معالجة الخلل حتمــآ .. سالم مشكور يكتب ..
معالجة الخلل حتماً
سالم مشكور
تضع معايير الامم المتحدة في الاعتبار نسبة معينة من التزوير في الانتخابات تعتبرها غير ذات أهمية ولا تؤثر في نتيجة الانتخابات وشرعية نتائجها. هذا يعني ان التزوير أمر وارد في كل انتخابات مهما كانت صور هذا التزوير بما فيها التأثير في خيارات الناخب أو ممارسة الضغوط عليه. وبعد كل انتخابات يمكن أن ترى خاسرين يشككون في نزاهة الانتخابات ويتحدثون عن تزوير وانتهاكات تؤثر على النتيجة. في المقابل ترى فائزين يمارسون الصمت وربما الدفاع عن نزاهة الانتخابات، حتى لو كانت هناك انتهاكات واضحة، سواء كانوا مستفيدين من الانتهاكات المشكو منها أو لا. هذا الامر طبيعي في انتخابات تجري بشكل طبيعي بنسبة عالية، لكن ما حدث في الانتخابات البرلمانية العراقية من حديث عن تزوير واسع وتلاعب يؤثر في نتيجة الانتخابات يشير الى أن هناك ما يفوق النسبة المقبولة عالميا، وبالتالي – لو صحت – وأثبتت التحقيقات صحة هذه الشكاوى والادعاءات، فسنكون أمام أكبر عملية تلاعب بالانتخابات جرت منذ العام 2003، تستدعي التعامل الجدي معها انقاذاً لسمعة العملية الديمقراطية وحفظاً لثقة المواطن بالدولة ككل والمؤسسة التشريعية بشكل خاص.
القصور والتقصير في الأداء الرسمي ومعهما الحقن المقصود باتجاه التيئيس من قبل أطراف مغرضة، لعبا دورا كبيراً في تراجع ثقة المواطن بالدولة ككل وما ينتج عنها من سياسات واجراءات. هذا ما ترجمه الكثيرون مقاطعة للعملية الانتخابية، أضرت بالعملية وزادت من فرص الخلل والتلاعب. من هنا فان المبادرة الى الاهتمام الجدي بالكلام الدائر حول التزوير وبيع الصناديق الذي تحدث عن تفاصيله النائب مشعان الجبوري في جلسة مغلقة للبرلمان جرى تسريب مضمونها، أمر لا مناص منه، على الأقل لإنقاذ سمعة وهيبة البرلمان في دورته القادمة، والذي بات كل عضو فيه محل تشكيك في شرعيته وسط هذا الكم الهائل من المعلومات التي جرى تداولها والتي يبدو انها تتجاوز حدود الشك والتخمين، خصوصا عندما يعلنها أناس غير مرشحين وبالتالي لا مصلحة لهم فيها، وعندما تتحدث أجهزة أمنية عن اختبارات تقنية أثبتت إمكانية حدوثها
بسهولة.
في حال ثبوت هذه المعلومات فان الحل لا يكون بإلغاء نتائج الانتخابات، ففي ذلك فوضى ومصير مجهول، انما يمكن تدارك الامر بمعالجة مكامن التلاعب وبالتالي إعادة أغلب الامور الى نصابها. فالاشكالات والاتهامات بالتلاعب تطال انتخابات الخارج وإذا ما صحّ الامر فان الغاء نتائج الخارج يكون جزءاً من الحل. كذلك عمليات البيع التي يدعي البعض حصولها في المحافظات الغربية وإقليم كردستان مع عدم استبعاد شكاوى تطال الوسط والجنوب.
إلغاء نتائج الانتخابات مصادرة لحقوق الناس من ناخبين ومنتخبين حقيقيين، وكذلك يعني السكوت على ما جرى من تلاعب. الحل المنصف هو في معالجة مواطن التلاعب لإعادة ما أمكن من الامور الى نصابها، فما لا يدرك كُلّه
لا يُتركُ جُلّه.