استثناء ” سوريا والعراق وإيران ” من مؤتمر الحلف الإسلامي ضد الاٍرهاب ، أمر خطير ولا يمكن تجاهله .. عطوان يتحدث ..
لماذا استثنى مُؤتمر الحِلف الإسلامي ضِد الإرهاب في الرّياض سورية والعِراق وإيران؟ وهل سَيُكرّس الطّابع السُّنّي في مُواجهة “العَدو” الشِّيعي؟ وهل سَتُركّز حُروبه المُقبلة على تَصريحاتِ الأمير بن سلمان التي وَصفت الخامنئي بهِتلر.. لا فائدةَ من استرضائِه؟
ترأس وَليُّ العَهد السعوديّ الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز اليوم الأحد الاجتماع الأول لتحالفٍ إسلاميٍّ عَسكريٍّ كان قد دَعا إلى تَشكيله قبل عامين، وبهَدف مُحاربة الإرهاب، وتَعميقِ كُل مجالات التّنسيق الاستخباريّ والماليّ والعَسكريّ والسياسيّ والإعلاميّ بين الدّول الأعضاء (40 دولة) في هذا المِضمار.
أيُّ تنسيقٍ في مجالاتِ الحَرب على الإرهابِ الذي ابتليت فيه، أو بمُعظمه، مِنطقة الشرق الأوسط، تَحوّلت بسببه إلى نُقطةِ تَصديرٍ له إلى أجزاء عديدةٍ في العالم، وخاصّةً الإسلامي منه، يَستحق التنويه، لأن هذا الإرهاب، سَواء كان إرهاب الدّولة (إسرائيل)، أو إرهاب الجَماعات المُتشدّدة بات يُشكّل عامل عدم استقرار، وعَرقلةً لخُطط التنمية، والسلْم الاجتماعي.
لا نَعتقد أن مُؤتمر الرياض سيُشير من قريبٍ أو بعيد إلى الإرهاب الإسرائيلي الرّسمي في داخل الأراضي المُحتلّة، أو في دُول جِوارها، لأن الإرهاب الذي سَيُركّز عليه هو “الإرهاب الإسلامي”، بِما في ذلك “الإرهاب” الذي يُقاوم الاحتلال الإسرائيلي، ويَنتصر للحُقوق العربيّةِ والإسلاميّةِ المَشروعة في العَمل بالوسائل كافّة من أجل إنهائه.
لا نُجادل مُطلقًا في أن هُناك جماعاتٍ إسلاميّةٍ مُتشدّدةٍ تُمارس الإرهاب في أبشعِ صُوَرِه، في مَناطق عديدةٍ من العالم، وكان آخرها في مسجد الروضة في مدينة العريش، عاصمة ولاية سيناء، ولكن اللافت أن الدّول التي تُحارب الإرهاب، واستطاعت القَضاء عليه خاصّةً بعد سنوات من سَفْكِ الدّماء، غير مَدعُوّةٍ إلى هذا الاجتماع، ونحن نَتحدّث هُنا عن سورية والعراق وإيران.
المملكة العربيّة السعوديّة حاولت، وتُحاول، في إزالةِ أيِّ شُبهةٍ للإرهاب يُمكن أن تَلتصق بها، عِندما اتّخذت قراراتٍ جَريئةٍ بتَهميش المُؤسّسة الوهابيّة وفِكرها، المُتّهم من قِبَل الكَثيرين، بتفريخ العَديد من الجَماعات السلفيّة، المُتشدّدة، واستبداله بالإسلام المُعتدل، وإزالة مُعظم، إن لم يَكُن كُل، بصَماتِه في المُجتمع السّعودي، ولكن مُحاولة استثناء دُولٍ عربيّةٍ وإسلاميّةٍ، عانت وتُعاني من الإرهاب، بشقّيه “الإسلامي” أو الدّولي (الإسرائيلي والأمريكي)، ودَفعت وتَدفع ثَمنًا غاليًا، لا تَصُب في مَصلحةِ توجّهاتِ المملكةِ هذه، لأنّها تُعمّق الشّرخ الطّائفي في العالم الإسلامي، ممّا يَصُب في خِدمة التطرّف وتَوفير الذّخيرة لكُل ما يُمكن أن يَنتج عنهُ من إرهاب.
