التايمز : من هو جمال خاشقجي وما هي سيرته وتوجهاته؟
قال مراسل صحيفة “التايمز” في الشرق الأوسط، ريتشارد سبنسر إن السعودية تتعرض لضغوط متزايدة لتفسر سبب اختفاء أفضل صحافييها، وبعد اتهام المسؤولين الأتراك لها بأنها هي التي قتلته في قنصليتها في اسطنبول.
ويشير التقرير المترجم إلى أنه تم تمرير هذه المزاعم من خلال “مسؤولين لم يكشف عن هويتهم”، بشكل يهدد بخلق شق مهم بين الدولتين، وكلاهما عضو في التحالف العسكري مع الغرب، لكنهما متنافستان على قيادة العالم الإسلامي.
ويلفت الكاتب إلى أن بعض المسؤولين أضافوا إلى المزاعم يوم الأحد وصول فرقة موت مكونة من 15 مسؤولا سعوديا إلى مطار اسطنبول يوم الثلاثاء، وأن جثة الصحافي البالغ من العمر 59 عاما تم تقطيعها.
وتقول الصحيفة إن هذا الخلاف يهدد علاقات السعودية مع بريطانيا، خاصة في ضوء الجدل بشأن محاولة روسيا اغتيال عميل روسي مزدوج في بلدة سالزبري، وهو سيرغي سكريبال.
ويفيد التقرير بأن خاشقجي صنع اسمه في أثناء الحرب الأفغانية في ثمانينيات القرن الماضي، وعرف فيها زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وأصبح لاحقا مستشارا للحكومة، وبعد ذلك عين مديرا لقناة مؤيدة لها، لكنه كان ناقدا للملك سلمان، الذي وصل إلى العرش عام 2015، وكذلك لولي العهد محمد بن سلمان، وكتب مقالات في صحيفة “واشنطن بوست” من منفاه الاختياري في العاصمة الأمريكية واشنطن، وكان آخر نقد له هو مقاله في “واشنطن بوست” حول حرب اليمن التي يشنها ولي العهد.
وينوه سبنسر إلى أن خاشقجي كان له موعد في القنصلية السعودية في اسطنبول في يوم الثلاثاء؛ وذلك لتسلم أوراق تتعلق بطلاقه من زوجته السعودية، ورافقته خطيبته التركية خديجة جنكيز، التي كانت بانتظاره خارجها، واتصلت بالشرطة والصحف عندما فشل في الخروج، مشيرا إلى أن تركيا أعلنت عن تحقيق يوم السبت، وقالت يوم أمس إن أي بيان رسمي حول الموضوع سيتم الإعلان عنه في خلال الـ 48 ساعة، فيما لم يذهب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعيدا، كما فعل المسؤولون، لكنه أشار إلى أن خاشقجي ربما لا يزال حيا، وقال: “إن شاء الله لن نواجه وضعا لا نريده، ولا أزال متفائلا”.
وتنقل الصحيفة عن مسؤولين، قولهم إن هناك 15 سعوديا وصلوا على متن طائرتين خاصتين يوم الثلاثاء، وغادروا في اليوم ذاته، حيث يخشى البعض أن يكون خاشقجي قد صعق ثم قتل وتم نقل جثته من القنصلية، لافتة إلى أن هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” بثت فيلما وثائقيا بداية هذا العام، واتهمت السعودية باختطاف ثلاثة أمراء سعوديين من أوروبا.
وبحسب التقرير، فإن بعض المحللين السعوديين يلقون ظلالا من الشك على مزاعم مقتل خاشقجي، متسائلين عن سبب إعلان تركيا مقتله قبل أن تتنهي من التحقيقات، وقالوا إن السعودية ستخسر من مقتل خاشقجي أكثر مما تربح، خاصة أنه كان يعمل ضمن الخطوط الحمراء في النقد للنظام.
ويشير الكاتب إلى دعوة القنصل العام في اسطنبول محمد العتيبي وكالة أنباء “رويترز” يوم السبت، للتجول في القنصلية؛ ليؤكد ان خاشقجي ليس فيها ولا في السعودية، وقال: “نحن قلقون بشأن هذه القضية”، فيما قالت القنصلية في السابق إن خاشقجي أتم أوراقه في غضون دقائق أو ساعة ثم غادر.
وتذكر الصحيفة أن وزير الخزانة في حكومة الظل جون ماكدونيل دعا إلى اتخاذ الحكومة البريطانية تحركا إن ثبت مقتله، قائلا: “نحن مع بقية الدول بضرورة أن نقف أمام السعودية، والتأكد من معرفتها أن هذا غير مقبول حتى لو اقتضى هذا اتخاذ عمل من أمر ما”.
ويستدرك التقرير بأنه رغم علاقة محمد بن سلمان مع إدارة دونالد ترامب، خاصة صهره جاريد كوشنر، إلا أن الكثيرين في الولايات المتحدة ممن دعموا إصلاحاته بدأوا يتساءلون عن تهوره وأفعاله المتسرعة، وقال محلل أمريكي إن خاشقجي كان سيتحدث في مؤتمر في الولايات المتحدة، سيشارك فيه متحدثون لهم علاقة بقطر التي تحاصرها السعودية، و”يبدو أن هناك حملة بدأت ضد رابطة قطر والاخوان”.
ويقول سبنسر إن “جمال خاشقجي لم يكن مجرد صحافي، فكان مهما بصفته شخصا يعرف مفاصل السلطة، وأمضى وقتاً طويلاً في أفغانستان، وكانت له معرفة بزعين تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وترأس قناة تلفزيونية”.
وتبين الصحيفة أن الصحافي السعودي عمل جاهداً ليشق طريقه في عالم الصحافة المكتوبة ليصبح رئيسا للتحرير بميول تحررية، بالإضافة إلى أنه كان مستشارا حكوميا للسفير السعودي السابق في لندن وواشنطن الأمير تركي الفيصل آل سعود.
ويذهب التقرير إلى أن “الأهم من ذلك أنه كان رئيساً للمخابرات السعودية بين عامي 1977 و2001، وفي هذه الوظيفة كان مطلعا على تمويل السعودية للمجاهدين في أفغانستان، والعلاقات الأمنية بين الولايات المتحدة وأفغانستان”.
ويؤكد الكاتب أن “حقيقة تقرب خاشقجي فكريا من الإخوان المسلمين، الذين يكرههم الأمير السعودي، زاد الأمر سوءاً، فضلاً عن أن قراره الكتابة لصحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية اعتبر إهانة للسعودية”.
وتختم “التايمز” تقريرها بالقول إن “بعض المحللين يرون أن خاشقجي كان مطلعا على أسرار لم يكشف عنها بصفته صحافيا لأحد”.