعرفت أننا وصلنا إلى مدينة الموصل العراقية”.
ليندا في الموصل
فور وصولنا إلى الموصل أسكنونا في معسكر كبير -تكمل “ليندا” حديثها- بقينا فيه لمدة شهر كامل، ومن ثم انتقلنا أنا وأبي أسامة إلى بيت لوحدنا، وعند سؤال القاضي عن معرفتها بعمل أو مركز زوجها، أجابت أن “كل ما أعرفه أنه مقاتل في التنظيم ولم يكن يتحدث لي عن عمله، ولم يكن يشركني بعمله أو يطلب مني شيئا معينا”.
“كانت حياتنا عبارة عن لقاء زوجي محدد، و يقضي ابو اسامة أغلب الوقت خارج البيت ولم أكن أعرف أين يذهب”، هكذا قالت فيما أنكرت أنها شاركت بالقتال أو أي دور آخر اضطلعت به.
جليسة الدار!
وأجابت القاضي عن عملها في الموصل بأنها كانت جليسة الدار ولا تلتقي بأحد فقط بأبي أسامة وزوجة مسؤول الهيئة الادارية في التنظيم والتي كانت توصل لبيت المقاتلين ما يحتاجون من طعام واحتياجات أخرى، والتي أخبرتها بعد ثلاث أشهر من وصولها الموصل بأن زوجها أبو أسامة قتل في المعارك مع القوات المسلحة العراقية.
وبرغم طلبها العودة الى ألمانيا، إلا أن التنظيم كما تدعي “ليندا”، “منعني من هذا وأعطاني مبلغ 200 دولار كتعويض يعطى لزوجات من يقتل من أفراد التنظيم”.
وأفادت بأنه “عند اقتراب القوات العراقية قام التنظيم بجمعنا في أحد مستشفيات المدينة، وعند اشتداد المعارك في الجزء الأيمن من مدينة الموصل لم يكن أحد من أفراد التنظيم قد بقي لحمايتنا، ما اضطرنا الى الخروج من المستشفى لنجد القوات العراقية أمامنا التي استطاعت برغم شراسة المعارك أن تنقلنا إلى منطقة بعيدة عن تبادل النيران”.
صحيفة القضاء