نص كلمة ” العبادي ” في مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق اليوم
بسم الله الرحمن الرحيم
صاحب السمو أمير دولة الكويت المحترم
السيد الأمين العام للأمم المتحدة المحترم
السيد رئيس البنك الدولي المحترم
السيد ممثل الاتحاد الأوربي المحترم
السيدات والسادة رؤساء وأعضاء الوفود المشاركين المحترمين
أود ابتداءً ان احييكم وان ابارك جهودكم الكبيرة في عقد هذا التجمع الذي يعبر عن الحرص الشديد لتحقيق اهداف المؤتمر الدولي لاعادة اعمار العراق الذي تستضيفه دولة الكويت الشقيقة بمبادرة كريمة من سمو امير دولة الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح.
كما يسرني تقديم الشكر لشركائنا في الاعداد لأعمال هذا المؤتمر كل من الامم المتحدة والاتحاد الاوربي والبنك الدولي، مثمنين توجهاتهم في دعم مسيرة الاعمار والتنمية والاستثمار في العراق.
وأشكر الشركات والمنظمات والشخصيات التي حرصت على حضور المؤتمر سواء في يومه الاول الذي خصص لجلسات اعادة الاعمار، والذي تزامن معه عقد مؤتمر المنظات غير الحكومية لدعم الوضع الانساني في العراق أو في اليوم الثاني الخاص بالاستثمار والقطاع الخاص، والذي يعد اكبر تظاهرة اقتصادية لدعم الاعمار والاستثمار في العراق.
كما يطيب لي ان احييّ ممثلي الدول الشقيقة والصديقة وكل الجهات التي تحضر اعمال المؤتمر الختامي هذا اليوم.
السيدات والسادة الحضور…
بعد ان حقق العراق نصره الكبير ودحر داعش وانهى حلمه البغيض ، بفضل بسالة قواتنا المسلحة والدعم الدولي وتضحيات ابناء العراق الذين رخصوا دماءهم دفاعاً عن الارض والكرامة، وحجّموا خطر داعش عن العالم كله ،يتطلع عراقنا اليوم للمستقبل بثقة وهو يحتضن الاجيال العراقية الصاعدة ، هذه الاجيال التي تنمو الان بعيدا عن الدكتاتورية والطغيان وتؤمن بالانفتاح والتعايش المشترك وتعمل من اجل غد افضل.
ان التنمية في العراق هي تنمية لكل المنطقة ولكل جيرانه، فنحن اليوم نرسخ مفهوم ان يكون العراق جسراً للتلاقي وليس ساحة للصراع وان يكون العراق مساحة للتفاهمات المشتركة وبوابة لتبادل المصالح والمنافع والرؤى والافكار.
رؤيتنا للتنمية في العراق ترتكز على مبدأ التكامل وليس التعارض، فنحن نسعى للتكامل مع جيراننا أولاً ومع محيطنا الشرق اوسطي ثانيا ومع المحيط الدولي ثالثا ،ولدينا اصرار على ان ننجح بخلق هذه التكاملية رغم التحديات التي نواجهها الآن وسنواجهها مستقبلا .
ايها السيدات والسادة..
نتطلع الى شراكات حقيقية وستراتيجية وتبادل منافع منصفة ومقبولة للجميع كما نتطلع الى تفهم عميق لواقعنا ، نحن ندرك جيدا المعوقات التي تبطىء حركة التنمية وتعيق دخول الشركاء ، إذ اننا مازلنا نعاني من بيروقراطية ادارية لكننا نعمل بجد على تبسيط الاجراءات ورفع الحلقات الزائدة ، كما بدأنا بعمل كبير للتخلص من القوانين القديمة ، وقانون الاستثمار الحالي في العراق يعد واحداً من افضل القوانين في المنطقة ومع ذلك فإن الحكومة العراقية اصدرت حزمة من النظم والتعليمات التي تسهل تنفيذ هذا القانون ، كما يحتاج العراق الى تجديد في البنية التحتية والى زيادة في تدريب الايدي العاملة الماهرة ، وانتم تدركون ايضا ان العراق هو ارض الفرص التي لا تنتهي ولديه شعب حيوي ومثابر ، اتمنى من المخلصين واصدقاء العراق الحقيقيين ان يشاركوا العراق في استثمار فرصه وان يقدموا افضل ما لديهم وان يكونوا صبورين وهم يواكبون نهوض العراق الجديد ،فان هدفنا خلق بيئة اقتصادية سليمة لتوفير الالاف من فرص العمل للشباب واصحاب الحرف وتحسين المستوى المعاشي والخدمي للمواطنين.
ايها الاصدقاء الاعزاء ..
قاتلنا الارهاب في مدننا وكانت حرباً مفتوحة وقاسية وكنا نرى بيوتنا تهدم ومدارس اطفالنا تحرق وشوارعنا ساحات للمعارك وتحملنا كل هذا الالم لاننا كنا نقاتل ليس فقط من اجل العراق وانما من اجل الانسانية ، كنا نقاتل أعتى ارهاب دموي واجرامي في التأريخ الحديث ،لكننا كنا حريصين اشد الحرص على مراعاة الجوانب الانسانية وكانت التوجيهات الى كل قواتنا المقاتلة بأن الهدف الاسمى خلال عملياتهم العسكرية ضد داعش هو الحفاظ على سلامة وأمن مواطنينا والتفاني من اجل تجنيب العوائل المخاطر ونقل من يتعرض منهم الى ذلك بعيداً عن ساحات القتال .
