الجعفري يدعو الاْردن لتشكيل لجنة مُشترَكة لضبط الحُدُود ومنع تسرُّب الإرهابيِّين
التقى وزير الخارجية إبراهيم الجعفريّ ، أيمن الصفديّ وزير خارجيَّة المملكة الأردنيَّة الهاشميَّة في العاصمة عمَّان، وجرى خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية بين بغداد وعمّان، وسُبُل تعزيزها بما يخدم مصلحة البلدين الشقيقين.
وأكّد الجعفريّ: أنَّ العراق والأردن ليسا بلدين مُتجاورين جغرافيّاً فقط، فهناك جوار قيميّ، وجوار اجتماعيّ، وعاطفيّ، إضافة إلى الجوار الحقيقيّ.. فكلُّ هذه العُرُوق تنبض في جسمي الأردن والعراق: النبض الجغرافيّ، والديمغرافيّ، والعشائريّ.
مُشِيداً بموقف الأردن الداعم للعراق، مُوضِحاً: موقف الأردن كان مُشرِّفاً في الفترة الماضية، وكما قالت العرب: عند الشدائد يُعرَف الإخوان، فكان موقفاً مُسانِداً للعراق، وغير خجول، وغير مُتردِّد، ويهمُّنا كثيراً موقف الأردن؛ لذا لا يسعني إلا أن أجدِّد شكري، وتقديري نيابة عن العراق كلـِّه للموقف المُشرِّف.
مُبيِّناً: خرج العراق توّاً، وقد طوى صفحة الإرهاب التي امتدَّت فترة طويلة، وخرج مُظفـَّراً، وهذا الانتصار صحيح أنّه تحقق في ميدان العراق، لكنـَّه امتدَّ فيما حقـَّق من مصالح إلى كلِّ دول المنطقة، بل إلى كلِّ دول العالم.
مُضِيفاً: وقد استطاع العراق أن يكسر شوكة الإرهاب، وما استطاع أن يُحقـِّق ذلك إلا بعد أن اصطفت القوى السياسيَّة رغم تعدُّدها، واختلافها، لكنـَّها وحَّدت خطابها، ووحَّدت كلمتها، وانبرت، وعكست إرادة الشعب العراقيّ، بل شُعُوب المنطقة، وفي الوقت نفسه تكتـَّلت كلّ القوى السياسيَّة تحت لواء القيادة العامّة للقوات المسلحة، وواجهت ذلك، فحققت الانتصار، وفي تقديري هذه التجربة لم تكن فقط قائدة، بل تجربة رائدة، وما سبقها مثيل؛ لذا هي جديرة بالدرس، والتمحيص؛ لأنَّ الإرهاب لايزال يُشكّل خطراً داهماً، ويُمكِن أن يندلع في أيِّ منطقة من مناطق العالم.
الجعفريّ في المُؤتمَر الصحفيّ المُشترَك مع السيِّد أيمن الصفديّ بيَّنَ: عندما نطوي صفحة الإرهاب من الطبيعيِّ تلقائيّاً أن نفتح صفحة الإعمار، والبناء؛ ونستطيع أن نُؤرِّخ بداية الحرب، ونهاية الحرب، لكنـَّنا لا نستطيع أن نُؤرِّخ امتصاص آثارها السيِّئة، والشُرُوخ التي أحدثتها من حيث التخريب، والدمار في مناطقها؛ لذا جاءت مُبادَرة الكويت، وقفت كلُّ دول العالم إلى جانبنا بما فيها المملكة الأردنيَّة الهاشميَّة، وسجَّلت موقفاً إيجابيّاً.
وأفصح بالقول: سبق أن أعربتُ عن شكرنا للحكومة الأردنيَّة؛ لما سجَّلت من مواقف إيجابيَّة خُصُوصاً أنـِّي أُبلِغْتُ عند وُصُولي إلى المطار بفتح، وتسهيل صناديق الاقتراع، والمُساعَدة في إجراء الانتخابات في 13 منطقة.. هذا عمل جيِّد، وإيجابيّ، وأشعر العالم بالديمقراطيَّة، واحترام الرأي، وتسهيل الانتخابات تُمارِسه دول المنطقة بالذات.
مُنوِّهاً: من طرفنا نعتبر الاقتصاد عُمُوماً، والتجارة عصباً أساسيّاً، ومُحرِّكاً، فلا تُوجَد قاعدة أرسخ، وأمتن من قاعدة الاقتصاد لإشادة صرح العلاقات السياسيَّة، مُعلـِّلاً: عندما تدخل المصالح التجاريَّة، والاقتصاديَّة في كلِّ بيت تتنهَّد كلُّ الشرائح الاجتماعيَّة؛ للحفاظ عليها، وتعميقها.
