دراسة تبين أهمية دور الوزن في معالجة مرض “السكري”
اوضح أطباء من جامعتي “نيوكاسل” و”غلاسكو” البريطانيتين، إن نحو 50 في المئة من مرضى السكري من النوع الثاني قد تغلبوا على المرض في تجربة “تمثل علامة فارقة” في علاج هذا المرض.
وقضى المرضى ما يصل إلى خمسة أشهر في اتباع نظام غذائي منخفض السعرات الحرارية بهدف فقدان الكثير من الوزن.
كان وزن إيزوبيل موراي، 65 عاما، يصل إلى نحو 95 كيلو غراما، لكنها فقدت أكثر من 25 كيلو غراما ولم تعد بحاجة إلى تناول علاج مرض السكري. تقول موراي: “لقد عادت حياتي كما كانت في الماضي”.
وكانت موراي، من مدينة لارجس بشمال ايرشير باسكتلندا، واحدة من 298 شخصا شاركوا في التجربة.
وكانت مستويات السكر في دم موراي مرتفعة للغاية، وفي كل مرة كانت تذهب للأطباء كانوا يزيدون جرعات العلاج التي تتناولها.
لذلك، اتبعت نظاما غذائيا يعتمد بصورة كاملة على السوائل لمدة 17 أسبوعا، وتوقفت عن الطهي والتسوق، كما كانت تتناول الطعام بعيدا عن زوجها، جيم. وبدلا من ذلك، كانت تتناول أربع وجبات سائلة يوميا، وتحتوي كل وجبة على نحو 200 سعر حراري، لكنها تضم أيضا عناصر غذائية متوازنة، وقالت موراي إن الأمر كان سهلا نسبيا لأنه “لم يكن يتعين عليك التفكير فيما ستأكله”.
وبمجرد فقدان الوزن، يساعد أخصائيو التغذية المرضى على تناول وجبات صحية عادية، أي ليست في الحالة السائلة كما كان في السابق.
وتقول المؤسسة الخيرية للسكري في المملكة المتحدة إن التجربة تعد علامة فارقة ويمكن أن تساعد ملايين المرضى، وأظهرت نتائج التجربة، التي نشرت في دورية لانسيت الطبية وعرضت في الاتحاد الدولي للسكري، أن 46 في المائة من المرضى الذين بدأوا التجربة تعافوا من المرض بعد عام، و86 في المائة من الذين فقدوا 15 كيلو غراما أو أكثر تعافوا من مرض السكري من النوع الثاني، و4 في المائة فقط من المرضى تعافوا بفضل الاستعانة بأفضل العلاجات المستخدمة حاليا.
وقال روي تايلور، أستاذ بجامعة نيوكاسل، “إنها لحظة فاصلة حقيقية”، وأضاف “قبل أن نبدأ هذا النمط من العمل، كان الأطباء والمتخصصون ينظرون إلى السكري من النوع الثاني على أنه غير قابل للشفاء.”
وبين “لكن لو نجحنا في هذه المهمة الصعبة وساعدنا الناس على التغلب على حالتهم الخطيرة فيمكنهم حينئذ الشفاء من مرض السكري”.
ومع ذلك، لا يسمي الأطباء هذا علاجا، لأنه لو زاد الوزن مرة أخرى فسيعود السكري أيضا.
وتقول موراي: “لن أعود إلى ما كنت عليه مرة أخرى”. وحتى الآن، ما زالت موراي تحافظ على وزنها منذ عامين.
لماذا يؤدي فقدان الوزن إلى نتائج جيدة؟
تضغط الدهون الموجودة حول البنكرياس على خلايا بيتا في العضو الذي يتحكم في مستويات السكر في الدم.
وبالتالي، تتوقف الخلايا عن إنتاج ما يكفي من هرمون الأنسولين، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم بشكل يصعب السيطرة عليه.
ويؤدي اتباع نظام غذائي إلى إزالة هذه الدهون، وبالتالي يعود البنكرياس للعمل بشكل صحيح مرة أخرى.
وركزت التجربة على المرضى الذين جرى تشخيصهم في السنوات الست الماضية. ويعتقد أن الإصابة بداء السكري من النوع الثاني لفترات طويلة جدا من الزمن قد يسبب ضررا لا يمكن علاجه.
ووصف مايك لين، من جامعة غلاسكو، الدراسة بأنها “مثيرة للغاية”، وقال إنه “لدينا الآن أدلة واضحة على أن فقدان الوزن بما يتراوح بين 10 و15 كيلو غراما يكفي للتغلب على هذا المرض”.
ويعاني شخص من بين كل 11 شخصا بالغا في جميع أنحاء العالم من مرض السكري، ومعظمهم من السكري من النوع الثاني.
وتسبب مستويات السكر غير المنضبطة ضررا في جميع أنحاء الجسم، ما يؤدي إلى توقف بعض أعضاء الجسم عن القيام بمهامها والعمى وبتر الأطراف.
وتنفق المملكة المتحدة نحو 10 مليار جنيه استرليني سنويا على علاج مرض السكري، وقالت إليزابيث روبرتسون، مديرة الأبحاث في جميعة مرض السكري في المملكة المتحدة: “يمكن لهذه التجربة أن تغير حياة الملايين من الناس”.
وأضافت أن “التجربة مستمرة، حتى نتمكن من فهم التأثيرات طويلة الأجل لنهج مثل هذا”.
وقالت موراي: “أنا لا أنظر إلى نفسي على أنني مريضة بالسكري على الإطلاق”، وأضافت “يجب ان نكون على أهبة الاستعداد، لكن يمكن لأي شخص أن يفعل ذلك إذا كان يشعر بأنه قوي بما فيه الكفاية”.