المجلس الاعلى يطالب بضرب حيتان الفساد الكبيرة ويحذر من ” الفوضى ” وتجار الفتن والتخريب
*بيان المجلس الأعلى الإسلامي العراقي في الذكرى ال39 لتأسيسه*
تمر علينا هذه الأيام الذكرى ال39 لانطلاقة المجلس الأعلى الإسلامي العراقي في الأول من شهر صفر 1403 هجرية، والذي تم إعلان ولادته استجابة لنداء مفجر الثورة الاسلامية الشهيد آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر (قدس سره)، ليكون عنوان الجهاد والمقاومة لتحرير العراق من النظام الصدامي الديكتاتوري المستبد، مستلهمين قيم ومباديء الثورة الحسينية الخالدة.
وإننا اليوم لنستذكر بكل فخر واعتزاز الرعيل الأول من العلماء والقادة المجاهدين ممن كان لهم شرف تأسيس وقيادة هذا الكيان، وفي مقدمتهم آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره) الذي تولى قيادة المجلس في ظروف بالغة التعقيد، وصنع من مسيرته الجهادية تاريخا مشرفا وحافلا بالإنجاز.
لقد حرص المجلس الأعلى الإسلامي على تقديم رؤية واقعية مدروسة وعميقة، تستشرف المستقبل، وقدم من خلالها المبادرات الناجحة والخطوات الحكيمة بانفتاحه وتعاونه مع جميع الخيرين والحريصين على العراق، وكانت كفيلة برسم خطوات جادة ومتقدمة نحو الهدف الوطني، بدء من المواجهة في الداخل وزعزعة اركان النظام القمعي، وكسر شوكته، ثم إسقاطه في 2003، والشروع ببناء الدولة العراقية الحديثة ونظامها الديمقراطي، وإزالة مخلفات العهد البائد.. ورغم كل ما واجهه العراق من تحديات إرهابية وفتن لعرقلة مسيرة إعادة بنائه ونهوضه مجددا، فإن المجلس الأعلى واصل حراكه الوطني، ودوره الفاعل في العملية السياسية، مهتديا بتوجيهات المرجعية الرشيدة وتطلعات أبناء شعبنا المظلوم.
إن المجلس الأعلى ينتهز المناسبة لتأكيد رؤيته السياسية تجاه المرحلة الراهنة، وما يواجهه الوطن من تحديات، وفقا لما يلي: أولا- يتمسك المجلس الأعلى بتحقيق السيادة الوطنية الكاملة، ورفض انتقاصها بأي تواجد عسكري أجنبى، تحت أي مسوغ كان، أو أي تدخل خارجي بشؤونه الداخلية، أو فرض املاءات من أي طرف دولي على حكومته الوطنية. ونؤكد أن السيادة الكاملة لا تتحقق بغير وحدة أبناء الشعب بمختلف فئاتهم وانتماءاتهم، وحرصهم على حفظ تاريخ العراق ومكانته وكرامة شعبه، وتضحياته الجسيمة للدفاع عن أمنه وسيادته ومقدساته.
ثانيا- يؤكد المجلس الأعلى على أولوية مكافحة الفساد بكل أشكاله، وإعادة فرض هيبة الدولة وسيادة القانون، وملاحقة المتجاوزين على المال العام، وتحقيق العدالة والمساواة. ويشدد على ان جميع من تولى السلطة وشارك فيها، ومن كل الاطياف والمكونات السياسية (سنة، شيعة، كرد، وغيرهم) يتحملون مسؤولية تداعيات الواقع الراهن بقدر تحمل كلا منهم المناصب، سواء نجم هذا الواقع عن فشل أو فعل مقصود، أو أدوار خبيثة سعى أصحابها لاستغلال الاعلام في مهاجمة الرموز والقوى الوطنية المخلصة، وتضليل الرأي العام عن حيتان الفساد، وتجار الفتن والتخريب.. أو أولئك الذين شوهوا حركة الاصلاح والتظاهرات الشعبية التي دعمتها المرجعية، وحاولوا جرفها بعيدا عن مطالبها وأهدافها الوطنية النبيلة.. بجانب الأيادي الخارجية التي أسهمت بشكل أو بآخر في غرس الفساد ومحاولة زعزعة العملية السياسية واضعاف هيبة الدولة بالفوضى.