مُشدِّداً: العراق جادّ جدّاً لبرم هذه العلاقات، وفتح صفحة جديدة من الاستثمار، والاقتصاد كعصب أساسيٍّ، ومُحرِّك أساسيّ في مجال النمُوِّ.
مُؤكّداً: إذا تحرَّك الاقتصاد، والاستثمارات فهذا يعني أنـَّنا أشركنا الشعب كقاعدة تصبُّ في صالحها، فيتثقفون على ضرورة الحفاظ على هذا الشيء.
في إشارة إلى مُضِيِّ العراق في مُطارَدة الفاسدين: نشكر المملكة الأردنيَّة الهاشميَّة لأنّها تجاوبت في مُلاحَقة البعض إلى أن يذهبوا إلى القضاء، ويُدافِعوا عن أنفسهم. ولا توجَد يد أقوى من يد القضاء، ولا كلمة أعلى من كلمة القضاء، ومن تثبت براءته أهلاً وسهلاً، ومَن يُدِنْه القضاء يجب أن يأخذ حقه؛ حتى نحفظ للبلد سلامته.
وثمَّن مواقف المُجتمَع الدوليَّ من العراق بعد انتهاء الحرب على عصابات داعش الإرهابيَّة، وبدء مرحلة البناء، والإعمار: ما إن انتهت الحرب إلا وشرع العراق بمُخاطبة الدول الصديقة، والشقيقة، والعالم كلـِّه في أن ينفتحوا على العراق، ويُساهِموا في هذه القضيَّة. الأردن أمامه فرص لتعضيد العلاقات أكثر فأكثر من جهة الاستثمار، والاقتصاد، وتبادل المصالح، والتجارة، وكثير من المجالات الأخرى، وهي مفتوحة لهم مثلما مفتوحة أمام الدول الأخرى، ونتطلـَّع لأنَّ تشهد العلاقة العراقـيَّة-الأردنيَّة فاعليَّة استثنائيَّة ترتقي إلى مُستوى الأزمات فالمنطقة مازالت في معرض الأزمات، ورُبَّما تكون جديدة تُهدِّد الأمن، والاقتصاد، والأنظمة السياسيَّة في المنطقة؛ لذا يجب أن نعمل بمبدأ الأمن الوقائيِّ، ونُجنّب المنطقة مغبَّة الوُقوع فيها.
لاتزال المخاطر كامنة، وإذا وقف العراق والأردن سويَّة سيكونان نموذجاً لتلافيها.
وقال الجعفريّ في معرض ردِّه على سؤال عن الاتفاقيَّة الأمنيَّة المُشترَكة بين العراق والأردن: تحدَّثنا عن اعتبار الحرب ضدّ داعش، والإرهاب المُعاصِر حرباً غير تقليديَّة، لذلك نحتاج أن نتواصل، ونعمل للأمن العلاجيِّ الآنيِّ، والأمن الوقائيِّ، وهو تجنـُّب تدخّل هؤلاء، وتجمُّعهم في أيِّ بلد، وتعريضه إلى الدمار فثبتنا هذا المبدأ؛ من أجل تحقيق مزيد من التعاون العسكريِّ، وتبادل المعلومات بين البلدين، وضرورة تشكيل لجنة أمنيَّة مُشترَكة؛ لضبط الحُدُود، ومنع تسرُّب الإرهابيِّين الذين يأتون من أقاصي العالم، ويستهدفون بلد الضحيَّة من بلد التدريب، والتمويل إلى بلد العُبُور إلى بلد الضحيَّة، ويفعلون ما يفعلون، وتفعيل مُذكّرة التفاهم بين البلدين.. كان لدينا مُذكّرات تفاهم عام 2005، واليوم ذكّرتُ معالي الأخ وزير الخارجيَّة بها، ويجب الرُجُوع إليها، والاستفادة منها، وعندما نبرم اتفاقيَّة، ونمرّ بتجربة سابقة نأخذ منها ما ينسجم مع ظروفنا، والبقيَّة قد يتجدَّد مع الزمن، وكذلك توقيع مُسوَّدة اتفاقـيَّة ضبط الحُدُود، والتعامل الستراتيجيِّ؛ حتى نجعل اقتصادنا، وأمننا بمنأى عن أيِّ اختراق.
مُضِيفاً: أعتقد أنَّ الإرهاب سيبقى يُشكـِّل ظاهرة خطرة، ومن الخطأ استبعاد حركته في أيِّ بلد من البلدان، الإرهاب المُعاصِر لا يستثني شريحة اجتماعيَّة مُعيَّنة، ولا يستثني بلداً..
لافتاً بالقول: الملفات المفتوحة كثيرة تتسع لطموحات الشعبين، ولا يحدُّها مجال من المجالات، وإنـَّما مفتوحة على مصراعيها لتناول كلِّ ما من شأنه تقوية، وتعزيز العلاقات، وتحقيق المصالح المُشترَكة بيننا وبين الأردن.