بالتفاصيل .. نشر اعترافات “ابرار الكبيسي” اخطر ارهابية خططت لاستهداف بغداد
عندما فقدت امرأة نوعها البشري وأنوثتها وتحولت إلى وحش كاسر مليء بالاضطراب، وانقادت إلى أوهام التكفير والعداء لمن حولها لتنحدر بها الى الجريمة والجنون، فلم يبقَ خيال مريض وتفكير لدى الإرهابية “أبرار الكبيسي” غير البحث عن طرق تستحل الدماء والإجرام والانتقام من بني مجتمعها، وذلك نتيجة حتمية لطغيان الكراهية والمد الطائفي والتحريض على العنف والقتل والولادات المشوهة للعصابات الإرهابية التي رافقت سقوط النظام الدكتاتوري في نيسان عام 2003.
ونشرت صحيفة “الصباح” شبه الرسمية بعددها الصادر اليوم الاربعاء اعترافات “أبرار الكبيسي” أخطر إرهابية داعشية خططت لاستهداف العاصمة بغداد بثلاث هجمات كيمياوية في العام 2016 كاد يذهب ضحيتها عشرات الآلاف من العراقيين الأبرياء، لولا لطف الله سبحانه ويقظة وتضحيات أبطال الوطن في خلية الصقور الاستخبارية الذين أجهضوا تلك المخططات الإجرامية الشيطانية والقبض على المجرمة الإرهابية والشبكة المتعاونة معها.
نفس مريضة
و أفادت الكبيسي بأنها “في العام 2006 تحديداً انتهت إلى قناعة تامة لإعداد نفسها للقيام بعملية انتحارية تستهدف بالتحديد أحد هدفين؛ اما الأجهزة الأمنية أو تجمعات سكانية في مناطق محددة في بغداد”، ولكونها لا محال ستتناثر بفعلتها الى أجزاء مبعثرة على الأرصفة والشوارع، ذهبت أكثر من ذلك للتفكير في توظيف خبراتها العلمية الكيمياوية والبايولوجية بشكل وحشي وخبيث، عبر استخلاص سموم مادة “الريسين” في منزلها لتمكينها من التحدث عن تنفيذ هجمات بالمواد السمية وارتكاب جرائم القتل الجماعي لمغازلة عصابات “داعش” الإرهابية، وليس كامرأة طبيعية تتزوج وتكون أسرة، بل أنها بعد ذلك رفضت – بعد أن انضمت للعصابات الإرهابية – فكرة الزواج نفسها التي تقدم بها إرهابيون من ذات طينتها، وبذلك تتناسى مثلما أخريات سابقات لها ممن لم تنقذهن العناية الإلهية من الشر في داخلهن؛ بأنهن كن سببا في ترمل سواهن من النساء وتيتم الأطفال -وإن كانوا من أقرباء “الكبيسي” في بغداد التي تسكنها بالتحديد أو في مدن آمنة أخرى- دون أن يفرقن بين ضحاياهن من أهلهن وأقربائهن وجيرانهن والآخرين.
خطوط العملية
في منتصف عام 2016 أصبحت العاصمة بغداد تحت تهديد المواد السمية وعيون وآذان أبرز قيادات “داعش” على موعد مع حدث خطير، ففي وقت كان أهالي العاصمة يمارسون حياتهم اليومية تزامن ذلك مع تأكيدات بوصول ثلاث وجبات من المواد السمية الى بغداد، بينما جهزت “أبرار” العبوة الرمادية من مخدعها المختبري في بغداد شغفاً بقتل المزيد من المدنيين مع توصيات التقيد بالهجوم على المناطق المستهدفة دون غيرها وفقاً للاختيار الطائفي السكانية.
وفي المقر الرئاسي تم وضع تقارير ملفات المراقبة والصلاحيات بالتفاصيل السرية والأهداف ونتائج التصنيع والتدريب على الكيمياوي والمواد السمية فوق طاولة رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة السابق الدكتور حيدر العبادي، ليتم اتخاذ الإجراءات السريعة بشأنها.
اختراق وتسلل
بغداد تشهد اكتمال عمليات اختراق السلسة المتشابكة للمخطط الإرهابي الكيمياوي قبل ساعات من التنفيذ، وتتضمن العملية الاستخبارية الأخيرة “البرق الأصفر” قيام فريق فدائي من خلية الصقور واستخبارات المديرية في ضفة الكرخ بالتسلل واستبدال المادة الكيمياوية المعدة في مختبر القائم على الحدود مع سوريا التي هي في قبضة مفارز التنفيذ الداعشي، وكذلك المادة التي في منزل الإرهابية “أبرار”.
