هل للعراق مصلحة في فتح معبر القائم – البوكمال ؟ محلل امني يجيب
رصد هذه الخطوة يساعد في تحليل أبعادها، ويحاول استشراف آفاقها، والمدى الذي يمكن أن يبلغه التنقل العسكري الإيراني بريا عبر هذا المنفذ الذي يخالف تصريحات ترامب وإسرائيل بضرورة إبعاد حتى حلفاء إيران عن الحدود العراقية – السورية، ومنعهم من إقامة مخازن أسلحة في مناطق قريبة إلى هذه الحدود، ومنع وصول أي شحنات أو معدات إلى حزب الله في لبنان، خاصة بعد أن أصبحت الحدود العراقية – السورية اليوم مفتوحة عند معبر البوكمال على نحو يمكن أن يجعلها معبرا لهذه الأسلحة.
ومن المهم، هنا، الابتعاد عن اختبار مدى جدية تهديدات ترامب والطائرات الإسرائيلية باستهداف الحركات العسكرية في المنطقة.
سوريا هي منفذ العراق على البحر المتوسط، ومن المتوقع أن يتم تنفيذ العديد من الاتفاقيات الاقتصادية بين البلدين، من بينها اتفاقية نفطية تسمح بإعادة ضخ النفط العراقي عبر الأراضي السورية، فضلا عن تفعيل اتفاقيات التعاون في مجالي: النفط والغاز، ومد أنبوب نفط من كركوك إلى بانياس، وأنبوب غاز من حقل عكاز إلى الشبكة السورية.
وقد مثـل التناحر عـلى النفـط في سـوريا أحد أهـم محاور الصراع منذ عام 2013، خاصـة عقـب الرفـع الجـزئي للحظـر الـذي فرضـه الاتحـاد الأوروبي عـلى تصديـر النفـط السـوري في أواخـر شـهر نيسان 2013.
وتتركـز بؤر الصراع في سـوريا في مناطق شـمال شرق سـوريا؛ نتيجة ثرائها بحوالي 85 % مـن احتياطـي النفط السـوري، خاصة الرميـلان التي تنتج ثلث الإنتـاج النفطـي في سـوريا، وحقول: دير الزور، والحسـكة، والرقـة، والميادين، والبوكمال…
نجح الجيش السوري بمساعدة الفصائل الشيعية الموالية لإيران في إرجاع مدينة دير الزور وجزء كبير من مناطق غرب الفرات، ويسعى اليوم إلى لحصول على حقول “العمر” الغنية بالنفط، التي تشكل 50 بالمئة من الإنتاج السوري، والتي تقع إلى الشمال من نهر الفرات بين مدينتي: الميادين والبوكمال.
وعلى الصعيدين المحلي والوطني السوري، سيكون افتتاح معبر القائم/البوكمال حاسم الأهمية في مساعدة دمشق على تأمين الحاجة الماسة للوقود، وقطع الطريق على القبائل العربية السنية الموالية لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في المنطقة.
ومن المنطقي أن تتقدم قوات الجيش السوري إلى الحدود العراقية؛ وبالتالي، فإن الفصائل العربية السنية المدعومة من الولايات المتحدة لن تتمكن من الوصول إلى منطقة وادي الفرات الأدنى بين دير الزور والبوكمال، وسيعمل الجيش السوري وحلفاؤه من: “الفاطميون، وحيدريون، والأبدال، وكتائب حزب الله العراقية” بحزم؛ لمنع قوات سوريا الديمقراطية من الوصول إلى معبر القائم/البوكمال؛ لأن وصول حلفاء أميركا إلى المعبر سيقطع الطريق بين مدينة دير الزور والحدود العراقية، وتاليا سوف يقطع طريق طهران – بيروت، ويعقد أيضا طموح الإيرانيين في إنشاء ممرهم البري إلى البحر الأبيض المتوسط، والالتفاف على العقوبات الاقتصادية الأميركية.
إن العلاقات السورية – العراقية تندرج في إطار المساهمة بتحقيق الاستقرار والازدهار للمنطقة، وهذا ما يعمل العراق على إنجازه مع جواره: العربي، والإيراني، والتركي، وما يتم رسمه من تعاون اقتصادي إقليمي بين هذه الدول سيؤسس لمستقبل أفضل في المنطقة بأكملها.
إن حجم التبادل التجاري بين سوريا والعراق ارتفع عام 2008 الى 800 مليون دولار بحيث كان ثلثي المبلغ لمصلحة سورية والثلث الأخير لمصلحة العراق، منها 600 مليون صادرات سورية إلى العراق و205 ملايين دولار واردات، وتصدرت: الألبان، والخضار، والفواكه، والأقمشة، قائمة الصادرات السورية للعراق، في حين شملت الواردات السورية من العراق: الجلود، والتمور، والوقود، والمشتقات النفطية.
معبر القائم/البوكمال يقع في منطقة ساخنة غير مستقرة؛ حيث تعتقد أميركا وإسرائيل أن إيران وحزب الله يعمـلان على بناء قاعدة كبيرة ” قاعدة الإمام علي” في البوكمال، وإنشاء مصانع تعمل عـلى تطـوير صـواريخ الفاتح – 110 وصواريخ زلزال -2، التي تتمتع بمقدرة دقة لمسافة عشرة أمتار من الهدف.
وإن هذه القاعدة قادرة على استيعاب آلاف الجنود الإيرانيين. وذكرت التقارير عن المرصد السوري لحقوق الانسان أن هناك عمليات قصف من قبل طائرات إسرائيلية ضد تجمعات الفصائل غير السورية المواليـة لإيـران في منطقة البوكمال الحدودية منذ حزيران 2018 ولغاية آب 2019 تكررت 5 مرات، وقد أوردت وكالات أخبارية عديدة أنباءا عـن انفجـارات شديدة دمّرت البنى التحتية لقاعدة “الإمام علي” والحي الصناعي في منطقة البوكمال، وأن الهجمات أوقعت خسائر في الأروح، وأضرار مادية.