هل أفسدت السياسة متعة “كرة القدم” ؟!

هل أفسدت السياسة متعة “كرة القدم” ؟!

– كان لكرة القدم في العصر الحديث وما زال تأثير كبير على مختلف دول العالم لما تحمله من رسائل سامية يمكن من خلالها توطيد العلاقات بين الدول وبناء جسور تواصل بين الشرق والغرب، والتخفيف من حدّة قسوة هذا العالم ومشكلاته المتزايدة، لذلك كانت دائماً “كرة القدم” سفيراً جيداً لإضفاء روح إنسانية جديدة على العالم يتشارك فيها الجميع ويعمل من أجلها الجميع على مستوى منتخباتهم وأنديتهم المحلية وصولاً إلى المشاركة في البطولات العالمية، والتي تقام إحدى أبرزها اليوم في “روسيا”، ويبقى السؤال هل انحرفت “رسائل كرة القدم عن مسارها بسبب السياسة وصراع الأمم”؟!.

في الحقيقة لم تكن حوادث استغلال كرة القدم لأغراض سياسية في العقود الماضية ذائعة الصيت كما هو الحال الآن، فخلال العقد الأخير حاول الكثير من الساسة خطف الوجه “البريء المسالم” عن كرة القدم وشيطنته بما يخدم مصالح هذه الدول والأمثلة كثيرة جداً في هذا الإطار، فالكثير من الدول تستخدم الرياضة لغايات سياسية، في حين تمثل للبعض عنواناً اقتصادياً، ولكن أين مكاننا نحن كعرب اليوم في كرة القدم؟!.

بعد الطفرة النفطية التي أصابت الدول الخليجية وتأثيرها على واقع هذه الدول التي كانت قبل عقود قليلة ليست بالبعيدة صحاري قاحلة لتتحول اليوم إلى مراكز تجارة عالمية، امتد تأثيرها على الشرق والغرب، ولم تغب عن هذه الدول مع مطلع القرن الواحد والعشرين قدرة تأثير “كرة القدم” في خدمة السياسة الناعمة، وهذا ما فعله أمراء هذه الدول الذين سارعوا لشراء أندية أوروبية بكل ما فيها، وكانت المنافسة قوية في هذا الإطار بين الإمارات وقطر وعلى ما يبدو أن السعودية ستدخل على خط المنافسة العالمية في القريب العاجل خاصةً بعد توارد أنباء عن رغبة ولي العهد محمد بن سلمان شراء نادٍ إيطالي عريق.

يقول الزعيم الراحل “نيلسون مانديلا” عن الرياضة، وفي القلب منها كرة القدم الأكثر مشاهدة: “إنها أكثر وسائل الاتصال فاعلية في العصر الحديث، حيث تتجاوز وسائل الاتصال الأخرى (الشفوية والكتابية)، فهي تصل إلى مليارات الأفراد في جميع أنحاء العالم مباشرة”، ويضيف، إنه ليس هناك شكّ في أن الرياضة طريقة صالحة لبناء الصداقات بين الأمم، ولهذا لم يكن مستغرباً ترشيح المشرّع السويدي “لارس جوستافسون” في عام 2001 كرةَ القدم لجائزة نوبل للسلام.

