حتى لانضحك على شعبنا اياد السماوي يكتب
حتى لا نضحك على شعبنا …
لا شّك أنّ أزمة استفتاء الانفصال عن العراق قد أفرزت حقائق لا يمكن تجاهلها أو غض الطرف عنها , فيما لو أردنا بحق وبصدق أن نعيش معا بأمن ورفاه تحت علم واحد ودستور واحد وقانون واحد , وعلينا مواجهة الحقيقة كاملة بوعي وحكمة وشجاعة ومن دون أن نكذب على بعضنا البعض , فلا مجال بعد اليوم للخداع والتمّسك بالشعارات الكاذبة , فأزمة الاستفتاء أثبتت زيف شعار الوطن الواحد والشعب الواحد , والحقيقة الأولى التي أفرزها الاستفتاء هي أنّ الغالبية العظمى من أكراد العراق يريدون الانفصال بدولة مستقلة هي بالنسبة لهم حلمهم التاريخي , وهذه الحقيقة لا يشترك بها مسعود وحزبه الانفصالي , بل يشاطره بهذه الرغبة كلّ الأحزاب الكردية من دون استثناء أي منها , والحقيقة الثانية هي مشاركة كل الأحزاب الكردية بهذا الاستفتاء وبقناعة وفرح غامر , والحقيقة الثالثة هي أنّ بعثاتنا الدبلوماسية في الخارج بحاجة إلى إعادة النظر فيها بشكل جذري , والحقيقة الرابعة هي أنّ مسعود ما كان ليندفع بهذه الحماقة لولا مساندة كل الأحزاب السياسية الكردية وكافة الفعاليات الرسمية والشعبية ومشاركتها فيه , والحقيقة الخامسة التي كشفتها عودة محافظة كركوك والمناطق الأخرى في محافظات نينوى وديالى إلى السيادة الوطنية , أنّ قوات البيشمركة التي أرادها مسعود أن تكون أقوى من الجيش العراقي , ليست أكثر من نمر من ورق .
وإن كان هنالك ثمة نوايا حقيقة وصادقة للتفاهم من أجل العيش بوطن واحد وتحت علم واحد ودستور واحد وقانون واحد وإنهاء هذه الإشكالية التي استمرّت منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة وحتى هذه اللحظة والتي كلّفت الشعب العراقي الكثير من الحروب والدمار والآلام , فعلى كرد العراق اختيار واحد من أثنين , أمّا الانفصال عن العراق ومن هذه اللحظة وبالحدود التي رسمها مجلس الأمن الدولي عام 1991 والتي وافق عليها الأكراد حينها كحدود فاصلة بين الإقليم والحكومة العراقية وبشكل سلمي ومن دون حروب وإراقة دماء ودمار وآلام , وفي هذه الحالة لا علاقة للحكومة العراقية بما ستواجهه الدولة الجديدة من قبل دول الإقليم الرافضة لأي كيان على حدودها يهدد أمنها القومي ويهدد وحدتها ومستقبل شعوبها , أو القبول بخيار البقاء ضمن العراق الواحد الموّحد , والقبول بهذا الخيار تترّتب عليه التزامات يجب الموافقة عليها وإقرارها بشكل نهائي وإلى الأبد , وهذه الالتزامات هي :
أولا – التّخلي بشكل نهائي عن السعي للانفصال عن العراق أو المطالبة مستقبلا بحق تقرير المصير بدولة مستقلّة , واعتبار اختيار البقاء ضمن العراق هو تقرير المصير .
ثانيا – القبول بسيادة الحكومة العراقية الاتحادية على كل جزء من العراق بما فيه كردستان .
ثالثا – الإقرار بعلوية الدستور العراقي والقوانين الاتحادية على دستور وقوانين الإقليم .
رابعا – القبول بالمفاوضات تحت سقف الدستور العراقي والقوانين النافذة .
خامسا – أن لا يكون مسعود أو أي فرد من عائلته ضمن الوفد المفاوض مع الحكومة الاتحادية .
سادسا – أن تقرّ حكومة الإقليم أنّ الأمن والدفاع والثروة والسياسة الخارجية هي من اختصاصات الحكومة الاتحادية الحصرية , ولا يجوز للإقليم التجاوز على هذه الصلاحيات .
وإذا ما أعلن الإقليم موافقته على هذه الشروط وتخلّى بشكل نهائي عن حلم الانفصال عن العراق , فعند ذلك يكون التفاوض مجديا ونافعا بل وضروريا , وبعكسه فلا نضحك على شعبنا بمثل هذه المفاوضات العقيمة .
أياد السماوي