عارضة أزياء “تهز” لبنان
نام الشارع اللبناني، يوم أمس الإثنين، على واقعة “الفضيحة” التي أثارتها صحيفة أمريكية حول المزاعم بقيام رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري بدفع 16 مليون دولار لعارضة أزياء جنوب أفريقية كانت تجمعهما علاقة خاصة.
لعل الأمر يعتبر شخصيا وليس بهذه الأهمية في ظل الظروف التي يعيشها لبنان، لكن التوقيت المعتمد لتسريب هذه الفضيحة جاء كالصاعقة على اللبنانيين بعد نشوب أزمة مالية مرتبطة بسعر صرف الليرة اللبنانية وبالتالي فإن الهدف الأساسي من التسريب هو توجيه رسالة مباشرة للحريري ليفكر بمستقبله السياسي.
موضة الاستقالات بعد الفضائح
ليست هي الحادثة الأولى من نوعها في العالم، فقد شهدت الولايات المتحدة الأمريكية الكثير من الحوادث المماثلة في السنوات الأخيرة وبسيناريوهات مختلفة وكان أبرزها استقالة وزير العمل الأمريكي، ألكسندر أكوستا، بعد اتهامه بصفقة قضائية مع ملياردير متهم بارتكاب مخالفات جنسية بحق قصر.
قضايا كثيرة من هذا النوع شملت بلدانا عدة منها أستراليا باستقالة نائب رئيس الحكومة بفضيحة جنسية مرورا بهولندا التي أطاحت بوزير العدل بعد تقرير فاضح له وصولا إلى لبنان ونشر تقرير خاص برئيس الحكومة سعد الحريري في وقت يمر الأخير في ظروف اقتصادية صعبة خسر في سنواته الأخيرة ما جناه الأب خلال عهده.
بعد إقفال قناة وصحيفة “المستقبل” وبيع أسهم “أوجيرو” تتوالى ضربات الإحراج الشخصي للحريري من أقرب الناس والحلفاء بدءا بحادثة الاحتجاز في الرياض والأخبار المتداولة عن تعرضه لتصرفات مذلة هناك وصولا إلى قضية اليوم التي قد تكون ورائها شخصيات مقربة منه وتريد إنهائه سياسيا بعدما أن أصبح في وضع مالي لا يحسد عليه.
الصحيفة التي تتمركز في الولايات المتحدة ليست ببعيدة عن مركز القرار الأمريكي في واشنطن وبالتالي يمكن لأي إنسان التحليل والتفكير واستنتاج المسؤول عن “الفضيحة” ومصلحة من هي العليا في نشر أخبار وفضائح من هذا النوع ظنا منهم أن هذا الأمر يمكن أن يدفع أي رئيس حكومة في أي بلد في العالم إلى الاستقالة.
ضرب شعبية الحريري
لا شك أن الأحداث الأخيرة ستكون صعبة على الحريري نفسه خصوصا أن المبلغ المزعوم قادر على فعل بعض “المعجزات” في لبنان خصوصا مع الأزمة المالية التي يشهدها لبنان والتي تأثر بها اللبنانيون وبات وضعهم المادي في خطر كبير ومن ضمنهم أنصار “التيار الأزرق” الذي يعد من الطبقات الشعبية الفقيرة المنتشرة في بيروت وطرابلس وعكار وغيرها من المدن.
إحراق صور الحريري في طرابلس والنقمة الشعبية في مختلف المناطق وانتشار خبر “الفضيحة” والمبلغ المالي الكبير سيبقى في ذاكرة اللبنانيين لعقود طويلة، كما سيتذكره الحريري في كل لحظة تأمل بعد نزوله عن عرش الحكومة اللبنانية ومغادرة القصر في بيروت إلى مكان هادئ يعيد فيه ذكريات نجاحات وإنجازات أبيه التي لم يتبق منها شيئا.
فهل ستهز “العارضة” الكرسي الحكومي في لبنان؟
(المقال يعبرعن رأي كاتبه)