شركات إماراتية تبتلع سوق السيارات العراقية
استغلت شركات إماراتية ضعف الرقابة في السوق العراقية، من أجل إغراقه بسيارات غير مطابقة للشروط والمواصفات المحددة قانوناً، ما تسبب في خسائر مادية كبيرة للعراق، وسط عجز حكومي عن السيطرة على الظاهرة.
وعبر خدمة الشحن التابعة لشركة فلاي دبي، أو من خلال البواخر الواصلة إلى موانئ البصرة (جنوب) على مياه الخليج، يدخل يوميا للعراق عشرات السيارات والآلاف من قطع الغيار القادمة من الإمارات صوب سوق السيارات المحلي، حيث تتلقفه المعارض والمجمعات الصناعية التي تقوم بإصلاح ما يرسل من السيارات المتضررة.
وقال مسؤول في حكومة محافظة البصرة للعربي الجديد إنّ “تجارًا من الإمارات يتعمدون إغراق السوق العراقية بسيارات دون موديل العام، ويدخلونها إلى السوق العراقية عبر بوابة التهريب، من خلال وضعها في حاويات نقل البضائع بدل شحنها بصورة رسمية، أو التلاعب بشهادة المنشأ وموديل الصنع، من خلال مصانع وورش خاصة في الإمارات”.
وتضع الحكومة العراقية شروطا ومواصفات معينة لدخول السيارات إلى البلاد، إذ قال المقدم في مديرية المرور العامة، سلام الخالدي إنّ “الشروط المعتمدة لدخول السيارات إلى العراق منعت دخول أي سيارة دون موديل 2017″، مبينا أنّ “هذه التعليمات معتمدة لدى دائرة الجمارك، ولا يسمح بتجاوزها”.
وأشار إلى أنّ “هذه الشروط جاءت حفاظا على السوق العراقية، وعلى حركة السير والمرور، وألا تغرق البلاد بالسيارات المستهلكة”.
من جهته، قال مسؤول في دائرة كمارك البصرة إنّ “إدارة الموانئ العراقية أفشلت دخول أكثر من 2500 سيارة منذ بداية العام الحالي، وهي دون المواصفات، لأنّ الحكومة تفرض ضرائب وفق الموديل على المستورد، عبر وزارة المالية ودائرة الكمارك، ولا تسمح بدخول أي سيارة دون موديل 2017”.
وأكد أنّ “أكثر من 100 عملية تهريب أفشلتها دائرة الكمارك والمنافذ الحدودية عبر موانئ البصرة، وجميع تلك الحالات كانت قادمة من موانئ دبي، تورط فيها تجار إماراتيون وعراقيون”، مبينا أنّ “من أبرز حالات التهريب التي نشطت في قطاع السيارات تهريب سيارات ووضعها في حاويات لنقل البضائع، ولا يمكن للموظف في الجمارك أن يفتش هذه الحاويات، لأنّه عندما تفتح الحاوية ستجد بضائع أخرى موضوعة في بوابة الحاوية، ولا يمكن كشف السيارة”.
ومن جانبهم، أكد عدد من المتعاملين في سوق السيارات العراقية، أنّ الإمارات باتت أكبر سوق للغش الصناعي والتجاري وإغراق البلاد بالسيارات دون المواصفات المحددة.
وتعتمد الشركات الإماراتية وتجارها، أساليب مختلفة لإدخال السيارات إلى العراق. وقال أحد المتعاملين في تجارة السيارات في البصرة، سعدون أحمد الزيادي إنّ “موانئ دبي باتت أكبر سوق للتهريب والغش الصناعي في الخليج العربي، وتعمد إلى شحن سيارات دون الموديل والمواصفات لبيعها في السوق العراقية عبر وسطاء، عقب تزوير أوراقها لتكون بمواصفات جديدة وموديل حديث مطابق للشروط، وفي الحقيقة هي إما دون المواصفات المحددة قانوناً أو غير صالحة للاستعمال”.
وأضاف، أنّ “الشركات والتجار الإماراتيين ابتلعوا سوق تجارة السيارات العراقية بالغش، وتسببوا في خسارة فادحة تقدر بملايين الدولارات عبر إدخالها سيارات مهربة”.
من جهته، قال صاحب أحد المعارض العراقية في البصرة، حسام الدين البصري إنّ “قطّاع السيارات يعتبر واحدا من أهم الأنشطة الاقتصادية للبلاد، ويشهد إقبالا كبيرا من قبل، خاصة المستورد من دول أميركا والإمارات والصين وكوريا واليابان وإيران، ونحن نعمل على الاستيراد والبيع”.
وأضاف أنّ “البصرة هي المركز الرئيس لبيع السيارات، وتصل إلى موانئها العديد من أنواع السيارات، وتختلف الأسعار من سيارة إلى أخرى، حسب المواصفات والموديل، إذ تبدأ من 9 آلاف دولار وصولا إلى 40 ألف دولار للسيارة الحديثة”.
وأكد البصري أنّ “السيارات الإماراتية المتضررة التي تدخل الأسواق المحلية تصنّف إلى قسمين، الأول يدخل بصورة رسمية ويتم دفع رسومها وهي من موديل 2017، والثانية المهربة التي تدخل دون دفع الضرائب، وأسعارها تختلف حسب نسبة الضرر والموديل، وتتراوح أسعارها بين 15 ألف دولار و20 ألف دولار”.
وأشار إلى أنّ “التهريب في الموانئ العراقية حالة طبيعية منذ سنوات، لأنّ هناك جهات متنفذة تسيطر على أجزاء من الموانئ ومتورطة مع اخرى من الإمارات وآخرين في العراق”.
وتشير مصادر، من داخل موانئ دبي، إلى أنّ المجمعات الصناعية الواقعة في المنطقة الصناعية شمالي دبي تعمل بعض مصانعها بالغش التجاري وتصدر منتجاتها للسوق العراقية، والتي يقع ضحيتها المواطن.