خاض صقور الخلية يومها أكبر معركة استخبارية شرسة وذكية، فتحت جنح الظلام، تسلل فريق الفدائيين الى غرف نوم عناصر مفارز الدواعش ومنزل “أبرار” وقاموا باستبدال المواد الكيمياوية بأخرى صديقة “وهمية” باللون والعبوات نفسها، لإيهام “داعش” واستدراجهم لتنفيذ العملية بالمواد الكيمياوية وسقوط أكبر عدد من الضحايا بين المدنيين المستهدفين في مشهد لن يتكرر إطلاقا في تاريخ العمليات السرية، ووصف المخطط للهجوم المضاد ورأس خلية الصقور (أبو علي البصري) ساعة التنفيذ على الأهداف بالمواد الكيمياوية والسمية بـ “بيادق الشطرنج”، حيث تريد الخلية معرفة في أي ساعة وبأي اتجاه وأهداف سيكون الهجوم، وفي الوقت المحدد لهم وعلى الأهداف المرسومة لهم نفذت “أبرار” ومفارز داعش القادمة من القائم من جنسيات مختلفة مهمتهم على أكبر تجمعات شعبية في غرب بغداد ووسطها وترك هؤلاء عبواتهم “الصديقة” شاهد إجرام ودليل مادي على جريمتهم.
القبض على المجرمين
القائد (أبو علي البصري) يصدر أوامره بتاريخ 29 أيلول 2016، بإلقاء القبض على عناصر المفارز الداعشية والسفاحة “أبرار” في عملية نوعية نادرة من قبل أبطال خلية الصقور الاستخبارية واستخبارات مديرية الكرخ والقوات التكتيكية ليقي الله العراق وشعبه من الإبادة الجماعية التي كانت تخطط لها عصابات “داعش” الإرهابية.
أوضح القائد (البصري) لـ “الصباح”، ان “التمويه الاستخباري على داعش في العملية الأخيرة وتأخير الإعلان عنها وعن تفاصيلها، كان يرتبط بإكمال ملاحق العملية السرية (خيوط العنكبوت الأصفر) التي استمرت عاماً كاملاً بنجاح، وصولاً الى عناصر داعش المتعاونين معهم في بغداد، كذلك التخطيط لقتل العناصر التي دربتها (أبرار) وهيئة التصنيع في داعش على تحضير وصناعة المواد الكيمياوية واستخدامها”.
وبين رأس خلية الصقور الاستخبارية، أن “الخلية بالتنسيق مع قوات التحالف الدولي نفذت هجمات جوية أسفرت عن قتل جميع العناصر التي دربتهم الإرهابية (أبرار) في مدينتي الرقة والقائم وكذلك قيادات من هيئة التصنيع في داعش”، ووعد (القائد البصري) مراسل “الصباح” بالكشف عن تفاصيل العملية السرية والقتلى وتحركات “أبرار” في الرقة والقائم وبعد دخولها في بغداد واتصالاتها بالعصابات الإرهابية على حدة وهي تحت المراقبة، ومفارز النقل والتنفيذ على حدة أخرى.
أربعينية الإمام الحسين
حين تلقت “الصباح” المعلومات من مصادرها الرسمية للكتابة عن تفاصيل مخطط العملية الإرهابية أصابنا الذهول عن حجم الإصابات – في ما لو حدث لا قدّر الله – أي اختلال بالاختراق والتوجيه للعملاء ومصادر عناصر خلية الصقور المكلفين في ملف هجمات داعش بالرش الكيمياوي في أماكن مغلقة أو في تسميم المياه ومخازن الأغذية في بغداد؛ لاسيما ان توقيت الهجمات المفترضة كان في يوم زيارة أربعينية الإمام الحسين “عليه السلام” في العام 2016.
لكن ما إن بلغ الحديث عن اختراق الصقور لهيئة التصنيع الكيمياوي لداعش وكيف قضى صبرهم بالمرارة وتحمل ليس له مثيل على الاطلاق داخل الجدران الضيقة لداعش لمدة تزيد على عشرين شهراً بحيث يصعب المرور في حافاتها وجوانبها؛ حتى اكتحلت العيون والافئدة ببطولات وتضحيات اضطروا فيها أن تطوي أجسادهم في أشكال خيالية حتى إن بات بعض منهم يسمعون دقات قلوب القيادات المشرفة على العملية الإرهابية، وهم قاب قوسين أو أدنى من عيون الصقور تحت سطح الأرض.
يقول رأس الخلية ومدير عام الاستخبارات ومكافحة الارهاب في وزارة الداخلية (أبو علي البصري): “لقد وصلنا الى عنق المضافة الكيمياوية المغلقة في القائم، وتعقب الصقور آثارهم على خطى (أبرار) لحظة بلحظة، حتى ساعة توزيع المادة السمية بين مفارز الارهابيين في بغداد”، واصفاً تلك الايام بـ “المواقف الصعبة والأخطر على حياة العناصر الاستخبارية التي تتطلب سرعة في المعالجة السرية للمواد الكيمياوية وهي تحت مراقبة داعش الالكترونية والبشرية”.
سيرة الإرهابية
وهنا؛ نسلط الضوء على الإرهابية “أبرار الكبيسي” التي تعد الأكثر شراً وإجراماً ووحشية في دولة التوحش “داعش” الخرافية الزائلة، الإرهابية تقبع في أحد السجون الحصينة لقضاء فترة الحكم بالمؤبد الصادر بحقها من المحاكم المختصة في بغداد.
أفادت الإرهابية “أبرار” وهي من مواليد 1987- بغداد، بأنها بدأت أولى خطواتها في تحضير مادة (الريسين) السمية في مراحل مبكرة من العام 2010 في مختبر بسيط نصبته في زاوية من زوايا منزلها في بغداد، وكانت عاكفة على متابعة برنامجها الكيمياوي المصغر بعد الانتهاء من عملها بصفة باحثة كيمياوية في أحد الأقسام البايولوجية والكيمياوية بوزارة العلوم، حيث أتاحت لها خبرتها الطويلة في ذلك المجال تحقيق بعض من حلمها بإجراء التجارب على إنتاج السموم الكيمياوية في مختبرها، لتكتمل مشاهد جريمتها في نهاية 2016 وذلك بعد قيامها في تنفيذ إحدى الهجمات الثلاث المعدة في القائم لقتل المزيد من الأبرياء بالمناطق الآمنة في بغداد، وهي الهجمات المحبطة والتي توهم الدواعش تنفيذها.
وأكدت المجرمة “أبرار” في اعترافاتها، أنه بعد مضي فترة من التواصل مع أشخاص في مواقع التواصل الاجتماعي المرتبطة في العصابات الإرهابية، نجحت من تصنيع نموذج مصغر لمادة (الريسين) السمية، ما أدخلها في دوامة التفكير العدواني من جديد – بحسب قولها – بحثاً عن وسيلة تربطها بعصابات “داعش” وخدمة مخططاتها الارهابية في البلاد والعالم.
وتضيف الإرهابية، ان “الذي أشعل نار الحماس في نفسها كان خلال سيطرة داعش في عام 2014 على مناطق محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى”، وإنه “من خلال أحد اقربائها وجدت ضالتها بتوصيل ملف الكتروني (الهارد) مع المبعوث الى قيادة عصابات داعش في منطقة القائم الخاضع لسيطرتهم”، لافتة بأن “تلك الرسالة، كانت بداية الاتصال بداعش، وساعدها على تحفيز نفسها لتسافر بعد حصولها على الضوء الداعشي لاستقبالها، حيث وصلت بالفعل الى منطقة القائم في أواخر عام 2014، سالكة الطريق البري من بغداد الى منطقة القائم مباشرة، وتتسع الخطوات أمامها سعياً لتنفيذ جرائم الابادة الجماعية ضد أبناء شعبها، ولتلتقي هناك مع عناصر قيادية في داعش أبرزهم الإرهابي “أبو مسلم” لتعرض عليهم قدراتها وخبراتها لصناعة وتدريب عناصر هيئة التصنيع في داعش على تحضير واستخدام المواد الكيمياوية في هجمات نوعية على بغداد ومناطق أخرى.
التخطيط في القائم
السفاحة “أبرار الكبيسي” لشدة تشوقها للمزيد من القتل خلال لقائها الإرهابي “أبو مسلم”، انضمت إلى هيئة التصنيع الكيمياوي في داعش والبقاء في منطقة القائم فترة محددة، غير أنها -على حد قولها- لم تجد آذاناً صاغية كانت تتوقعها من داعش لتجنيدها، لتعود بعدها الى بغداد الطريق نفسه وهي غير راضية عن موقف داعش من عروضها للكيمياوي، لكنها وعلى أمل أن تجد بعض الدعم بالوعود لها بتوفير بعض احتياجاتها من مكان وتمويل مالي وتوفير المادة الأولية قررت السفر مرة ثانية وبحوزتها مختبرها البسيط وأشياءها لتدشن بذلك أول مختبر للكيمياويات في القائم في عام 2015 .