يتزامن هذا المُؤتمر مع توتّرٍ غير مَسبوقٍ في العلاقات السعوديّة الإيرانيّة، وتَطبيعٍ سعوديٍّ مُتسارعٍ مع دولةِ الاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي قد يُؤدّي إلى “توتير” التّناغم بين الدّول الأعضاء، وطُموحاتِ التّنسيق فيما بينها في المَجالات العَسكريّة والماليّة والسياسيّة والاستخباريّة، وهو التّنسيق الذي يُشكّل “دُرّة تاج” هذا التّحالف.
الأمير محمد بن سلمان “مُهندس″ هذا التّحالف، وَصفَ السيد علي خامنئي، المُرشد الأعلى للثورة الإيرانيّة، بأنّه مِثل هتلر، زعيم الحركة النازيّة، وأعلنَ الحَرب على ايران، عندما قال أن سياسة “الاسترضاء” لا تُفيد معها، وذلك في حديثِه لتوماس فريدمان، مَندوب صحيفة “النيويورك تايمز″، مِثلما قال في أحاديث سابقة أن إيران هي رأسُ حِرْبَة الإرهاب في المِنطقة والعالم، فهل تَنْعَكِسُ هذهِ المَواقف المُتشدّدة تُجاه دولةٍ إسلاميّةٍ إقليميّةٍ عُظمى، وطائفتها الشّيعيّة المَذهب، على قرارات هذا التّحالف، والاستراتيجيّة المُستقبليّة، التي سَتَحكُم تَحرّكاته ومَواقِفه، وحُروبِه المُتوقّعة في المِنطقةِ وخارِجِها؟
لا نَمْلُك إجابةً واضحةً وصريحةً على هذا التّساؤل، ولكن أن يَحمِلَ هذا الاجتماع اسم “التّحالف الإسلامي” ويَستثني في الوَقت نَفسِه عِدّة دُولٍ إسلاميّةٍ كُبرى في حَجم إيران والعراق وسورية على أُسسٍ طائفيّةٍ، أو وِفق طبيعة علاقاتِها المُتوتّرة مع المملكة العربيّة السعوديّة، فهذا أمرٌ لا يُمكن تجاهُله، والتّحذير من مَخاطره على المملكة، ووحدة العالم الإسلامي في الوَقت نَفسِه.
استئصال الإرهاب، وتَجفيف مَنابِعه الفَكريّة، وإمداداته الماليّة، وأدواته الإعلاميّة، تَظلُّ أهدافًا مَشروعةً، تَستحق المُساندة، لأن الغالبيّة السّاحقة من ضَحايا هذا الإرهاب هُم من المُسلمين، ولأنّه الحَق أيضًا صورة سيئة بالعَقيدة الإسلاميّة المُتسامحة، شريطةَ أن لا يكون تَعريف هذا الإرهاب انتقائيًّا، وعلى أُسسٍ طائفيّةٍ، ولا يُؤكّد مُحاربيه على أن إسرائيل باحتلالها الأراضي والمُقدّسات العَربيّة والإسلاميّة، وأمريكا بتدخّلاتها العَسكريّة التي تُحوّل دُولاً عربيّةً وإسلاميّةً مُستقرّةً إلى دُولٍ فاشلةٍ، تُوفّر الحَواضن للتطرّف، هُما أُم الإرهاب وأبوه، ومُقاوَمتها بكُل الطّرق والوسائل قِمّة المَشروعيّة التي تَكفَلها المَواثيق الدوليّة والإلهيّة مَعًا، أما غير ذلك فيَظل أعراضًا جانبيّةً للمَرض الأساسي