اننا نتوقع من اشقائنا واصدقائنا ان يشاركوننا المسؤولية في اعادة بناء ما دمرته الحرب وما سببته من تراجع في البنية التحتية للخدمات الاساسية. وقبل ذلك لابّد من المضي بدعم اعادة الاستقرار في المناطق المحررة.
لقد نجحنا في اعادة اكثر من نصف اعداد النازحين الذين يزيد عددهم على خمسة ملايين نازح.
وإذ نؤكد أن عودة النازحين طوعية، فأن إعادة تأهيل الخدمات الاساسية بمشاريع سريعة تشجع على العودة الى مناطقهم بات أمرا ملحاً.
ولا بد ان نذكر هنا ان العراق برمته وبسبب هذه المواجهة مع الارهاب قد عانى من تراجع التنمية وهناك فرص كبيرة في كل المحافظات العراقية من البصرة التي تمثل تاريخ وحضارة ورافدا اقتصاديا كبيرا، و ذي قار واهوارها وآثارها مرورا ببابل الحضارة والعاصمة الحبيبة بغداد والانبار المحررة ونينوى ام الربيعين ومحافظات شمالنا العزيز في كردستان العراق .
الحضور الكرام
في ضوء متابعتنا لسير اعمال مؤتمركم امس واليوم نود التعبير عن الارتياح الكبير لفعاليات المؤتمر والإشادة بجهود القائمين عليها، وإن ما يوازي هذا الحماس هو التأكيد على أهمية تنشيط حركة الاستثمار في كل محافظات العراق، وفي القطاعات المختلفة.
ان الاستثمار هو الكفيل بتحقيق استدامة التنمية، سواء في تفعيل عجلة الاقتصاد، أو في زيادة الانتاج، أو في تشغيل الايدي العاملة.
السيدات والسادة الحضور
لقد حرصنا منذ تحملنا المسؤولية على دعم القطاع الخاص والاستثمار ووضعناه واحدا من محاور البرنامج الحكومي الستة،وعملنا على اجراء سلسلة إصلاحات للنهوض بالقطاعات الاقتصادية وبالفرص الاستثمارية .
وفِي الأسابيع القليلة الماضية أطلقنا في مجلس الوزراء حزمة
إجراءات لتحسين بيئة الاستثمار في العراق، ستظهر اثارها على تبسيط الاجراءات لاعمال المستثمرين ، كما وافق مجلس الوزراء على التوقيع على الاتفاقيات الدولية التي تحمي الاستثمار في العراق.
كما تم إقرار تعليمات الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص حيث سبق أن صادقنا على برنامج اعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة من خلال الدخول بالشراكة مع الشركات الخاصة.
لقد شخصنا بموضوعية ما اصاب الكثير من المنشآت العامة من الاهمال والترهل مما أفقدها مزايا الكفاءةو الانتاجية، وكان لزاماً علينا أن نوقف الترهّل في أداء هذه المنشآت، من خلال الدعوة الى شراكة حقيقية مع القطاع الخاص، نتطلع الى المضي بها قدماً.
السيدات والسادة الحضور
أطلقنا خطة ستراتيجية لإعادة الاعمار ستكون منهاج عمل للانطلاق بالمشاريع بموجب معايير وأولويات راعت متطلبات تحقيق الاهداف التنموية المستدامة لسنة ٢٠٢٤ فضلاً عن وثيقة رؤية العراق ٢٠٣٠
من أجل الاطمئنان على التعامل الشفاف ونحن نمضي في مسيرة الاستثمار الواعدة بالاداء الدقيق للنافذة الواحدة سنقوم من خلال اللجنة العليا للاستثمار والإعمار التي يرأسها رئيس الوزراء بمتابعة ذلك من خلال لجنة متابعة تنفيذية ترتبط باللجنة العليا لضمان دقة التنفيذ وشفافية الاجراءات .
ان التجارب الناجحة لبعض المستثمرين في العراق تعكس الإرادة الحقيقية للدخول في القطاع الاستثماري ولهذا نتطلع منكم الى شراكات واسعة مع القطاع الخاص العراقي. ونؤكد ان اصرارنا على محاربتنا للفساد كفيل باضفاء بيئة ناجحة، تحت عمل واضح وشفاف، ولن نتوقف عن محاربة الفساد.
هذا المؤتمر هو بداية الانطلاقة الكبرى لإعادة الاعمار و للاستثمار في العراق، وسيواصل العراق مسيرته في النهوض به وبتوفير مناخ صحيح.
نتطلع لوجودكم في العراق ، مرحبين بجهودكم ومؤكدين حرص الحكومة على مضاعفة الجهد في فتح بوابة الاستثمار الحقيقي من اجل منفعة كل العراقيين.
ولابد هنا من التأكيد على الدور المتميز الذي تضطلع به المنظمات الدولية والاقليمية في دعم حركة الاعمار والتنمية والاستثمار في بلدنا الحبيب
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته