ترامب يدفع ايران وروسيا وتركيا الى التحالف الاستراتيجي .. كاتب من طهران يحلل
اعتراض الرئيس التركي رجب طيب اردوغان على بعض بنود اعلان طهران خلال اجتماع القمة، كشف بما لا يدعو للشك أن اردوغان وافق على مضض على البدئ بتنفيذ عملية تحرير إدلب من الجماعات المسلحة.
العديد من المراقبين السياسيين كانوا يتوقعون انهيار التحالف الايراني – الروسي – التركي في سوريا اذا استمر في تحركه ووصل الى إدلب، غير أن هذا التحالف لم ينهار عندما وصل لإدلب، وحسب بل اتفق على مواصلة الطريق والمضي قدما في العملية العسكرية التي من المؤكد أنها ستثمر عن عودة إدلب الى السلطات السورية.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب هو السبب الرئيسي في عدم انهيار التحالف بل هو الذي أدى الى تعزيزه وليس من المستبعد أن يتحول هذا التعاون الى تحالف استراتيجي يخطط وينفذ الكثير من المشاريع والبرامج في المنطقة.
فلو لم تفرض الادارة الاميركية العقوبات على تركيا والتي أدت بدورها الى انخفاض قيمة العملة التركية وظهور مشاكل في الاقتصاد التركي، لما كان اردوغان يوافق على عملية ادلب بتاتا، حيث انه لو كان قد رفض لانهارت عملية استانة برمتها وعادت الازمة السورية الى المربع الأول، غير ان سياسة ترامب وقراراته أحيانا تخدم أعدائه أكثر من أن تضرهم.
بعض وسائل الاعلام ضخمت تصريحات اردوغان من أجل تهميش الحدث الهام وهو النجاح الذي حققته قمة طهران، فكل المؤشرات تدلل على أن التعاون الايراني – الروسي – التركي لن ينتهي مع انتهاء الأزمة السورية، بل ربما وضعت قمة طهران حجر الاساس للتعاون والتحالف الاستراتيجي بين هذه البلدان الثلاثة.
هناك العديد من العناصر المشتركة التي تجمع هذه البلدان الثلاثة، غير أن أبرز هذه العناصر هو العقوبات التي فرضتها الادارة الاميركية على ايران وروسيا وتركيا، الأمر الذي يدفعها الى التعاون الوثيق من أجل تجاوز العقوبات.
الكلمتان التان ألقاهما قائد الثورة الاسلامية في ايران خلال اللقاء الذي جرى بينه وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من جهة وكذلك الرئيس التركي رجب طيب اردوغان من جهة أخرى تبينان الى أن طهران تريد الذهاب الى ما هو أبعد من التعاون لحل الأزمة السورية.
ففي الوقت الذي اشار فيه السيد خامنئي خلال لقائه ببوتين واردوغان الى التهديدات والاخطار التي تسببها القرارات والسياسات الأميركية ضد دول المنطقة والعالم، دعا الى ضرورة توثيق التعاون لاحباط المؤامرات الاميركية ضد دول المنطقة.
طهران تتشبث اليوم بأية خطوة قد توصل ترامب الى قناعة بخطأ انسحابه من الاتفاق النووي وفشل العقوبات التي فرضها وسيفرضها على ايران وانها تعمل جاهدة على كل صعيد من أجل ايصاله الى هذه القناعة، ولكن هل التحالف مع روسيا وتركيا حاجة ايرانية وحسب، ام انها حاجة روسية وتركية ايضا؟
بالتأكيد أنها كذلك، فالذي حققته روسيا في سوريا والذي جاء نتيجة التعاون مع ايران لايقتصر على اطار الأزمة السورية، بل اكبر من ذلك بكثير.
احداث اوكرانيا وتغيير النظام فيها جعل موسكو تصل الى قناعة بأنها لو لم تلقن الولايات المتحدة الاميركية والغرب درسا قاسيا فانهم لن يترددوا في الزحف من كييف الى موسكو، لذلك تدخلت في سوريا ومنها وجهت موسكو صفعتها للغرب وأحبطت مشروعه، وبما أن الخطر الغربي سيبقى ماثلا امام روسيا فان رفع مستوى التعاون مع ايران يصبح حاجة روسية أيضا.
وكما أن التعاون مع ايران حاجة روسية فانه حاجة تركية ايضا، فمن المؤكد أن العقوبات الاميركية على تركيا نتيجة اعتقال القس الأميركي ستنتهي يوما ما، ولكن بما أن بعض الدول العربية والاسلامية منزعجة من النهج السياسي والديني الذي تتبناه أنقرة فان هذه الدول لن تقف مكتوفة الايدي بل ستستغل كل فرصة للتحريض والايقاع بالحكومة التركية.
لذلك نرى أن الرئيس الايراني حسن روحاني دعا عدة مرات خلال قمة طهران وعلى هامشها الى ضرورة ايجاد تحالف ايراني تركي قطري باكستاني لمواجه المشاكل والعقوبات التي تعاني منها هذه الدول.
اليوم لا يجرأ أحد على القول أن الذي يجري في سوريا جاء متطابقا لما كانت تريده الادارة الاميركية، وفي نفس الوقت لا يشك احدا بأن الذي يجري تطابق مع ارادة ايران وروسيا والى حد ما تركيا، مما يعني أن ارادات الدول الثلاث ستنفذ ما تريده اذا قررت الاجتماع ولن تستطيع ارادة أخرى ثنيها .
صالح القزويني – كاتب من ايران