تحرك عراقي لتشكيل تكتل دولي بشأن استرداد الأموال وتسليم المدانين
أعلنت هيئة النزاهة، اليوم الاثنين، تقديمها مقترح لإقامة مؤتمر دولي في العاصمة بغداد يهدف إلى تأليف تكتل دولي ضاغط على الدول الممتنعة عن التعاون في مجال استرداد الأموال والمدانين بقضايا فساد، فيما كشفت عن الرقم التقريبي للأموال المحكوم بإستردادها.
وقال رئيس الهيئة القاضي علاء الساعدي، في حوار خاص مع مجلة كهرمانة التابعة لهيئة النزاهة، إن “هناك العديد من المعوقات التي تعترض استرداد الأموال والمدانين بقضايا الفساد من خارج العراق رغم العمل الإستثنائي الذي تقدمه الجهات المعنية بالعراق وفي مقدمتها هيئة النزاهة”.
وأضاف الساعدي، أن “هناك اعتراضات من قبل الدولة التي يتواجد بها المطلوبين في مختلف صفاتهم سواء كانوا (وزراء، محافظين، مدراء عامين) وغيرهم رغم صدور أحكام قضائية بحقهم من قبل القضاء العراقي”، مشيراً إلى أن “فحوى تلك الإعتراضات التي تسوقها الدول الحاضنة للمطلوبين تكون لأسباب عدة منها حمايتها لذلك المطلوب من خلال منحه جنسيتها أو دفعها بوجود دوافع سياسية لإسترداده”.
ولفت إلى أن “هناك اعتراضات تكون أحياناً على أسباب فنية كعدم صدور قوانين في تلك الدولة تسمح بتسليم المتواجدين على أراضيها إلى دول أخرى، أو عدم اكتمال ملف التسليم بحسب وجهة نظرها رغم تأكد استكمال الإجراءات الخاصة بالملفات من قبل الجهة الطالبة”.
ونوه إلى أن “الهيئة عملت على إيجاد وسائل غير تقليدية بغية إنجاح جهودها الوطنية لاسترداد الأموال والمدانين في قضايا الفساد، ومن بين تلك السبل تنفيذ توصيات مؤتمر بغداد الدولي حيث شرعت بوضع خطة لتنفيذ مخرجات المؤتمر المنعقد في بغداد (15-16 أيلول 2021) والتي كان في مقدمتها إيجاد وسائل غير تقليدية لإسترداد الأموال بالتعاون مع كل من وزارة الخارجة وعدد من دوائر الهيئة”.
وأشار إلى أن “الهيئة بدأت بالعمل على تفعيل الدعم الحكومي في الجانبين السياسي والدبلوماسي لمتابعة ملفات استرداد أمول الفساد المهربة خارج العراق، فيما سيتم بحث ودراسة قوانين بعض الدول بشكل معمق بغية إيقاع الحجز على أموال الفساد في الخارج والتواصل مع الجهات الدولية المعنية من أجل استردادها”.
وأكد الساعدي، أن “حراكاً فاعلاً على جميع الصعد سواء الإقليمية منها أو الدولية من أجل تأليف تكتل دولي ضاغط على الدول الممتنعة عن التعاون في مجال استرداد الأموال والمدانين بقضايا فساد”، لافتاً إلى أن “الهيئة قدمت مقترحاً لتنظيم مؤتمر دولي للهيئات والمؤسسات المختصة بمكافحة الفساد المالي والإداري في العاصمة بغداد من أجل تبني المشاركين في المؤتمر لمشروع العراق الداعي إلى تأليف ذلك التكتل الدولي الضاغط وتفعيل العمل فيه وتنفيذه على أرض الواقع”.
وأردف بالقول: “عازمون على إقامة ذلك المؤتمر في العاصمة بغداد”، مبيناً أن “مهمة الإعداد والتنسيق لتنظيم المؤتمر أحيلت إلى لجنة مؤلفة من عدد من الدوائر المختصة وذلك بالتنسيق مع عدد من المنظمات الدولية الراعية والمساهمة فيه”.
