فيسبوك يستعد لتدشين تبويب إخباري والدفع للصحفيين مقابل الأخبار
يبدو أن الناشرين والصحفيين المستقلين على موعد مع لحظة استثنائية قريبة، قد تساهم بدرجة كبيرة في تغيير محوري وتطور مهني كبير في عالم الصحافة والنشر.
يعمل “فايسبوك” على تأسيس قسم أو تبويب خاص بالأخبار على الشبكة الزرقاء، يعتمد على مشاركة الناشرين كالصحف الكبرى والصحفيين الأفراد أيضا، أخبارهم الموثقة ذات الجودة العالية، لتكون متاحة لملياري شخص يستخدمون الشبكة حول العالم، ما يعني رواجا استثنائيا، مع ميزة أخرى، وهي تحصيل مبالغ مالية مقابل نشر هذه الأخبار والمقالات.
بعد أكثر من عام من إعلان “فايسبوك” عن استراتيجية less news، قال مارك زوكربيرج في مطلع نيسان/إبريل الماضي، إنّ لديه فكرة جديدة تقوم على إنشاء قسم داخل شبكته الاجتماعية الشهيرة يكون مخصصًا لـ “الأخبار عالية الجودة”، وأن الشبكة قد تدفع للناشرين الذين يشاركون أخبارهم الموثقة في هذا القسم.
طرح زوكربيرج الفكرة في محادثة مع الرئيس التنفيذي لشركة النشر الألمانية، أكسل سبرينغر ، ماتياس دوبنر ، الذي بثه فيس بوك على صفحاته ونشره هنا. وقال زوكربيرج: “تحدثنا عن الدور الذي تلعبه الصحافة النوعية في بناء مجتمعات مطلعة والمبادئ التي يجب على Facebook استخدامها لبناء علامة تبويب للأخبار لعرض المزيد من الأخبار عالية الجودة، بما في ذلك نموذج الأعمال والنظام الإيكولوجي لدعمه”.
في مناقشته مع دوبنر، يتحدث زوكربيرج عن إنشاء خاصية جديدة على Facebook بحيث “يمكن للمستخدمين الذين يريدون المزيد من محتوى الأخبار أن يصلوا إلى ذلك عبر قسم خاص بالأخبار” ، ويقول إن شركته “سيكون لها تواصل وعلاقة مباشرة مع ناشري الأخبار في هذا القسم للتأكد من توفر المحتوى الخبري لديهم، وإنه محتوى عالي الجودة حقًا”، مؤكدا أن الشبكة ستدفع رسوما مالية للناشرين.
زوكربيرج لم يشر إلى أن Facebook سيعزل كل الأخبار في علامة التبويب الجديدة؛ لكنه سينشىء قسمًا للأشخاص الذين يرغبون في استخدام Facebook كقارئ أخبار متخصص.
وأوضح أن طريقة عرض الأخبار ستكون في جزء منفصل عن الصفحة الرئيسية، وهو يشبه كثيرا نظام Watch الموجود بالفعل على FACEBOOK وخدمة آبل نيوز Apple News والتي تستخدم محررين بشريين لاختيار القصص التي يتم إرسالها بعد ذلك إلى عشرات الملايين من مستخدمي آبل.
لم يذكر زوكربيرج أي خطط لفرض الرسوم على عملاء Facebook الذين سوف يقرؤون القصص الإخبارية على القسم الجديد بالموقع، ولا تزال هذه النقطة محل خلاف حتى الأن على ما يبدو، رغم أن أحد الخبراء بالشبكة قال في تصريحات خاصة لموقع VOX في حزيران/يونيو الماضي إن علامة تبويب الأخبار ستكون مجانية للمستخدمين، مؤكدا: “هذه ليست لعبة إيرادات لنا”.
أما فيما يخص الدفع للناشرين، قد لا يلتزم Facebook بفكرة الدفع بشكل مباشر، وقد ينتهي به الأمر إلى محاولة إغراء الناشرين بعائدات الإعلانات، مدعومة بالحد الأدنى من الضمانات، وفقًا لمصدر أخر بشبكة Facebook صرح لموقع VOX حول هذا الأمر، وقال إن الشركة تتوقع تشغيل علامة تبويب الأخبار بحلول نهاية عام 2019.
