اعتراف ترامب والضرورات العربية المطلوبة .. كاتب سوري يحلل في ذلك ..
في 15 أيار 1948 بعد يوم واحد من إعلان بن غوريون عن هذا الكيان تقدمت «إسرائيل» برعاية بريطانية وأميركية بطلب إلى مجلس الأمن الدولي للحصول على عضوية في الأمم المتحدة فقرر المجلس إرجاء هذا الطلب ريثما يضمن لها موافقة الأغلبية وبعد سبعة أشهر عرض المجلس في 17 كانون الأول 1948 موضوع العضوية على أعضائه وكان عددهم 11 فصوت خمسة منهم لمصلحة الطلب وخمسة امتنعوا عن التصويت وكان صوت سورية، العضو المشارك في الجلسة هو الوحيد الذي صوت ضده، فأسقطت سورية القرار وفي آذار من عام 1949 جرى تصويت آخر فصوت تسعة أعضاء لمصلحته وتقرر بموجب نظام قبول العضوية عرضه في 9 كانون الأول 1949على جلسة الجمعية العامة لنيل الموافقة وكان عدد الدول الأعضاء 58 دولة تقريباً فصدقت الجمعية العامة عليه بأغلبية 37 دولة ضد 12 دولة واستنكفت تسع دول، ومع ذلك وضعت الجمعية العامة في نص موافقتها على عضوية إسرائيل خمس شروط يجب عليها الالتزام بها وهي:
أولاً: موضوع القدس الغربية التي تحتلها وعدم القيام بأي إجراء فيها بما يخالف مقترح البحث في تدويلها بموجب قرار التقسيم.
ثانياً: موضوع اللاجئين الفلسطينيين وحق عودتهم.
ثالثاً موضوع الحدود وعدم المساس بها.
رابعاً: الالتزام بأي قرار يصدر عن مجلس الأمن.
خامساً: تقديم تقرير عن اغتيال مبعوث الأمم المتحدة في عام 1948 الكونت برنادوت على يد مجموعة يهودية داخل فلسطين.
اليوم ها نحن نشهد فصلاً جديداً من فصول حرب المئة عام الاستعمارية المستمرة على العالم العربي لسلب كل فلسطين في موضوع القدس لأن اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، لا يصدق فقط على كل ما قامت به إسرائيل من تغيير في القدس الغربية منذ عام 1948 بل يصدق أيضاً على أن تسلب إسرائيل إلى سيادتها مدينة القدس الشرقية المحتلة منذ عام 1967 التي تضم جميع الأماكن الإسلامية والمسيحية المقدسة للعالم العربي والعالم أجمع، وهي التي ما زالت 193 دولة في الأمم المتحدة تعترف بأنها أراض محتلة منذ عام 1967.
وإذا كانت الإدارات الأميركية منذ عام 1948 قد اعتادت على الدفاع عن كل ما تبادر إليه إسرائيل من عدوان واستيطان فإن ترامب يعد أول رئيس قد بادر بشن هجوم علني على العالم العربي والعالم وكل قرارات الأمم المتحدة حين يطلب من إسرائيل ضم ما احتلته من بقية القدس عام 1967 وتحويلها إلى عاصمة لها، والسؤال الذي يطرح نفسه أمام هذا الفصل: هل يمكن لواشنطن تجنيد دول أخرى تحذو حذوها أم إنها ستظل وحيدة في هذا الإجراء وهي الدولة العظمى التي توجه الأوامر لكل من يخضع لها؟ ثم ألن تقوم إسرائيل أيضاً بمحاولة ابتزاز زعماء دول أخرى للاصطفاف مع ترامب وقراره؟
لا أحد يشك في أن أولوية جدول العمل الأميركي والإسرائيلي بعد إعلان ترامب سيتجه نحو تجنيد دول أخرى مهما كان حجمها لمصلحة الانضمام إلى قرار ترامب، وهذا ما يجعل العالم العربي أمام مسؤولية كبيرة بل أولوية ملحة للتصدي لهذه السياسة الإسرائيلية الأميركية، فقد لجأت الدول العربية وحلفاؤها بعد عام 1948 إلى فرض حملة مقاطعة على كل من يعترف بإسرائيل ويتعامل معها وحققت هذه السياسة نجاحاً مع دول إفريقية وآسيوية وأميركية لاتينية وضيقت الخناق عليها.
لا بد من اللجوء إلى هذه السياسة مهما كان عدد الدول التي تتبناها وهناك اعتقاد قوي بأن دولاً كثيرة إسلامية وعربية ستنضم إليها ولن تقتصر هذه الحملة على دول محور المقاومة وحدها وهي التي ستكون في طليعة هذا المشروع العربي الإسلامي العالمي القانوني والعادل، فترامب ورئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو بدأا منذ هذه اللحظة بمخاطبة عدد من قادة دول صغيرة للانضمام إلى صف ترامب ومنها غواتيمالا التي أيدت وزيرة خارجيتها ساندرا خوبي لقرار ترامب، وهناك رئيس دولة جنوب السودان الذي سبق ترامب حين زار إسرائيل وقال لنتنياهو قبل سنتين إنه سيؤسس سفارة دولته الجديدة في القدس المحتلة، وستكشف الأيام عن دول أخرى تنتظر اللحظة المناسبة، فإسرائيل شكلت لجنة خاصة للبدء بتجنيد وابتزاز دول عديدة لدعم قرار ترامب ولن تتوقف عن هذه السياسة، فهل أعد عالمنا العربي والإسلامي نفسه لمواجهة هذه السياسة الإسرائيلية الأميركية أم سيصمت؟
بقلم تحسين الحلبي