اخر الاخبار تنشر نص كلمة الجبوري خلال القمة الاستثنائية لرؤساء البرلمانات العربية في الرباط
بسم الله الرحمن الرحيم
سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ.
صدق الله العظيم
الاشقاء الاعزاء رؤساء البرلمانات العربية المحترمون
احييكم باسم شعب العراق وسلطته التشريعية واحيي انعقاد هذا المؤتمر التاريخي في رحاب المملكة المغربية الشقيقة، واتوجه بالشكر الى جلالة الملك محمد الخامس رئيس لجنة القدس والى برلمان المغرب وحكومته الرشيدة على حفاوة الاستقبال وحسن الضيافة الكريمة ودقة تنظيم هذا المؤتمر.
ان انعقاد هذا المؤتمر لبحث موضوع الاعتراف الاميركي بمدينة القدس عاصمة لاسرائيل واعتزام الادارة الاميركية على نقل سفارتها الى القدس الشريف، يأتي في اطار رفض امتنا العربية والاسلامية لهذا القرار الذي افتقد عناصره الموضوعية والتاريخية والانسانية.
ان القدس ليست عاصمة فلسطين العربية وفقا لمعطيات التاريخ والتراث والوجود والثقافة فحسب بل انها عاصمة للعرب والمسلمين جميعا وعاصمة للديانات السماوية كلها وعاصمة للتسامج والمحبة والسلام، وان انجراف الادارة الاميركية نحو تهويدها، هو اجراء سياسي محض استهدف امرين اولهما تنفيذ الرئيس الاميركي لوعوده لناخبيه بجعل القدس عاصمة لاسرائيل وهو امر يدخل في اسقاط الشخصي على الموضوعي والسياسي على التاريخي والذاتي على الانساني في مغالطة ادخلت الادارة الاميركية في دوامة الرفض الدولي الواسع حتى بين حلفاء اميركا، ودوامة الانقلاب على المواثيق الدولية وقرارات الهيئة العامة للامم المتحدة ومجلس الامن والمنظمات الاممية والانسانية.
ومما لا شك فيه ان هذا القرار الذي ضرب بعرض الحائط كل التدخلات العربية والاسلامية والدولية قبل صدوره انما يمثل تحديا لارادة الامة العربية والاسلامية وارادة المجتمع الدولي بشكل يشير من دون لبس الى ان اميركا تخلت عن دورها راعية لمسار السلام وانحازت تماما الى الارادة الاسرائيلية الغاصبة، وهو انحياز غير محمود لسياسة اسرائيل الاحتلالية الاجلائية العنصرية، ويضع اسئلة كبيرة امام التوجه الاميركي الجديد.
ولذلك فان امتنا العربية والاسلامية تجد نفسها في مواجهة تحد من نوع جديد، تحد يهدد وجودها وثقافتها ومقدساتها، يلزمها باتخاذ تدابير غير مطروقة لمواجهة هذا التحدي غير المطروق.
ولعل من التدابير المهمة في هذا الصدد، ان يعلن الاخوة الفلسطينيون ومعهم العرب والمسلمون جميعا، عن ايقاف مسار التفاوض مع الاسرائيليين، ولن يعودوا اليه الا على ثلاث قواعد اساسية ، اولاها عدم البحث في اي موضوع يتصل بالاخلال بوضع مدينة القدس عاصمة ابدية لفلسطين، وثانيتها التعجيل في موضوع اعادة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم ورفض نظريات الوطن البديل، وثالثتها ان تتحول رعاية مسار المفاوضات من احادية اميركية الى رعاية دولية فاعلة ومؤثرة ومتعددة الاطراف، فان ذلك هو الطريق الصحيح والسلوك الاصوب لضمان مفاوضات عادلة تفضي الى نتائج عادلة.
ايها الاخوة الاكارم
ان ما يتوجب علينا كعرب ومسلمين، تكاد تسلب منهم قبلتهم الاولى وثالث مساجدهم المحرمة، ان نبادر الى حملة دولية ممنهجة وقوية لقطع دابر هذا القرار المنحاز، والحيلولة دون انجراف دول او هيئات اممية معه، وان نشدد على منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في هيئة الامم المتحدة واستكمال الاعتراف الدولي بذلك، وان نوفر الدعم ، كل الدعم، للاشقاء الفلسطينيين لمواجهة هذا التداعي الخطير في مسألة حقهم التاريخي في دولتهم وعاصمتهم القدس الشريف، وان نتخذ قرارات سياسية واقتصادية تعيد تذكير العالم بوحدة امتنا وقوتها وتأثيرها.
ان العراق، الذي رفض هذا القرار ، شعبا وبرلمانا وحكومة، منذ وهلته الاولى، يجد من الاهمية ان نغادر دوائر الاستنكار والشجب والتنديد والرفض الكلامي للقرار الاميركي المنحاز، وان نؤكد من جديد اننا امة حية قادرة على الدفاع عن قيمها وثوابتها ومقدساتها غير القابلة للمساومة والبازار السياسي.
وسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون.
والسلام عليكم ورحمة اللد وبركاته.