يقول زوكربيرج في مقطع الفيديو الخاص به: “أحد الأشياء التي كنت أفكر فيها على Facebook هو كيفية القيام بذلك حتى يتمكن الأشخاص الذين يستخدمون خدماتنا ويريدون الحصول على المزيد من محتوى الأخبار من فعل ذلك”.
وكما يلاحظ زوكربيرج في تعليقاته، فهو ليس متأكدًا مما إذا كان يتعين على Facebook تنسيق مزيج من الأخبار للمستخدمين أو السماح لهم باختيار معظم ما يريدون رؤيته. يناقش المسؤولون التنفيذيون على Facebook حاليًا ما إذا كانوا بحاجة إلى تعيين فريق من المحررين للمساعدة في إدارة الخاصية الجديدة.
“جيسبير دوب” مدير شراكات الأخبار بـ FACEBOOK قال في هذا الصدد خلال حديثه بقمة GEN Summit في منتصف حزيران/يونيو الماضي، إن Facebook يبحث بذلك عن طرق جديدة لمساعدة المؤسسات الإخبارية على منافسة المحتوى المنشور على المنصة، مؤكدا أن الخيار الذي تدرسه الشركة بتوفير مساحة مخصصة للأخبار على Facebook، هدفه دعم الصحافة المستقلة، وقال دوب “نريد دعم الصحافة المستقلة” ، مضيفًا: “إننا نعمل أيضًا مع منظمات مثل RISJ لإيجاد طرق أفضل لدعم الصحافة ، وخاصة الأخبار المحلية”.
وأكد دوب أن FACEBOOK سيضع قائمة بمصادر الأخبار الموثوق بها، بالإضافة إلى محتوى click bait النشط.
وقال دوب: “نتطلع إلى التعامل مع المراسلين الموثوق بهم والمؤسسات الإخبارية، الأمر لا يتعلق فقط بصحيفة نيويورك تايمز أو دير شبيجل، بل ننظر أيضًا إلى الصحفيين الأفراد “.
وتعتمد الشبكة على مجموعة من الخبراء من مجالات مختلفة، مثل الأكاديميين والصحفيين والمحامين، لتحديد مصداقية مصادر الأخبار، وهو نفس ما ألمح إليه زوكربيرج عندما قال: إن الأخبار ستكون عالية الجودة من حيث ناشريها أو من حيث الجهات ذات الثقة عند الكثير من المستخدمين حتى تحظى بأعلى درجات المصداقية.
لا يوجد جدول زمني واضح حتى الأن، لهذه الخاصية الجديدة، يحدد موعد خروجها للنور، لكن Journalism.co.uk تؤكد أن الأمر سيستغرق ما بين ثلاثة إلى ستة أشهر على الأقل لخروج المشروع للعلن في الولايات المتحدة، على أن تقوم الدول الأخرى باختبار الأدوات بعد ذلك.
يتوقع الخبراء أن تحُدث هذه الخاصية ثورة في عالم النشر والصحافة، حيث يستطيع الناشر، سواء كان مؤسسة أو فرد، في مشاركة محتواه الخبري مع ملايين القراء حول العالم، ويتقاضى أجرًا عادلاً مقابل هذه الأخبار، مع الاحتفاظ باستقلالية تامة.
وتشير التوقعات أن هذه الخاصية الجديدة ستكون أكثر رواجا في الدول التي تعاني من الأزمات والحروب وغياب الديمقراطية، وانتشار القمع وانتهاك الحريات، دول الشرق الأوسط على سبيل المثال، حيث تعاني وسائل الإعلام والصحف داخل هذه الدول من عدم الاستقلالية وانخفاض سقف الحرية، التي لا تزدهر الصحافة بدونها.
بجانب أن هذه الخاصية قد تساهم بشكل كبير في محاربة ظاهرة الأخبار الزائفة والشائعات، التي تنتشر كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي، وتتسبب في البلبلة وإثارة المشاعر والتحريض.