كأس العالم 2022

تمكّنت دولة قطر من خطف أنظار العالم أجمع عندما استطاعت الفوز باستضافة كأس العالم في الدورة المقبلة ،2022 وحاول كثر سحب الاستضافة منها لأسباب مختلفة وحجج مختلفة ولكن حتى اللحظة لم يحدث شيء من هذا القبيل، ولكن تم إعادة فتح ملف المونديال مرّة جديدة بعد الأزمة الخليجية، لنسمع كلاماً من هنا وكلاماً من هناك عن قيام بعض الدول الخليجية بوضع “العصي في الدواليب” ومنع هذه المناسبة من أن تصل إلى النور بسلام، عن طرق شيطنة المونديال وشيطنة قطر نفسها، فخلال الأزمة الخليجية بدأت الدول المحاصرة لقطر ببث أخبار عن أن قطر تدعم جماعات متطرفة وهي مسؤولة عن كثير من التطرف في الشرق الأوسط، وحالياً يثار كلام في السعودية مفاده أن ابن سلمان يريد فتح “قناة سلوى” وهو مشروع سيقام على الحدود القطرية – السعودية، وسيتم تنفيذه خلال عام واحد فقط، الغاية منه كما تقول السعودية تفعيل السياحة في المياه الخليجية، ولكن الحقيقة غير ذلك تماماً، ففي حال إقامة هذا المشروع ستتحول قطر من شبه جزيرة إلى جزيرة وعندها سيكون من الصعب استضافة كأس العالم في دورته المقبلة، وذلك لأن الفيفا تشترط على الدولة المضيفة أن يكون لديها حدود برية ولو من طرف واحد.

لا أحد يعلم ماذا سيحصل في هذا الملف في الأيام المقبلة، لكن قطر أثبتت أنها قادرة على استغلال الرياضة بطريقة ذكية جداً لتحسين صورتها في العالم وإبعاد أي شبهات عنها، ودائماً نجد قطر حاضرة في جميع المناسبات الرياضية بأسماء شركاتها، أو شرائها لنوادٍ رياضية مثل نادي باريس سان جيرمان الفرنسي، وهذا يصبّ في مصلحتها لا محالة من ناحية التسويق والشهرة والحضور والفعالية على جميع المستويات.

محمد صلاح

قدم اللاعب المصري الدولي محمد صلاح موسماً رائعاً هذا العام مع ناديه البريطاني “ليفر بول” وكذلك الأمر مع منتخب بلاده الوطني، وتمكّن من لفت أنظار أرجاء المعمورة برمتها، ليس فقط بمهارته في كرة القدم وموهبته الفريدة، بل بأخلاقه وتواضعه ومشاريعه الخيرية في بلاده، فضلًا عن قدرته عن مدّ جسر تواصل بين الشرق والغرب، ويمكن تسميته سفيراً للسلام في هذا المضمار، فقد تمكن صلاح من تغيير نظرة الغرب للمنطقة، وخفف كثيراً من بروباغندا “إسلامفوبيا”.

وفي هذا الإطار سلطت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية الضوء على الأثر الكبير الذي تركه لاعب كرة القدم المسلم، محمد صلاح، في المجتمع البريطاني، وكيف ساهم في رفع الظلم والضغط عن المسلمين في البلدان الأوروبية.

وقالت الصحيفة في تقرير لها:” إيمان اللاعب وممارسته لمعتقداته الدينية، مثل رفع يديه إلى السماء، ثم السجود وسط الملعب، جعلت منه شخصية ذات أهمية اجتماعية وثقافية كبيرة، وفي الوقت الذي تحارب فيه بريطانيا ظاهرة “الإسلاموفوبيا”، و”البيئة المعادية” للمهاجرين العرب التي خلقتها سياسة الحكومة، برز محمد صلاح لاعباً مسلماً من شمال إفريقيا يحظى بقبول الجماهير وإعجابها”.

لكن مقابل ذلك يتم الآن مهاجمة هذا اللاعب من قبل بعض الشخصيات السعودية، ومنهم تركي آل الشيخ رئيس هيئة الرياضة وهذا مؤسف حقاً، كما يتم استغلال اسم صلاح من قبل بعض الرؤساء لتبييض صورتهم على حسابه، فضلاً عن الأخبار المتواردة من مصر والتي تفيد باستغلاله واستفزازه من قبل جهات حكومية أيضاً، نتمنى ألّا تُحرف الرياضة عن مسارها وأن تبقى حاملة لراية السلام وألّا تصبح غطاءً لإجرام البعض.

تابعونا عبر تليغرام
Ad 6
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com