ترامب وإسرائيل و الحرب الخليجية الثالثة .. كاتب سوري يتحدث
في تحليل شارك فيه ميخائيل كلير وتوم ديسباتش ونشر في المجلة الإلكترونية «تروث آوت» الأميركية، يحذر الاثنان من احتمال قيام الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشن حرب أميركية في الخليج بمساعدة بعض حلفائه وضد إيران بشكل خاص، وبالمقابل كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» أن القوات الخاصة الأميركية تقوم بعمليات سرية تساعد فيها القوات السعودية الجوية ضد مجموعات «أنصار اللـه» وحلفائها في اليمن وهذا ما يدل على زيادة المؤشرات التي تقود إلى الاعتقاد بأن إعلان ترامب عن انسحابه من اتفاقية فيينا والدول (5+1) مع إيران يمكن أن يكون مقدمة لحرب ثالثة في الخليج بعد حربين في عام 1990 وعام 2003 قادتهما الإدارة الأميركية.
ويرى كلير وديسباتش، وهما من كبار المحللين السياسيين في الساحة الدولية، أن أي حرب ثالثة في الخليج «ستضم عدداً من اللاعبين المتزايدين في المنطقة لأنها ستمتد من شواطئ البحر المتوسط عند جبهة إسرائيل الشمالية لتصل إلى مضيق هرمز» حيث يصب الخليج بالمحيط الهندي وفي هذه الحال سيكون من بين المشاركين في هذه الحرب: إيران وحزب اللـه وسورية وكل من يقف مع هذه الأطراف في العراق واليمن، ومن الجانب الآخر من جبهة الدول المشاركة: السعودية وإسرائيل والإمارات.
ويكشف الباحثان أن كل هذه الدول تقوم الآن بتجهيز جيوشها وقواتها بأسلحة حديثة لاعتقادها بأن أي حرب كهذه ستكون قاسية وشاملة وسوف يجري فيها استخدام معظم أنواع الأسلحة المتاحة، ويفترض الباحثان أيضاً أن الولايات المتحدة هي بالطبع التي ستقود هذه الحرب الأميركية الثالثة في الخليج تساعد فيها مباشرة إسرائيل والسعودية أما روسيا فمن المعتقد بنظرهما أنها ستشارك إذا وجدت أن حلفاءها سيحتاجون إليها مباشرة.
وإن استعراض مثل هذا السيناريو لحرب خليج ثالثة واقتصارها على الدول المذكورة يشير إلى أن معظم المواقع والمناطق التي ستتعرض لعمليات الحرب هي دول الخليج وإسرائيل خصوصاً من الجبهة الشمالية لإسرائيل، ويتساءل كلير وديسباتش: «أين ستنتهي هذه الحرب إذا افترضنا وقوعها؟ من المستحيل التنبؤ بنتائجها لكن التاريخ في القرن الواحد والعشرين يشير إلى أن المدنيين سيدفعون ثمنها الباهظ».
ويضيفان: «إن حرباً كهذه قد لا تندلع فجأة أو دفعة واحدة وقد يولدها تدريجياً حادث تتلوه على مراحل متسارعة سلسلة من الأحداث والصدامات المسلحة وربما ينشأ عن وقوع صدام عسكري بحري بين إيران والولايات المتحدة في الخليج».
ومع ذلك ربما تدفع إدارة ترامب محمد بن سلمان وتستغله للتحرش العسكري بقوة إيرانية في الخليج وتصب الزيت على نار صدام كهذه لنقله إلى حالة حرب تشارك فيها بشكل غير مكشوف ورسمي لاستنزاف جميع دول النفط وتوظف الدور الإسرائيلي للتهديد بعدم توسيعها كي لا يتضرر الكيان الإسرائيلي من حرب كهذه أو يتعرض للانهيار إذا ما اشتعلت جبهته الشمالية.
لكن السؤال الذي يمكن طرحه على السيناريو الذي يعرضه كلير وديسباتش: لماذا تجنب الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما الحرب على إيران وفضل الاتفاق مع الدول الخمس على اتفاقية فيينا مع إيران؟ فهل يريد ترامب وقوع حرب كهذه من دون أن تشارك فيها القوات الأميركية بشكل مباشر؟ وهل يمكن لإسرائيل المشاركة في حرب كهذه إلى جانب السعودية من دون ضمان وجود مشاركة عسكرية أميركية مباشرة ضد دولة كبيرة الحجم والقدرات مثل إيران؟
إن الإجابة على هذه التساؤلات تقودنا إلى الاعتقاد بضآلة احتمال وقوع حرب تضم قسماً من اللاعبين المحليين في المنطقة من دون مشاركة مباشرة أميركية بل بريطانية، فوزارة الدفاع الأميركية تدرك أن ما يعلنه ترامب لمحمد بن سلمان أو غيره من الدول الحليفة له في المنطقة لا يلزم وزارة الدفاع التي تضع في اعتبارها حسابات كثيرة لا يستوعبها ترامب نفسه.
ومن الملاحظ أن إسرائيل هي التي تدعو أكثر من أي دولة أخرى إلى شن حرب على إيران بأموال وأسلحة سعودية وهي التي تستغل محمد بن سلمان وتصور له انتصاراً وهمياً، وهي التي لا يمكن أن تشارك في أي حرب إلا إذا كانت القوات الأميركية مصطفة مع جيشها في حرب مشتركة.
بقلم تحسين الجلبي