من ناحية التنظيم الارهابي – وفقاً لاعترافها – جرى عرض إمكانيتها وخبراتها على القيادة الإرهابية لداعش في الرقة، وطلبوا منها العودة الى بغداد على أن تسلك طريق النخيب- كربلاء ومنها الى بغداد، مع توصية أن تبقى على خط التواصل الاجتماعي للاطلاع على أي توجيهات جديدة، وفعلا بعد فترة وجيزة تم استدعاؤها للحضور الى منطقة القائم ولكن ذلك اصطدم بعقبة إغلاق الطريق المباشر بين بغداد والقائم وعليها أن تختار السفر الى تركيا عبر مطار بغداد الدولي ومنها الى القائم، ووصلت الى تركيا في مطلع عام 2015 لتستقر في منطقة قريبة من “غازي عينتاب” جنوب تركيا مع سوريا بضيافة مهربين لتسهيل مهمة عبور الحدود بين البلدين الى المضافات في منطقة الرقة في شمال سوريا ومنها الى القائم لتجد أمامها بعض وعود “داعش” في توفير احتياجاتها وإعداد مضافة خاصة لها سيكون ممنوعاً على أي إرهابي دخولها إطلاقاً.
وانهمكت “أبرار” ببرنامج داعش الكيمياوي وتسريع الخطوات وتدريب عناصر الهيئة على تصنيع كميات محددة من مادة “الريسين” الاكثر سمية، فعلى سبيل المثال قطرة واحدة منها تكفي لقتل بشر -على حد وصفها- لتجهد نفسها في تنويع مصادرها وتقرر زيارة معمل الفوسفات في القائم، وكانت لها زيارة أخرى الى مختبرات جامعة الموصل لالتقاط بعض الأجهزة المختبرية بالعمل وتوفير حبيبات “الريسين” المادة الأساس في برنامجها الكيمياوي الذي تبنته داعش لصالحها، لتكون بذلك مسؤولة عن برنامج داعش الكيمياوي في القائم، وبعد أن أنجزت خطواتها الأساسية في تحضير مادة “الريسين” تكفي لشن ثلاث هجمات بالكيمياوي على بغداد، عادت أدراجها الى العاصمة عبر تركيا لغرض تنفيذ مآربها .
ويكشف رئيس خلية الصقور (أبو علي البصري)، بأن “خطة داعش كانت تدور في مسارين؛ الأول نقل المواد الكيمياوية، والثاني نقل مفارز التنفيذ الى بغداد عبر الصحراء لتنفيذ الهجمات المخطط لها على ثلاث مناطق في بغداد تتولى (أبرار) المشاركة بالهجمات باستخدام المواد المصنعة في مختبرها البسيط في منزلها”.
عمليات دولية
ولمزيد من التوضيح عن الاجراءات التحقيقية والأدلة أفاد رئيس خلية الصقور، بأن “أغلب المتهمين في قضايا الإرهاب الذين يتم القبض عليهم سواء في المضافات بالمناطق الوعرة والصحراوية أو بالمناطق السكانية؛ تتوافر عنهم لدى مراكز التعقب والرصد للخلية والمديرية وثائق عن جرائمهم، لذلك يكون التحقيق بإشراف المحكمة”، وأضاف، انه “لا يُعتمد على أقوال المتهم فقط؛ بل على الأدلة وتقارير الأجهزة الأمنية المختلفة التي تقدم الى المحكمة”.
وأضاف، “فضلاً عن وثائق وسجلات وقوائم تضم أسماء الارهابيين وإصدارات إعلامية خلال تنفيذهم العمليات الإرهابية تعتمدها المحكمة في تحقيقاتها وتوجيه الاتهام للمتهم التي تستغرقها التحقيقات مع المتهمين من انتمائه من عدمه بحدود 6 أشهر تقريباً، أما إذا كان الاتهام بارتكاب عمليات فإن المدة قد تستغرق سنة تقريباً لأن ذلك يتطلب إجراءات أطول”.(أبو علي البصري) القائد لأبرز جهاز استخباري في الشرق الأوسط في مكافحة الإرهاب، أشار إلى أن “خلية الصقور زودت دولا في آسيا وأوروبا واستراليا ودول عربية وجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق وتركيا -من خلال التنسيق الحكومي عالي المستوى في تلك الدول والحكومة العراقية- بمعلومات تفصيلية عن إرهابيين يخططون للقيام بعمليات إرهابية في دولهم، وقادت اعترافاتهم الى إحباط عملية إرهابية كادت تقتل المزيد من الأبرياء في دولهم”.