وأننا إذ نثمن الخطوات التي شرعت بها حكومة السيد مصطفى الكاظمي في مكافحة الفساد، نأمل أن يكون أكثر جرأة وإقداما، وأن يصب الجهد الحكومي في ضرب حيتان الفساد الكبيرة قبل زعانفها، وأن لا يستغل هذا الملف في الابتزاز الاعلامي، بما يفتح المجال للتضليل والإساءة والتسقيط في وقت نحرص فيه على سيادة القانون وبناء دولة المؤسسات.
ثالثا- يؤكد المجلس ان مسؤولية تجاوز تحديات المرحلة الراهنة مناطة بدرجة أساسية بالسلطات الثلاث ضمن أفق متكامل، ابتداء من مجلس النواب الذي يتحمل مسؤولية اكمال تشريع قانون جديد للانتخابات، وإيجاد مفوضية مهنية مستقلة تكفل نزاهة العملية الانتخابية ونجاحها.. ثم مسؤولية الحكومة في إعادة هيبة الدولة وفرض القانون، والعمل خارج الأجنحة الحزبية، بعيدا عن المحاصصة، وفي خدمة المجتمع ومطالبه المشروعة، ورفع الظلم عن المناطق المحرومة. وصولا الى مسؤولية القضاء في ان يكون أكثر شجاعة واستقلالية ومهنية في محاسبة الفاسدين والعابثين بالأمن وتحقيق العدالة والمساواة.. كما تقع على عاتق شعبنا مسؤولية الاختيار الواعي للنزيهين والكفوئين، والامناء على آماله وتطلعاته، وإلاسهام في دفع عجلة التغيير.
رابعا– يؤكد المجلس امتنانه لكل التضحيات التي قدمتها القوات الامنية والحشد الشعبي دفاعا عن سيادة العراق ومقدساته، ويعتبر المرجعية العليا والحشد الشعبي المنبثق عن فتواها الجهادية صمام أمن العراق، ويتوجب الحفاظ على هذه القوة المضحية، وتعزيز قدراتها العسكرية تحت سلطة القائد العام للقوات المسلحة، وايلاء أسر الشهداء والجرحى جل الاهتمام والرعاية الرسمية.
خامسا- يتطلع المجلس الأعلى الى علاقات طيبة ومتوازنة مع محيطة الاقليمي ثم الدولي، قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وعدم التدخل بشؤون الغير. وتعزيز علاقات العراق ضمن المنظومتين الاسلامية والعربية. في نفس الوقت الذي يؤكد على موقفه الثابت تجاه القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في إعلان دولته وعاصمتها القدس، ورفض كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني.
وختاما، يؤكد المجلس الأعلى مواصلة مسيرته بذات الهمة والرؤية العالية التي انطلق بها قبل 39 عاما، مستلمها فكر وقيم قادته شهيد المحراب وعزيز العراق، والمضي قدما في دعم حركة التصحيح والتغيير والوقوف مع الحراك الشعبي والمطالب المشروعة للمتظاهرين في بناء عراق حر مستقل، مقتدر، مزدهر، وينعم فيه ابناءه بحياة كريمة.
رحم الله شهداء العراق، ووفق الجميع لما فيه خير هذا الوطن وازدهاره وعزة أبنائه الغيارى.. وعلى الله فليتوكل المتوكلون.
المجلس الأعلى الإسلامي العراقي
29 محرم 1442 هجرية
18 أيلول 2020 ميلادية