وتابع رئيس الهيئة، أن “الإستجابة لطلبات المساعدة القانونية المتعلقة بحصر أموال الفساد المهربة واستردادها إلى العراق وملاحقة المطلوبين دولياً متباينة من دولة إلى أخرى”، مشيراً إلى أن “مستوى استجابة الدول لتلك المطالب يرتبط بأمور عدة منها مدى موائمة قوانين الدولة المطلوب منها تقديم المساعدة أو التسليم للبنود والاتفاقيات الدولية والاقليمية، وكذلك مستوى العلاقات وتبادل المصالح بينها وبين العراق، بالإضافة إلى مستوى الجهد الدبلوماسي المبذول”.
وبين القاضي الساعدي، أن “قانون الهيئة النافذ رقم 30 لسنة 2011 المعدل، أناط بدائرة الإسترداد مهمة متابعة واسترداد أموال ومحصلات الفساد المهربة إلى خارج العراق ما بعد سنة 2003، اما الأموال المنهوبة والتي تعود لحقبة النظام السابق فهي من اختصاص صندوق استرداد أموال العراق من الخارج وذلك استناداً إلى القانون رقم 9 لسنة 2012 المعدل”.
ولفت إلى أن “الرقم التقريبي للأموال ومتحصلات الفساد المهربة والتي تم تحديدها بموجب قرارات قضائية صادرة عن محاكم الموضوع (محاكم الجزاء، محاكم البداءة) والتي تلزم المدان الهارب بأداء مبالغ الضرر التي ألحقها بالمال العام أو التي استولى عليها بغير حق، إلى الجهة المتضررة جراء فعله الإجرامي، يطلق عليها تسمية (الأموال المحكوم بإستردادها)، وتبلغ قيمتها الإجمالية التقريبية أكثر من مليار و416 مليون دولار”.
وأشار إلى “النجاح الأخير الذي تحقق باسترداد أكثر من 9 ملايين دولار في قضية المدانة (زينة سعود) الموظفة السابقة في أمانة بغداد”، مشيداً بـ”الجهود الحثيثة التي افضت من خلال المتابعة المتواصلة الى استرداد تلك الأموال”.
واستعرض الساعدي، “تفاصيل القضية التي بدأت في سنة 2009 بعد كشف الهيئة إقدام المدانة على تهريب الأموال خارج العراق وتحديداً إلى المملكة الأردنية وجمهورية لبنان، مضيفاً: “ولأجل ذلك صدر أمر قبض بحقها حيث نجحت الهيئة باستردادها ليصدر القضاء العراقي قراره المرقم 3626 \ ج 3\2012 بحقها بتاريخ 5\12\2012 والمتضمن الحكم بالسجن المؤبد بحقها ومصادرة أموالها المنقولة وغير المنقولة والبالغة 9 ملايين و384 ألفاً و499 دولاراً”.
وتابع، أن “الهيئة حصلت في القضية ذاتها على ضمانات من الجانب الأردني لإعادة مبلغ 5 ملايين و700 ألف دولار، تم تهريبها من قبل المدانة إلى المملكة”، نافياً “وجود أي مانع قانوني يمنع تنظيم ملف دولي لاسترداد أموال الفساد المهربة للخارج حتى وإن كان المتهم أو المدان بتهريبها متواجداً داخل الأراضي العراقية”.
وأوضح، أن “دائرة الاسترداد وبحسب اختصاصها المحدد بالمادة (10/سابعاً) من قانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع رقم 30 لسنة 2011 المعدل، تقوم بتنظيم ملفين أحدهما يتعلق بملاحقة المطلوب دولياً بغية استرداده، والآخر لملاحقة أموال الفساد المهربة للخارج”.
وأكد، أن “تأليف المحاكم الدولية التحقيقية أمر بالغ الصعوبة في الوقت الحاضر”، عازياً ذلك لأسباب عدة في مقدمتها “صعوبة الوصول إلى التوافق الدولي المطلوب لإقامة هذه المحاكم، إذ من الصعب الوصول إلى مثل هكذا توافق في الوقت الحاضر كون اللجوء إلى القضاء الدولي في هذه القضايا لازال غير مطروح، ولا سيما أن هناك العديد من الوسائل الدولية الخاصة بالنزاعات في مثل هكذا قضايا”.